تصحيح الأسماء في إجازات قُرَّاء صنعاء – محمد بن علي بن جميل المطري

فإن الإسناد من الدين، والعلم الشرعي يأخذه اللاحق عن السابق، فالله سبحانه أنزل على رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم

 

        الحمد لله الذي علَّم القرآن، خلق الإنسان، علَّمه البيان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان، أما بعد:

        فإن الإسناد من الدين، والعلم الشرعي يأخذه اللاحق عن السابق، فالله سبحانه أنزل على رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم، وبيَّن له معانيه وأحكامه، ثم النبي صلى الله عليه وسلم علَّم أصحابه القرآن والسنة المبينة للقرآن، قال الله تعالى: { {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}} [الجمعة: 2 – 4]، وروى أبو داود (3659) بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ» ، فالصحابة رضي الله عنهم تعلَّموا القرآن والسنة من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم علَّم الصحابةُ التابعين، ثم علَّم التابعون أتباع التابعين، وهكذا إلى عصرنا، ولا يزال العلماء يتناقلون أسانيد القراءات وكتب الحديث وغير ذلك من كتب العلم إلى يومنا هذا، وكان اهتمام العلماء بالأسانيد في عصر تدوين العلوم واجبًا لحفظ العلم النافع، وتمييز الصحيح من الضعيف، والمحفوظ من الشاذ، وبعد حفظ العلوم في كتب العلماء السابقين بقي الإسناد في العصور المتأخرة من تمام العلم وكماله، وزينةً للعالم وعلمه، والإسناد شرفٌ اختص الله به هذه الأمة التي هي خير الأمم، وستبقى أسانيد العلماء بإذن الله إلى آخر الزمن.

وقد منَّ اللهُ عليَّ برواية الأسانيد المشهورة التي يرويها علماء صنعاء في مختلف العلوم الشرعية، لا سيما في القرآن العظيم في رواية حفص عن عاصم، وعند مقارنة الإجازات رأيت في غالبها أخطاءً يسيرةً في أسماء بعض الرواة، مثال ذلك: يحيى بن هادي الشَّرْقِي، صُحِّف إلى الشرفي في كثير من الإجازات.

وبعض المشايخ يكون له إسنادٌ عال وإسنادٌ نازل فيكتفي في بعض الإجازات بالإسناد النازل، مثال ذلك: الشيخ يحيى الحليلي يروي رواية حفص عن شيخه حسن بن لطف باصيد عن الشيخ محمد بن علي الأكوع عن الشيخ حسين بن مبارك الغيثي عن الشيخ أحمد بن ناصر الخولاني عن الشيخ علي بن أحمد السُّدمي عن الشيخ علي بن أحمد الشرفي عن الشيخ يحيى بن هادي الشرقي، فبين الشيخ الحليلي والشيخ الشرقي ستة رواة في هذا الإسناد، ويروي الشيخ الحليلي أيضًا رواية حفص عن عاصم عن شيخه حسين بن مبارك الغيثي، فيكون بين الحليلي وبين الشرقي في هذا الإسناد أربعة رواة فقط، وهو أعلى من الإسناد الأول، ورأيت في بعض الإجازات الاكتفاء بالإسناد النازل دون العالي! ومن ذلك أن بين الإمام الشاطبي وبين الإمام أبي عمرو الداني في بعض الأسانيد راويان، وفي بعض الأسانيد ثلاثة، وفي بعض الإجازات الاكتفاء بالإسناد النازل دون العالي!

ووجدت في بعض الإجازات أوهامًا أو أخطاءً مطبعية مثل سقوط أحد الرواة في الإسناد أو سقوط حرف من بعض الأسماء أو سقوط كلمة (عن) وكتابة حرف الواو بدلها!

ووجدت في بعض الإجازات زيادة اسم أو كلمة (ابن)، مثل: ناصر الدين عبد الله بن محمد بن سالم الطبلاوي، الصحيح أن اسمه محمد بن سالم الطبلاوي، ومثل: صلاح الدين بن أحمد، وهو صلاح الدين أحمد.

والدين النصيحة، ومن النصيحة تصحيح الأوهام والأخطاء الواقعة في أسانيد مشايخنا ومشايخ مشايخنا، وقد حرصت على تصحيح الأسماء بقدر الاستطاعة، فرجعت إلى كتب التراجم والأنساب للتأكد من الأسماء وضبطها بالشكل، ورجعت إلى بعض مخطوطات الإجازات القديمة المنشورة في شبكة الألوكة وغيرها، وسألت بعض المتخصصين عمَّا أشكل عليَّ، فأرجو أن يكون في هذا الجهد تصحيحًا لأسماء الرواة في إجازات قُرَّاء اليمن وقُرَّاء صنعاء خاصة، وكذا في أسانيد القُرَّاء غير اليمنيين الذين تلتقي أسانيدهم مع أسانيد قُرَّاء أهل اليمن، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.  

وأذكر هنا أهم أسانيدي في رواية حفص عن عاصم مُصَحَّحَة:

قرأتُ القرآن الكريم كله برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية على الشيخ محمد بن علي الحيمي، وهو على الشيخ محمد بن يحيى جمعان اليمني، وهو على الشيخ صلاح الدين أحمد بن عيسى المصري، وهو على الشيخ أحمد الـمَلِيجي المصري، وهو على الشيخ أحمد عبد العزيز الزَّيَّات المصري، وهو على الشيخ عبد الفتاح هُنَيدِي المصري، وهو على الشيخ محمد الـمُتَولِّي المصري، وهو على الشيخ أحمد الدُّرِّي التِّهامي المصري، وهو على الشيخ أحمد سَلَمُونَة المصري، وهو على الشيخ إبراهيم العُبَيدي الحَسَني المصري، وهو على الشيخ عبد الرحمن الأُجْهُوري المصري، وهو على الشيخ أبي السَّمَاح أحمد البَقَري المصري، وهو على الشيخ محمد بن قاسم البَقَري المصري، وهو على الشيخ عبد الرحمن بن شِحَاذة اليمني نِسبةً المصري موطنًا، وهو على الشيخ علي بن محمد بن غانم المصري، وهو على الشيخ محمد بن إبراهيم السَّمَدِيسِي المصري، وهو على الشيخ أحمد بن أسد الأُمْيُوطي المصري، وهو على العلَّامة محمد بن محمد الجَزَري الدِّمَشقي ثم الشيرازي، وهو على الشيخ عبد الرحمن بن أحمد المصري، وهو على الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الخالق الصائغ المصري، وهو على الشيخ علي بن شجاع العبَّاسي المصري، وهو على العلَّامة القاسم الشاطبي الأَنْدَلُسِيّ ثم المصري، وهو على الشيخ علي بن محمد بن هُذَيْلٍ الأَنْدَلُسِيّ، وهو على الشيخ سليمان بن نَجَاحٍ القُرْطُبي، وهو على الإمام أبي عَمْرو عثمان بن سعيد الدَّاني، وهو على الشيخ طاهر بن غَلْبُون الحَلَبي ثم المصري، وهو على الشيخ علي بن محمد بن صالح الهاشمي، وهو على الشيخ أحمد بن سهل الأُشْناني البغدادي، وهو على الشيخ عُبَيد بن الصَّبَّاح الكوفي، وهو على الإمام حفص الكوفي، وهو على الإمام عاصم الكوفي، وهو على الإمام أبي عبد الرحمن السُّلَمي الكوفي، وهو على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأُبَيِّ بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، وهم عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وبيني وبين النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الإسناد 33 شيخًا.

(ح) وقرأت القرآن الكريم كله برواية حفص عن عاصم على الشيخ فهد بن علي حَيْدَرة اليمني، وهو على الشيخ عبد الرزاق بن محمد عِمَارة المصري، وهو على الشيخ إسماعيل بن عبد العال المصري، وهو على الشيخ جُودة بن محمد المصري، وهو على الشيخ عطية بن إبراهيم المصري، وهو على الشيخ غُنَيم بن محمد المصري، وهو على الشيخ حسن الجُرَيسي المصري، وهو على الشيخ محمد المتولي بإسناده المتقدم، وبيني وبين النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الإسناد 34 شيخًا.

(ح) وقرأت القرآن الكريم كله برواية حفص عن عاصم على الشيخ محمود بن أحمد القَدَسي، وهو على الشيخ يحيى الحَلِيلي المطري الصنعاني، وهو على الشيخ محمد بن حسين عامر الصنعاني، وهو على الشيخ حسين بن مبارك الغَيثي، وهو على الشيخ أحمد بن ناصر الخولاني، وهو على الشيخ علي بن أحمد السُّدْمي، وهو على الشيخ علي بن أحمد الشَّرَفي، وهو على الشيخ يحيى بن هادي الشَّرْقِي، وهو على الشيخ ياقوت بن أحمد الماس، وهو على الشيخ هادي بن حسين القَارني، وهو على الشيخ علي بن عثمان العَجَمي الإصطنبولي، وهو على الشيخ يوسف أفندي زاده بن محمد بن يوسف الأماسي، وهو على أبيه محمد بن يوسف، وهو على أبيه يوسف بن عبد المنان، وهو على الشيخ محمد بن جعفر الأماسي، وهو على الشيخ أحمد الـمَسْيَري المصري، وهو على الشيخ ناصر الدين محمد بن سالم الطَّبْلاوي المصري، وهو على العلَّامة زكريا الأنصاري المصري، وهو على الشيخ أحمد بن أسد الأُمْيُوطي المصري، وهو على العلَّامة محمد الجَزَري بإسناده المتقدم، وبيني وبين النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الإسناد 35 شيخًا.                       

(ح) وقرأت القرآن الكريم إلا الأجزاء الستة الأخيرة برواية حفص عن عاصم على شيخي الجليل خالد بن ناجي، ودرستُ عليه أكثر من كتاب في التجويد، وهو قرأ على الشيخ محمد بن جمعان، وهو على الشيخ يحيى الحَلِيلي، وهو على الشيخ حسين الغَيثي بإسناده المتقدم، وبيني وبين النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الإسناد 35 شيخًا.     

(ح) وقرأت القرآن الكريم كله برواية حفص عن عاصم على الشيخ أسعد بن أحمد الفقيه الصنعاني، وهو على الشيخ محب طه بن جَبْر فُودة المصري، وهو على الشيخ يحيى الحَلِيلي، وهو على الشيخ محمد بن حسين عامِر، وهو على الشيخ علي بن عبد الله الطائفي، وهو على الشيخ حمزة بن عبد الرحمن البُهْلُولي، وهو على الشيخ محمد بن يحيى الجِنْداري، وهو على الشيخ يحيى بن هادي الشَّرْقِي، وهو على الشيخ ياقوت بن أحمد الماس، وهو على الشيخ هادي بن حسين القَارني، وهو على الشيخ صالح النِّهمي الجَرادي الصَّنعاني، وهو على الشيخ صالح بن علي اليَدُومِي اليَمَانِي، وهو على الشيخ علي بن محمد الشَّاحِذِي، وهو على الشيخ الحسين بن زيد جَحَّاف الحسني، وهو على الشيخ عبد الله بن عبد الباقي المِزْجَاجِيّ الزَّبِيدِي، وهو على الشيخ عبد الباقي بن عبد الله العَدَنِي الزَّبِيدِي، وهو على الشيخ محمد الطاهر بن علي الـمُخَلِص الزَّبِيدِي، وهو على الشيخ أحمد بن يحيى الشَّاوِرِي، وهو على الشيخ محمد بن أحمد الـمِلحَانِي، وهو على الشيخ محمد بن أبي بكر بن بُدَير الزَّبِيدِي، وهو على الشيخ عبد الله بن محمد النَّاشِرِي اليمني، وهو على العلَّامة محمد الجَزَري بإسناده السابق، وبيني وبين النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الإسناد 37 شيخًا.                      

(ح) وأجازني في رواية حفص عن عاصم شيخ مشايخنا إسماعيل بن عبد العال بعد أن قرأت عليه بعض القرآن الكريم واختبرني فيه، وبيني وبين النبي عليه الصلاة والسلام بإسناده المتقدم 32 شيخًا. 

(ح) وأجازني في رواية حفص عن عاصم الشيخ محمد بن مهدي السَّاري بعد أن قرأت عليه بعض القرآن الكريم واختبرني في كتاب غاية المريد في علم التجويد اختبارًا تحريريًا في نحو عشرة مجالس مع تسميع بعض المقدِّمة الجزرية غيبًا، وهو يروي رواية حفص بعدة أسانيد، منها عن الشيخ حزام سَنِيد عن الشيخ علي النَّحَّاس عن أبيه محمد بن توفيق النَّحَّاس عن الشيخ محمد بَخِيت المُطِيعي عن الشيخ محمد عِلِيش المالكي عن الشيخ محمد الأمير الصغير عن أبيه محمد الأمير الكبير عن الشيخ محمد السَّمَنُّودي عن الشيخ نور الدين علي الرُّمَيلي عن الشيخ محمد البَقَري بإسناده المتقدم، وبيني وبين النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الإسناد 31 شيخًا.  

(ح) وأروي رواية حفص عن عاصم بإسنادٍ عالٍ جدًا عن شيخي خالد بن ناجي عن محمد بن سَليم المصري عن بَكري الطَّرابِيشي الدمشقي عن محمد سَليم الحُلواني الدمشقي عن  أبيه أحمد الحُلواني عن أحمد المرزُوقي الحسني المصري عن إبراهيم العُبَيدي عن عبد الرحمن الأُجْهُوري عن أحمد البَقَري عن محمد البَقَري عن عبد الرحمن بن شِحَاذة عن علي بن محمد بن غانم عن محمد بن إبراهيم السَّمَدِيسِي عن أحمد بن أسد الأُميُوطي عن محمد الجَزَري عن الحسن بن أحمد بن هلال عن أبي الحسن علي بن أحمد المَقْدِسِي عن أبي المكارم أحمد بن محمد اللَّبَّان الأصبهاني عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد عن أحمد بن محمد بن يَزْدَه المِلَنْجِي الأصبهاني عن علي بن محمد بن صالح الهاشمي عن أحمد الأُشْناني عن عُبَيد بن الصَّبَّاح عن حفص عن عاصم عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأُبَيِّ بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 وهذا الإسناد بيني وبين النبي عليه الصلاة والسلام فيه 27 شيخًا، وهو من غير طريق الشاطبية، ذكره ابن الجزري في كتابه غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 568).


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

الغيبة عند طلاب العلم! – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة شبكة وقع فيها الصالحون، فضلا عن غيرهم. وأقبح الغيبة أن تكون غيبة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *