شرح أذكار السجود وسجود التلاوة

دُعَاءُ السُّجُودِ

«(سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى) (ثَلاثَ مَرَّاتٍ)»

صحابي الحديث هو حذيفة بن اليمان

قوله: (سبحان ربي الأعلى) أي: أنزهه وأقدسه عن كل النقائص.

قوله: (ثلاث مرات) أي: يقولها ثلاث مرات.

ويستحب أهل العلم ألا ينقص الإنسان في الركوع والسجود من ثلاث تسبيحات، بل يزيد على ذلك.

والحكمة في تخصيص الركوع بالعظيم والسجود بالأعلى؛ أن السجود لـمَّا كان فيه غاية التواضع، لما فيه من وضع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام كان أفضل من الركوع، فحسن تخصيصه بما فيه صيغة أفعل التفضيل، وهو الأعلى بخلاف العظيم.

«(سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي)»

«(سُبُّوحٌ، قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ)»

«(اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الـخَالِقينَ)»  صحابي الحديث هو علي بن أبي طالب

قوله: (وشق سمعه وبصره) من الشَّق – بفتح الشين – أي: فلق وفتح، والشِّق – بكسر الشين – نصف الشيء.

قوله: (أحسن الخالقين) أي: المقدرين والمصورين.

«(سُبْحَانَ ذِي الـجَبَرُوتِ، والـمَلَكُوتِ، والكِبْرِيَاءِ، والعَظَمَةِ)»

«(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلّهُ، وَأوَّلَهُ وآخِرَهُ، وعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّهُ)»

صحابي الحديث هو أبو هريرة

قوله: (دِقَّه) أي: قليله

قوله: (جِلّه) أي: كثيره

قوله: (دقه وجله) إلى آخره، تفصيل بعد إجمال؛ لأنه لما قال: (اغفر لي ذنبي كله) تناول جميع ذنوبه مجملاً، ثم فصله بقوله: دقه وجله وهذا أعظم بالاعتراف والإقرار بما اقْتُرِفَ.

«اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوْذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»

صحابية الحديث هي عائشة

قال الخطابي – رحمه الله -: (استعاذ رسول الله، وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والمؤاخذة بالعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له استعاذ به منه لا غير.

ومعنى ذلك: الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب في حق عبادته، والثناء عليه)

قوله: (أعوذ بك منك) أي: أعوذ بك من سخطك، أو من عذابك.

قوله: (لا أحصي ثناء عليك) أي: لا أطيقه ولا أبلغه.

قوله: (أنت كما أثنيت على نفسك) اعتراف بالعجز عن الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته، فكما أنه لا نهاية لصفاته فكذلك لا نهاية للثناء عليه؛ لأن الثناء تابع للمثنى عليه.

فكل ثناء أثنى به عليه – وإن كثر، وطال، وبالغ فيه – فقدر الله أعظم، وسلطانه أعز، وصفاته أكثر وأكبر، وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ.

دُعَاءُ الجَلسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَينِ

«(رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي)» .

صحابي الحديث هو حذيفة بن اليمان

جاء في صلاة النبي في الليل، وقيامه الطويل بالبقرة، والنساء، وآل عمران، وركوعه الذي هو نحو قيامه، وسجوده نحو ذلك..، وأنه كان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ويجلس بقدر سجوده.

وهذا يدل على أنه كان يقول: (رب اغفر لي) أكثر من المرتين المذكورتين في الحديث، بل كان يكرر ويلح في طلب المغفرة.

«(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَاجْبُرنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي، وارْفَعْنِي)»

صحابي الحديث هو عبدالله بن عباس رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

قوله: (اللهم اغفر لي) أي: ذنوبي أو تقصيري في طاعتك.

قوله: (وارحمني) أي: من عندك لا بعملي، أو ارحمني بقبول عبادتي.

قوله: (واهدني) أي: وفقني لصالح الأعمال.

قوله: (واجبرني) من جبر العظم المكسور، لا من الجبر الذي هو القهر؛ والمعنى: أن تسدّ مفاقري، وتغنني.

قوله: (وعافني) أي: من البلاء في الدارين، أو من الأمراض الظاهرة والباطنة.

قوله: (وارزقني) أي: بفضلك وَمَنّك.

قوله: (وارفعني) أي: في الدارين بالعلم النافع والعمل الصالح.

دُعَاءُ سُجُوْدِ التِّلاوَةِ

«(سَجَدَ وَجْهِيَ للَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْـخَالِقِينَ)»

صحابية الحديث هي عائشة رَضِيَ اللهُ عَنهَا.

قوله: (للذي خلقه وشق سمعه وبصره) تخصيص بعد تعميم؛ أي: فتحهما وأعطاهما الإدراك.

قوله: (بحوله) أي: بتحويله وصرفه الآفات عنهما.

قوله: (وقوته) أي: قدرته بالثبات والإعانة عليهما.

«(اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أجْراً، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرَاً، واْجعَلْهَا لِي عِنْدِكَ ذُخْراً، وتَقَبَّلَهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ)»

صحابي الحديث هو عبدالله بن عباس رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

قوله: (اللهم اكتب لي) أي: أثبت لي بها – أي: السجدة – (أجراً)

قوله: (وضع) أي: حُطَّ.

قوله: (وزراً) أي: ذنباً.

قوله: (ذخراً) أي: كنزاً، وقيل: أجراً؛ وكرر لأن مقام الدعاء يناسب الإطناب، وقيل: الأول طلب كتابة الأجر، وهذا طلب بقائه سالماً من محبط أو مبطل.

قوله: (كما تقبلتها من عبدك داود) حين خَرَّ رَاكِعًا وَأَنَاب)؛ وهو طلب القبول المطلق.

قال ابن حزم – رحمه الله – في (المحلى): (في القرآن أربع عشرة سجدة؛ أولها في آخر ختمة سورة الأعراف، ثم في الرعد، ثم في النحل، ثم في سبحان [أي: الإسراء]، ثم في كهيعص [أي: مَريم]، ثم في الحج في الأولى، وليس قرب آخرها سجدة، ثم في الفرقان، ثم في النمل، ثم في ألم تنزيل [أي: السجدة]، ثم في ص، ثم في حم فصلت، ثم في والنجم في آخرها، ثم في إذا السماء انشقت عند قوله تعالى (لا يسجدون)، ثم في اقرأ باسم ربك في آخرها).

قال المصحح: والصواب: أن السجدات في القرآن خمس عشرة سجدة؛ لأن سورة الحج فيها سجدتان؛ لحديث عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله، فُضِّلت سورة الحج بسجدتين؟ قال: (نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما)

قال ابن قدامة في (المغني): (يشترط للسجود ما يشترط لصلاة النافلة؛ من الطهارتين من الحدث والنجس، وستر العورة، واستقبال القبلة، والنية، ولا نعلم فيه خلافاً، إلا ما رُوي عن عثمان بن عفان في الحائض تسمع السجدة تومئ برأسها، وبه قال سعيد ابن المسيب، قال: ويقول: اللهم لك سَجَدتُ..، وعن الشعبي فيمن سمع السجدة على غير وضوء: يسجد حيث كان وجهه، ولنا قول النبي: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور)؛ فيدخل في عمومه السجود، ولأنه صلاة فيشترط له ذلك كذات الركوع). أ.هـ.

وقال الشوكاني – رحمه الله – في (النيل): (ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئاً، وهكذا ليس في الأحاديث ما يدل على اعتبار طهارة الثياب والمكان، وأما ستر العورة، واستقبال القبلة مع الإمكان؛ فقيل: إنه معتبر اتفاقاً، قال ابن حجر في (الفتح): لم يوافق ابن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي، أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح، وأخرج أيضاً عن أبي عبدالرحمن السلمي أنه كان يقرأ السجدة ثم يسجد وهو على غير وضوء إلى غير القبلة، وهو يمشي يومئ إيماءً) انتهى بتصرف.

قلت: والأقرب إلى الصواب فيما يظهر لي؛ الأخذ بما قاله ابن قدامة ‘، والله أعلم.

وأزيد أيضاً على ما ذكره من الشروط أمراً، وهو عدم فعلها في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها.

قال المصحح: والصواب: أن سجود التلاوة لا يشترط له ما يشترط لصلاة النفل: من الطهارة عن الحدث والنجس، وستر العورة، واستقبال القبلة، ولكن يُستحب ذلك وهو الأفضل، كما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه ابن القيم، والشيخ ابن باز، وابن عثيمين رحمهم الله تعالى، أما الجنب فلا يقرأ شيئاً من القرآن حتى يتطهر؛ ولهذا كان ابن عمر، مع شدة اتباعه للسنة (ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد)


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *