من درر العلامة ابن القيم عن النعم – فهد بن عبد العزيز الشويرخ

النعم من المواضيع التي تكلم عليها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره.

                      

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد: فالنعم من المواضيع التي تكلم عليها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره.

                     [كتاب: أعلام الموقعين عن رب العالمين]

من أعظم نعم الله على العبد: صحة الفهم, وحسن القصد:

صحةُ الفهم وحسنُ القصد من أعظم نِعم الله التي أنعم بها على عبده، بل ما أُعطي عبد عطاءً بعد الإسلام أفضل ولا أجلَّ منهما، بل هما ساقا الإسلام، فقيامه عليهما، وبهما باين العبد طريق المغضوب عليهم الذين فسد قصدُهم، وطريق الضالين الذين فسدت فهومُهم، ويصير من المنعم عليهم الذين حسُنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم.

شكر النعم المستمرة والمتجددة:

النعم نوعان: مستمرة ومتجددة: فالمستمرة شكرها بالعبادات والطاعات، والمتجددة شُرِع لها سجود الشكر، شكرًا لله عليها، وخضوعًا له وذلًّا، في مقابلة فرحة النعم وانبساط النفس لها، وذلك من أكبر أدوائها، فإن الله لا يحبُّ الفرحين ولا الأشرين، فكان دواء هذا الدواء الخضوع والذل والانكسار لرب العالمين، وكان في سجود الشكر من تحصيل هذا المقصود ما ليس في غيره.                    

                            [كتاب: أحكام أهل الذمة ]

ما يسلبُ النعم:

ما سلبت النعم إلا بترك تقوى الله، والإساءة إلى الناس.

                      [كتاب: مدارج السالكين في منازل السائرين]

المقايسة بين نعمة الله على العبد وجناية العبد

قال صاحب المنازل رحمه الله: المحاسبة لها ثلاثة أركان:

أحدها: أن تقيس بين نعمته وجنايتك.

يعني: تقايس بين ما منَ الله وما منك, فحينئذ يظهر لك التفاوتُ, وتعلمُ أنه ليس إلا عفوه ورحمتهُ, أو الهلاك والعطب, وفي هذه المقايسة تعلم أنَّ الربَّ رب والعبد عبد, ويتبين لك حقيقة النفس وصفاتها, وعظمة جلال الربوبية, وتفرد الرب بالكمال والإفضال, وأن كلَّ نعمة منه فضل, وكلَّ نقمة منه عدل, وأنت قبل هذه المقايسة جاهل بحقيقة نفسك وبربوبية فاطرها وخالقها, فإذا قايست ظهر لك أنها منبع كلِّ شرٍّ, وأساس كل نقص, وأن حدها الجاهلة الظالمة, وأنه لولا فضلُ الله ورحمته بتزكيته سبحانه ما زكت أبداً, ولولا هداه ما اهتدت, ولولا إرشاده وتوفيقه لما كان لها وصول إلى الخير البتة.

نعمة الله على العبد فيما يكرهه أعظم من نعمته فيما يحبّه:

لجهل العبد وظلمه لا يعدُّ العطاء والنِّعمة والعافية إلا ما التذَّ به في العاجل, وكان ملائماً لطبعه, ولو رزق من المعرفة حظّاً وافراً لعدَّ نعمة الله فيما يكرهه أعظم من نعمته فيما يحبّه..وقد قال تعالى: {﴿ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ﴾} [البقرة:216] وقال بعض العارفين: ارض عن الله في جميع ما يفعله بك, فإنه ما منعك إلا ليعطيك, ولا ابتلاك إلا ليعافيك, ولا أمرضك إلا ليشفيك, ولا أماتك إلا ليحييك, فإياك أن تفارق الرضا عنه طرفة عين فتسقط من عينه.

أعظم النعم:

من لم ير نعمةَ الله عليه إلا في مأكله وملبسه وعافية بدنه وقيام وجهه بين الناس, فليس له نصيب من هذا النور البتة, فنعمةُ الله بالإسلام والإيمان وجذب عبده إلى الإقبال عليه, والتنعُّم بذكره, والتلذذ بطاعته هو أعظم النِّعم, وهذا إنما يُدرك بنور العقل وهداية التوفيق.

التفريق بين النعمة التي يراد بها الإحسان والنعمة التي يراد بها الاستدراج:

وأما تمييزُه النعمة من الفتنة, ليفرِّق بين النعمة التي يُراد بها الإحسان واللطف, ويُعانُ بها على تحصيل سعادته الأبدية, وبين النعمة التي يراد بها الاستدراج, فكم من مستدرج بالنعم وهو لا يشعر, مفتون بثناء الجهال عليه, مغرورٍ بقضاء الله حوائجه وستره عليه! وأكثرُ الخلق عندهم أن هذه الثلاثة علامةُ السعادة والنجاح. {﴿ ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ ﴾} [النجم:30]

                   [كتاب: الكلام على مسألة السماع]

لا يغير الله نعمه التي أنعم بها على عباده حتى يُغيروا طاعته بمعصيته:

قوله تعالى: {﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ ﴾} [الرعد:11] فدلالة لفظها أنه لا يغير نعمه التي أنعم بها على عباده حتى يُغيروا طاعته بمعصيته, كما قال في الآية الأخرى: {﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ  ﴾} [الأنفال:53]

وإشارتها أنه إذا عاقب قوماً وابتلاهم, لم يغير ما بهم من العقوبة والبلاء حتى يغيروا ما بأنفسهم من المعصية إلى الطاعة كما قال العباس عمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما نزل بلاء إلا بذنب, ولا رُفع إلا بتوبة )

                   [كتاب: طريق الهجرتين وباب السعادتين]

سلب النعم:

الله سبحانه…يحب الجود والبذل والعطاء والإحسان أعظم مما تحب أنت الأخذ والانتفاع بما سألته, فإذا حبسه عنك فاعلم أن هناك أمرين لا ثالث لهما

أحدهما: أن تكون أنت الواقف في طريق مصالحك, وأنت المعوق لوصول فضله إليك, وأنت حجر في طريق نفسك, وهذا الأمر هو الأغلب على الخليقة, فإنه سبحانه قضى فيما قضى به أن ما عنده لا يُنال إلا بطاعته, وأنه ما استُجلبت نعم الله بغير طاعته, ولا استُديمت بغير شكره, ولا عُوقت وامتنعت بغير معصيته, وكذلك إذا أنعم عليك ثم سلبك النعمة فإنه لم يسلبها لبخل منه ولا استثار بها عليك, وإنما أنت السبب في سلبها عنك, فإن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.

{﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ  ﴾ }  [الأنفال:53]    فما أُزيلت نعمُ الله بغير معصيته:

إذا كنت في نعمةٍ فارعها        فإن الذنوب تُزيلُ النِّعم

فآفتك من نفسك, وبلاؤك منك, وأنت في الحقيقة الذي بالغت في عداوتك, وبلغت من معاداة نفسك ما لا يبلغ العدو منك.ولو شعرت بدائك, وعلمت من أين دُهيت ومن أين أُصبت, لأمكنك تدارك ذلك ولكن فسدت الفطرة وانتكس القلب, وأطفأ الهوى مصابيح العلم والإيمان منه, فأعرضت عمَّن أصلُ بلائك ومصيبتك منه, وأقبلت تشكو من كلُّ إحسان دقيق أو جليل وصل إليك منه, فإذا شكوته إلى خلقه كنت كما قال بعض العارفين وقد رأى رجلاً يشكو إلى آخر ما أصابه: يا هذا تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك.

الذنوب تزيل النعم:

الذنوب تزيل النعم ولا بد, فما أذنب عبد ذنباً إلا زالت عنه نعمة من الله بحسب ذلك الذنب, فإن تاب وراجع رجعت إليه أو مثلها, وإن أصر لم ترجع إليه, ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمةً نعمةً حتى يُسلب النعم كلها, قال الله تعالى: {﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ﴾ } [الرعد:11] …. وبالجملة فإن المعاصي نار النعم تأكلها, كما تأكل النارُ الحطب, عياذاً بالله من زوال نعمته وتحويل عافيته.

                             [كتاب: بدائع الفوائد]

زوال النعم بالمعاصي:

هل زالت عن أحدِ قطُّ نعمة إلا بشؤم معصيته, فإن الله إذا أنعم على عبد بنعمة حفظها عليه, ولا يغيرها عنه حتى يكون هو الساعي في تغيرها عن نفسه: {﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴾} [الرعد:11]

ومن تأمل ما قصَّ الله تعالى في كتابه من أحوال الأمم الذين أزال نعمه عنهم, وجد سبب ذلك جميعه إنما هو مخالفة أمره وعصيانُ رسله, وكذلك من نظر في أحوال أهل عصره, وما أزال الله عنهم من نعمه, وجد ذلك كلَّه من سوء عواقب الذنوب, كما قيل:   إذا كنتَ في نعمةٍ فارعها           فإن المعاصي تُزيلُ النعم

حفظ النعم بطاعة اله جل وعلا:

فما حفظت نعمة الله بشيء قط مثل طاعته, ولا حصلت الزيادة بمثل شكره, ولا زالت عن العبد بمثل معصيته لربه, فإنها نارُ النعم التي تعملُ فيها كما تعمل النار في الحطبِ اليابس….ومن سافر بفكره في أحوال العالم استغنى عن تعريف غيره له.               

                        [كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد]

سجود الشكر عند النعم المتجددة:

وفي سجود كعب حين سمع صوت المبشِّر دليل ظاهر أن تلك كانت عادة الصحابة, وهي سجود الشكر عند النعم المتجددة, والنقم المندفعة, وقد سجد أبو بكر الصديق لما جاءه قتل مسلمة الكذاب, وسجد علي بن أبي طالب لما وجد ذا الثُّديَّة مقتولاً في الخوارج, وسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بشره جبريلُ أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشراً, وسجد حين شفع لأمته, فشفعه الله فيهم ثلاث مرات, وأتاه بشير فبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه في حجر عائشة, فقام فخرَّ ساجداً, وقال أبو بكرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسُرُّه خرَّ لله ساجداً وهي آثار صحيحة لا مطعن فيها

           [كتاب: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ]

النعم فتنة يُختبر الإنسان فيها:

قال تعالى: {﴿ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ ﴾} ؛ أي: النعم التي أوتيها فتنة نختبره فيها، ومحنة نمتحنه بها لا يدل على اصطفائه واجتبائه وأنه محبوب لنا مقرب عندنا ولهذا قال في قصة قارون {﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾} [القصص: 78]، فلو كان إعطاء المال والقوة والجاه يدل على رضاء الله سبحانه عمن آتاه ذلك، وشرف قدره وعلو منزلته عنده – لما أهلك من آتاه من ذلك أكثر مما آتى قارون، فلما أهلكهم مع سعة هذا العطاء وبسطته، عُلم أن عطاءه إنما كان ابتلاء وفتنة لا محبة ولا ورضًا واصطفاءً لهم على غيرهم؛ أي: النعمة فتنة لا كرامة {﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾} [الزمر: 49]                            

                                  [كتاب: الفوائد]

عبودية النعم

عبودية النعم معرفتها والاعتراف بها أولاً, ثم العياذ به أن يقع في قلبه نسبتها وإضافتها إلى سواه وإن كان سبباً من الأسباب فهو مسببه ومقيمه, فالنعمة منه وحده بكل وجه واعتبار ثم الثناء بها عليه ومحبته عليها وشكره بأن يستعملها في طاعته…ومن لطائف التعبد بالنعم أن يستكثر قليلها عليه, ويستقل كثير شكره عليها, ويعلم أنها وصلت إليه من سيده من غير ثمن بذله فيها, ولا وسيلة منه توسل بها إليه, ولا استحقاق منه لها, وأنها لله في الحقيقة لا للعبد, فلا تزيده النعم إلا انكساراً وذلاً وتواضعاً ومحبةً للمنعم.

إتمام النعمة على العبد:

إذا أراد الله إتمام نعمته على عبده عرَّفه نعمته الحاضرة وأعطاه من شكرها قيداً يُقيّدها به حتى لا تشرد, فإنها تشرد بالمعصية وتُقيدُ بالشكر. ووفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة, وبصَّره بالطرق التي تسدها وتقطع طريقها ووفقه لاجتنابها, وإذا بها قد وافت إليه على أتم الوجوه, وعرَّفه النعم التي هو فيها ولا يشعر بها

                          [كتاب: مفتاح دار السعادة]

من أعجب النعم:

من أعجب النعم…..نعمةُ النسيان, فإنه لولا النسيان لما سلا شيئاً, ولا انقصت له حسرة, ولا تعزى بمصيبة, ولا مات له الحزن, ولا بطل له حقد, ولا استمتع بشيءٍ من متاع الدنيا مع تذكر الآفات, ولا رجا غفلة من عدوه ولا فترهً من حاسده.

الهداية أعظم نعمة لله على العبد:

الهدايةُ هي العلم بالحقِّ مع قصده وإيثاره على غيره, فالمهتدي هو العالم بالحقِّ المريدُ له, وهي أعظم نعمة لله على العبد, ولهذا أمرنا سبحانه أن نسأله هداية الصراط المستقيم كل يومٍ وليلةٍ في صلواتنا الخمس, فإن العبد محتاج إلى معرفة الحق الذي يرضى الله في كل حركة ظاهرةٍ وباطنةٍ, فإذا عرفها فهو محتاج إلى من يلهمه قصد الحق فيجعل إرادته في قلبه ثم إلى من يقدره على فعله.

ومعلوم أن ما يجهله العبدُ أضعاف أضعاف ما يعلمُه, وأن كلَّ ما يعلمُه أنه حق لا تطاوعه نفسُه على إرادته, ولو أراده لعجز عن كثير منه, فهو مضطر كل وقتٍ إلى هدايةٍ تتعلق بالماضي وبالحال وبالمستقبل.

أما الماضي فهو محتاج إلى محاسبة نفسه, وهل وقع على السداد فيشكر الله عليه ويستديمه أن خرج فيه عن الحق فيتوب إلى الله تعالى منه ويستغفره ويعزم على أن لا يعود. وأما الهداية في الحال, فهي مطلوبة منه, فإنه ابن وقته, فيحتاج أن يعلم حكم ما هو متلبس به من الأفعال, هل هو صواب أم خطأ ؟

وأما المستقبل فحاجته فيه إلى الهداية أظهر ليكون سيره على الطريق.

شكر من حُبي بالإنعام وخصّ دون غيره بالإكرام:

سبحانه اقتضت حكمته وحمدهُ أن فاوت بين عباده أعظم تفاوتٍ وأبينه ليشكره منهم من ظهرت عليه نعمته…ويعرف أنه حُبِي بالإنعام وخصّ دون غيره بالإكرام ولو تساووا جميعهم في النعمة والعافية لم يعرف صاحبُ النعمة قدرها ولم يبذل شكرها إذ لا يرى أحداً إلا في مثل حاله. ومن أقوى أسباب شكر وأعظمها استخراجاً له من العبد أن يرى غيره في ضدِّ حاله الذي هو عليها من الكمال والفلاح

أهل الطاعة أهل النعمة المطلقة:

لو عرف أهل طاعة الله أنهم هم المُنعم عليهم في الحقيقة, وأن لله عليهم من الشكر أضعاف ما على غيرهم وإن توسدوا التراب ومضغوا الحصى فهم أهل النعمة المطلقة, وأن من خلى الله بينه وبين معاصيه فقد سقط من عينه وهان عليه وأن ذلك ليس من كرامته على ربه, وإن وسع الله عليه في الدنيا ومدَّ له من أسبابها, فإنهم أهلُ الابتلاء على الحقيقة.                         

                     [كتاب: روضة المحبين ونزهة المشتاقين]

الجمال الظاهر نعمة من الله على عبده:

الجمال الظاهر زينة خصَّ الله بها بعض الصور عن بعض, وهي من زيادة الخلق, التي قال الله تعالى فيها: {﴿ يَزِيدُ فِي ٱلۡخَلۡقِ مَا يَشَآءُ﴾} [فاطر:1] قالوا: هو الصوت الحسن والصورة الحسنة, والقلوب كالمطبوعة على محبته كما هي مفطورة على استحسانه.

وكما أن الجمال الباطن من أعظم نعم الله على عبده, فالجمالُ الظاهر نعمة منه أيضاً على عبده, يُوجب شكراً, فإن شكراه بتقواه وصيانته, ازداد جمالاً على جماله, وإن استعمل جماله في معاصيه سبحانه, قلبه له شيناً ظاهراً في الدنيا قبل الآخرة, فتعود تلك المحاسنُ وحشةً, وقبحاً, وشيناً, وينفر عنه كل من رآه, فكلُّ من لم يتق الله في حسنه وجماله, انقلب قبحاً وشيناً يشينه به بين الناس, فحسن الباطن يعلو قبح الظاهر ويستره, وقبحُ الباطن يعلو جمال الظاهر ويستره.

وقال بعض الحكماء: ينبغي للعبد أن ينظر كلَّ يوم في المرآة, فإن رأى صورته حسنةً, لم يشينها بقبيح فعله, وإن رآها قبيحةً, لم يجمع بين قُبح الصورة وقُبح الفعل.

ـــــــــــــــــــــ              كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

الضغوط النفسية وأثرها في الإنسان وكيفية التعامل معها

منذ حوالي ساعة إذ إن الإسلام لم يتركنا في مواجهة هذه الضغوط دون توجيه، وقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *