{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ… بِمُؤْمِنِينَ} ولو بذلت أيها الرسول كل جهد ليؤمنوا، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات
لو علمنا أن تعداد سكان العالم في منتصف عامنا الحالي بلغ ما يزيد على ثمانية مليار نسمة، يشكل المسلمون منهم ما يقرب من مليارَي نسمة؛ أي ما يقرب من ربع عدد سكان الكرة الأرضية، أما الأرباع الثلاثة الأخرى فمنهم المسيحيون الذين يقرب عددهم من المليارين ونصف المليار تقريبًا، واليهود أربعة عشر مليونًا، ومنهم الملحدون الذين لا يؤمنون بوجود إله ولا بأي دين، وعددهم يزيد على المليار نسمة، والباقي عدة ديانات أرضية تزيد على عشر ديانات ما أنزل الله بها من سلطان، على رأسهم الهندوسية ويبلغ تعداد معتنقيها ما يزيد قليلًا على مليار نسمة، والبوذية وتعداد معتنقيها حوالي نصف مليار، وتختلف أعداد أهل كل ملة ودين من مجتمع لآخر، فضلًا عن انقسام أهل كل ملة إلى فرق تختلف فيما بينها في كثير أو قليل من الأمور التي تمس عقيدتهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقةً، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقةً، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقةً، كلها في النار إلا واحدة»، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: «من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي»، وفي بعض الروايات: «هي الجماعة»؛ (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم) ، وقال: صحيح على شرط مسلم؛ مما يشير إلى قلة عدد المؤمنين حقًّا، وهذا ما بيَّنته الآيات القرآنية في وصفها لكثير من الأقوام على مَرِّ العصور.
قال تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [إبراهيم: 9]، ألم يأتكم يا أمة محمد خبر الأمم السابقة والأمم التي بعدهم لا يحصي عددهم إلا الله، جاءتهم رُسُلهم بالبراهين والمعجزات، وقالوا لرسلهم: {إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ}، أكدوا كفرهم بما أرسل به الرسل، لا نصدق بما جئتمونا به، {وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ}، قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} [الروم: 42]، كما جاءت الآيات في سورة الشعراء ببيان قلة عدد المؤمنين في كل حين ووقت، عقب سردها لقصص الأنبياء على مَرِّ العصور، ففي قصة سيدنا نوح كما بينتها الآيات من آية 105 حتى آية 122، قال تعالى: {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 8]، كما تكرَّر نفس المعنى في الآية 40 من سورة هود، قال تعالى: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: 40]، فما آمن مع سيدنا نوح إلا قليل، مع طول المدة والمقام فيهم؛ حيث لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا. وفي قصة سيدنا هود كما بينتها الآيات من آية 123 حتى آية 140، قال تعالى: {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 139]، وفي قصة سيدنا صالح كما بينتها الآيات من آية 141 حتى آية 159 قال تعالى: {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 158]، وفي قصة سيدنا إبراهيم كما بينتها الآيات من آية 69 حتى آية 104 قال تعالى: {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 103]، وفي قصة سيدنا لوط كما بينتها الآيات من آية 161 حتى آية 175 قال تعالى: {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 174]، كما أكدت آية 36 من سورة الذاريات نفس المعنى، قال تعالى: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 36]، فما وجدنا في تلك القرية غير بيت من المسلمين، وهو بيت لوط عليه السلام. وفي قصة سيدنا شعيب كما بينتها الآيات من آية 176 حتى آية 191 قال تعالى: {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 190]، وعن سيدنا داود جاءت الآية 24 من سورة ص قال تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24] قليل ما هم الصالحون، فالظلم من صفة النفوس إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإن ما معهم من الإيمان والعمل الصالح ما يمنعهم من الظلم وقليل ما هم.
وفي قصة سيدنا موسى كما بينت الآيات من آية 10 حتى آية 68 قال تعالى: {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 67] كما أكدت آية 83 من سورة يونس نفس المعنى {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ} [يونس: 83]، فما آمن لموسى عليه السلام مع ما أتاهم به من الحجج القاطعات والبراهين الساطعات والأدلة إلا ذريةٌ من قومه من بني إسرائيل، والمراد بالذرية هنا العدد القليل.
وفي سياق حديث القرآن الكريم عن اليهود، قال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 46]، وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155]، وقال تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 88]، وقال تعالى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 100]، قال ابن كثير في تفسيره: وقد اختلفوا في معنى قوله: {فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ}، وقوله: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}، فقال بعضهم: فقليل من يؤمن منهم. وقيل: فقليل إيمانهم، بمعنى أنهم يؤمنون بما جاءهم به موسى، وكفروا بما جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي تفسير القرطبي، قال الواقدي: معناه لا يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا، كما تقول: ما أقل ما يفعل كذا! أي: لا يفعله البتة. وقال الكسائي: تقول العرب مررنا بأرض قل ما تنبت الكرات والبصل؛ أي: لا تنبت شيئًا. وعن أهل الكتاب قال تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110]، ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من عند الله، لكان خيرًا لهم في الدنيا والآخرة، منهم المؤمنون المصدقون برسالة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام العاملون بها وهم قليل، وأكثرهم الفاسقون الخارجون عن دين الله وطاعته، قال تعالى: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [المائدة: 68]، وليزيدن كثيرًا من أهل الكتاب الذي أنزل إليك من ربك طغيانًا إلى طغيانهم وكفرًا إلى كفرهم؛ لأن نفوسهم لا تميل إلى الحق والخير، وإنما تنحدر نحو الباطل والشر.
كما جاءت الآيات القرآنية مخاطبة سيدنا محمدًا عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، قال تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} [هود: 17]، جاء في تفسير السعدي: فلا تكن في شك، إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون إما جهلًا وضلالًا، وإما ظلمًا وعنادًا وبغيًا، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103].
جاء في التفسير الميسر: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ… بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] ولو بذلت أيها الرسول كل جهد ليؤمنوا، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات. وفي التفسير الوسيط: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ} إشعار بأن هناك قلة من الناس استجابت بدون تردد لدعوة النبي عليه الصلاة والسلام، فدخلت في الدين الحق عن طواعية واختيار، وقوله: {وَلَوْ حَرَصْتَ} جملة معترضة لبيان مهما بالغ النبي عليه الصلاة والسلام في كشف الحق فإنهم سادرون في ضلالهم وكفرهم؛ إذ الحرص طلب الشيء باجتهاد.
وقال سبحانه وتعالى في سورة الرعد: {المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} [الرعد: 1] هذه الآيات والقرآن الذي أنزله الله عليك أيها الرسول هو الحق الذي لا مرية فيه، ولا شك أنه من عند الله، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون به عنادًا وتكبرًا.
وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 7، 8].
في التفسير الوسيط: إن في ذلك الذي ذكرناه عن إنباتنا لكل زوج كريم في الأرض لآية عظيمة الدلالة على كمال قدرتنا وسعة رحمتنا، وما كان أكثر هؤلاء الكافرين مؤمنين؛ لإيثارهم العمى عن الهدى، والغي على الرشد.
وقال عز وجل: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} [غافر: 59]، الساعة؛ أي: القيامة لآتية، لكن أكثر الناس لا يُصدِّقون بمجيئها، ولا يعملون لها، فهم لا يؤمنون، وقال تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} [الروم: 8] إن كثيرًا من الناس لفي انشغال تام بدنياهم عن آخرتهم، ولا يؤمنون بما في الآخرة من حساب وثواب وعقاب، ومن يكفر بأي من الثوابت في العقيدة؛ كالبعث والحساب أو غيرهما كمن كفرها بأكملها، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} [الفرقان: 50] ولقد بيَّنا ونوَّعنا في القرآن الحجج والبراهين ليعتبروا بها، فأبى أكثر الناس إلا كفورًا بالحق وتنكُّرًا له، وقال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء 89: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} [الإسراء: 89]، وقال عز وجل: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 83] يعرفون نعمة الله ولكنهم ينكرونها ويجحدونها، وأكثرهم الكافرون، لا خير فيهم، وما ينفعهم توالي الآيات؛ لفساد مشاعرهم وسوء قصدهم.
ومن قبل بني آدم كان تربص إبليس بهم، قال تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 62]، وقال عز وجل: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82، 83]، وقال سبحانه وتعالى: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سبأ: 20]، ولقد ظن إبليس، ظنًّا غير يقين، أنه سيضل بني آدم، وأنهم سيطيعونه في معصية الله، فصدق ظنه عليهم، فأطاعوه وعصوا ربهم، إلا فريقًا من المؤمنين بالله، فإنهم ثبتوا على طاعة الله، قال مجاهد: على الناس كلهم إلا من أطاع الله. وفي تفسير القرطبي: قيل هذا عام أي صدق إبليس ظنه على الناس كلهم إلا من أطاع الله.
وفي النهاية لا يخرج كل هذا عن مشيئة الله سبحان وتعالى، ولو شاء الله إيمان من في الأرض جميعًا من الجن والإِنس لآمنوا كلهم، لا يشذ منهم أحد، لكن مشيئته تعالى اقتضت أن يكون الناس فريقين: فريقًا شاء الله إيمانه فيؤمن لا محالة، وفريقًا شاء الله كفره لسوءِ نيته فيكفر لا محالة. قال تعالى في سورة يونس آية 99: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99]، وبين ذلك في آيات كثيرة؛ كقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: 107]، وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13]، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35]، وقوله: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41]، وقوله: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل: 37]، وقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56]، وقوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: 23]، وقوله: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} [الرعد: 31]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 96، 97]، وقوله: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 33]. في تفسير القرطبي: أي حكمة الله وقضاؤه وعلمه السابق على الذين فسقوا؛ أي: خرجوا عن الطاعة، وكفروا وكذبوا أنهم لا يؤمنون.
____________________________________________
الكاتب: أشرف شعبان أبو أحمد
Source link