لماذا اعتنقت الإسلام؟ (قصة مترجمة) – سالم محمد

منذ حوالي ساعة

وما يلي هو شهادة أخت اختارت أن تسلم وجهها لله رب العالمين، وتتخذ الإسلام دينًا، ومحمداً ﷺ رسولًا ونبيًّا.

لماذا اعتنقت الإسلام؟ (قصة مترجمة)[1]

لقد وُصف الإسلام بأنه (دين الفطرة) أي الدين الذي يتماشى مع الطبيعة الأصيلة المغروسة في قلب كل إنسان. ولذا، لا عجب أن نرى الإسلام يُقبَل – بوصفه السبيل النقي الأوحد للحياة – من قِبَل ملايين العائدين إلى الفطرة في أنحاء الأرض. وتشير الإحصائيات إلى أن من بين كل خمسة يدخلون الإسلام، هناك أربع نساء، وهو ما يدحض الزعم الباطل القائل بأن الإسلام دين يقمع المرأة ويهضم حقوقها.

وما يلي هو شهادة أخت اختارت أن تسلم وجهها لله رب العالمين، وتتخذ الإسلام دينًا، ومحمداً ﷺ رسولًا ونبيًّا.

منذ بدأت أملك قدرةً على التفكير العميق، وأنا أؤمن بوجود خالقٍ واحد، يتوقف عليه وجود كل شيء، ويعتمد عليه الكون بأسره. وعلى الرغم من أن والديَّ يعتنقان البوذية، فقد كنت منذ الثالثة عشرة أدعو هذا الخالق وأستمد منه الهداية في كل يوم أذكره من عمري. ومع أنني نشأتُ في بيئة تعليمية مسيحية، فقد كنت أعد نفسي مسيحية بطبيعة الحال.

لكن – ويا للأسف – كانت معرفتي بالإسلام محدودةً للغاية. كنت أراه دينًا غريبًا، لا يدين به إلا عدد قليل من الناس في دول نامية، أغلبها في الشرق الأوسط، وأنه يُروّج لأسلوب حياة قمعي على نحوٍ مذهل، لا سيّما تجاه النساء. كنت أظن أن المرأة المسلمة كائنٌ من الدرجة الثانية – خادمةٌ منزلية صامتة، تتعرض للضرب كثيرًا، وتُجبر على التنافس مع ثلاث نساء أخريات على حب رجلٍ قد يحجب عنهن عطفه إن شاء. وقد استقيت أغلب هذه التصورات من الأحاديث المتناثرة، ومن مقابلات مع أناسٍ ظننت أنهم يعلمون، ومن بعض البرامج الوثائقية عن إيران والسعودية شاهدتها في التلفاز.

ثم دخلت الجامعة قبل نحو ثلاث سنوات، وبدأت أحتك بعدد من الطلاب المسلمين القادمين من بيئات مختلفة. ولعجب أمري، وجدتني أُشدّ إليهم بشيء من الغموض، وبدأتُ أُكنّ فضولًا لمعرفة دينهم. كنت أراقبهم وهم يبدون في حالة من الرضا والطمأنينة، وكنت أُعجَب بانفتاحهم ودفئهم تجاهي وتجاه بعضهم بعضًا، لكن الأعجب كان اعتزازهم الظاهر بدينهم رغم ما يُلصَق به من دلالات سلبية.

شيئًا فشيئًا، بدأ الإسلام يستحوذ على اهتمامي. ومع ازدياد معرفتي به، أخذت أكنّ له احترامًا يفوق ما كنت أُكنه للمسيحية التي نشأت عليها. وصُعِقتُ حين أدركت كم كانت مفاهيمي السابقة مغلوطة، وكم الإسلام قد كفل للمرأة من الحقوق والكرامة والمكانة التي لم أكن أحلم بها. واكتشفت حقيقة “التطرف الإسلامي” الذي لا يعدو كونه اختراعًا أمريكيًا واهنًا لا يمتّ لحقيقة الإسلام بصلة.

لقد ذُهلت لمدى خطأ تصوري السابق وأصبت بالذهول من الاستحقاقات الهائلة والمساواة والاعتراف الذي قدمه الإسلام للمرأة. لقد أدركت حقيقة نمط الحياة الإسلامية وحقيقة تلك البدعة الأمريكية الواهنة التي يطلق عليها الأصولية الإسلامية

ويُقال إن كل إنسان يمتلك عقلًا سليمًا وفكرًا حرًّا لا بد أن يدرك الحق حين يُعرض عليه… وهذا ما حصل لي.

المزيد من الكتب، والمزيد من الدلائل، والمزيد من الإشارات كانت تُكشف لي كل يوم. وكلما قرأت أكثر، تحفز عقلي، ودفأ قلبي. رغبت أن أعرف كل شيء عن الإسلام، وبدأت أشعر بأخوة الإسلام وبانتماء عميق إلى أهله.

وكان أكثر ما أبهرني هو واقعية الإسلام وعمقه العملي – كيف أنه يحتوي على حكم وتوجيه لكل جزئية من جزئيات الحياة. وبفضل الله وحده، تنبّهت إلى مواطن الخلل في العقيدة المسيحية، وإلى مفاهيم كنت أظنها مسلّمات، فإذا بي أجدها بلا أساس.

وعند الظهيرة، في يوم الرابع من أغسطس عام 1994، وأمام أكثر من عشرين شاهدًا، نطقتُ الشهادتين، وأصبحتُ رسميًا مسلمة.

لن أنسى أبدًا السعادة التي غمرتني في ذلك اليوم، ولا كيف تغيّرت حياتي كلها في عامٍ واحد.

سئِلتُ كثيرًا عن التحول إلى الإسلام، وما العقبات التي واجهتها؟ ورغم أنني لا أحب الخوض كثيرًا في هذا الباب، إذ لستُ أبحث عن شفقة أحد، فإنني سأذكر بعضًا مما مررتُ به.

بلا شك كانت الفترة التي سبقت نهاية رمضان، الأصعب على الإطلاق. كانت الخلافات العائلية تحدث بشكل شبه يومي؛ وتعرضتُ لسيل من الإهانات اللفظية والسخرية والتهديدات. في كثير من الأحيان، كانت غرفتي تُقتحم، وتُختفى كتبي في ظروف غامضة، وتُرسل رسائل هاتفية تشهيرية إلى أصدقائي وأهاليهم.

لقد كانت هناك أوقات طُردت فيها خارج المنزل، ومُنعت من تناول العشاء لأنهم قدّموا لحم الخنزير عمدًا. وحتى اليوم، لا يُسمح لي بفتح رسائلي، إذ تُفتح جميعها قبلي. وباستثناء السكن والطعام، فأنا مضطرة لتوفير حاجاتي المالية بنفسي. أما قراءاتي، وكذلك أحاديثي الهاتفية، فلا تكون إلا في خفية وسرٍّ تام. وكتاباتي، وزياراتي للمساجد أو الأماكن الإسلامية، يجب دومًا أن تظل طيّ الكتمان. ولا أستطيع كذلك زيارة أصدقائي كثيرًا، خشية أن أتعرّض بشكل أكبر لما يسمونه “غسل الدماغ” .

لا يمكنني أداء صلواتي حتى أتأكد أن لا أحد موجود بالقرب مني. ولا يُسمح لي بالتعبير عن فرحتي واحتفالي خلال شهر رمضان. لا أستطيع مشاركة البهجة حين أعلم أن أختًا جديدة قد ارتدت الحجاب، ولا يمكنني التحدث عمّا تعلّمته في هذا اليوم، أو عن الخطاب الذي ألقاه أحد العلماء المسلمين.

وفوق ذلك، يجب عليّ باستمرار أن أدافع عن المسلمين وعن صورة الإسلام كما تُعرض في وسائل الإعلام، وأن أقاوم الصور النمطية التي يتمسّك بها والداي بعناد.

رؤية تعابير الاشمئزاز على وجوههم تجاهي تكاد لا تُحتمل. صرتُ الآن غير واثقة من محبة والديّ، وأعيش في قلق دائم حول مقدار الألم الذي أتسبّب به لهما. طوال شهر رمضان، لم تحدّثني والدتي ولو مرة واحدة. وكنت أسمع منها مرارًا وتكرارًا كيف أنني خنتُ العائلة. توسّلاتي لها لم تجدِ نفعًا.

يُقال لي مرارًا إن ما فعلتُه لا يُغتفر، وأنه لو علم أحد من أقاربنا، أو أولئك القلائل من أصدقائنا، بما جرى، فسيُنبذ والداي من المجتمع لا محالة.

بالرغم من كل ما ذكرت، لا أدّعي أنني أعيش حياة تعيسة. بل إني الآن أشدُّ رضًا وطمأنينة مما كنت عليه في أي وقت مضى. وغاية ما أرويه هنا ليس طلب الشفقة، بل لأُظهر الفرص العظيمة التي يملكها كثير منكم، والتي غالبًا ما تُهمل أو تُؤخذ على أنها من المسلَّمات، بينما هي عند أمثالي من الداخلين في الإسلام أثمن من كل نفيس.

إن التأمل في هذه المعاناة وحدها قد يوحي بأنني لم أجْنِ من الإسلام إلا الألم، ولكن الحقيقة على العكس تمامًا؛ لقد منحني الإسلام من النعم الجزيلة ما يجعلني أرتجف حين أفكر في كم ستكون عطايا الجنّة أعظم وأجمل.

حين أعلنت إسلامي، كنت قد آمنت بصدق هذا الدين، لكن لم أكن أتصوّر حجم التغييرات الداخلية الهائلة التي ستطرأ عليّ. حتى أنا أُذهل من نفسي: كيف ألتهم المعرفة التهامًا، كيف لا يفارقني الإسلام لحظة من يقظتي، كيف أشعر بثقل المسؤولية تجاه أمة الإسلام، وكيف يزداد إيماني عمقًا مع مرور كل شهر.

كأنّ حياة الإنسان في الإسلام إذا تقدّمت، اتسعت حتى تشمل كل خلية من كيانه، وتُحكم قبضتها على كل زاوية في روحه.

وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أن الله قال: «وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها…» [صحيح البخاري]. وهذا بالضبط ما أشعر به في تجربتي.

ومن المذهل أنه من خلال دين واحد، حصلت على فهم عميق في سلوك الإنسان وعلم الاجتماع ، إلى جانب الجيوفيزياء  والفلك. ومع نضوجي الفكري، يتضح لي يومًا بعد يوم أن الإسلام قد سبق إلى تقديم الحلول للمعضلات الاجتماعية والاقتصادية في زماننا.

وعلى مدار العام الماضي، كوّنتُ قاعدة معرفية واسعة في العلوم الإسلامية، ودرست آيات من القرآن الكريم بعمق أكبر. ولم أجد – ولو مرة واحدة – ما يُثير في قلبي شكًا في صدق هذا القرآن الكريم أو صلاحيته لعصرنا هذا، ولو للحظة واحدة. بل هو الدين الوحيد الذي شعرت تجاهه باليقين التام، ويزداد يقيني به كل يوم أعيش فيه في خدمته.

وفوق كل هذا، فقد عثرت على ذاتي. أصبحت أكثر ثقة بنفسي، أقوى كإمرأة، وكشخص ملوّن، أصفى وعيًا بوجودي، وأشدّ ثباتًا في معاركي الحياتية.

وإن كنتُ قد وفّقتُ في إيصال أي شيء من خلال هذه الكلمات، فأرجو أن أكون قد نقلت لكم شيئًا من عظمة ورحمة الله– عزّ وجل – الذي يجعل كل شيء ممكنًا. قال الله تعالى: {{يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ}} [سورة الزمر: 23].

وحقًّا، لقد كنتُ من الذين أُكرموا بأن وصلهم النور، وهُيّئت قلوبهم لتقبّله.

بقلم الأخت: آسية عبد الظاهر

 

 


[1] القصة بالغة الإنجليزية: https://muslimconverts.com/converts/Asiya.htm

 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

تدبر آية الكرسي – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أي: الله لا معبود بحق إلا هو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *