منذ حوالي ساعة
يتفق الكل أن هناك فوضى نفسيّة لا يصلحها إلا عزلة حقيقية، ولا يوجد مع الإتصال بالإنترنت شيء من هذا، عزلةٌ تعيد صِلتك بصوتك الداخلي وتُدنيك من نفسك التي هُجِرت طويلاً،
ولِي فِي العُزْلَةِ الصَّمَّاءِ أُنْسٌ
أُلُوذُ بِها إِذَا صَخِبَ الأنَامُ..
مما يحتاجه الإنسان من آنٍ لآخر هو العزلة عن صخب الواقع والشاشات، نائيًا بنفسهِ عن هذا العالم، باحثًا عن ذاته التي كادت تتلاشى بين أنوار الدنيا الزائفة.
و بريق أرواحنا يخبو تحت وطأة المشاغل المتزايدة و زحام الأعمال، وكذلك مع كثرة المخالطة للناس، و نحن بحاجة لفسحة زمنية من العزلة والخلوة لإعادة إحياء هذا البريق الروحي، حيث نتفرغ للذكر والمناجاة والثناء على الله تعالى، والتفكر في أعماق ذواتنا ومحاسبتها، هذا هو نهج الربانيين في كل زمان ومكان- ولسنا منهم-.
يتفق الكل أن هناك فوضى نفسيّة لا يصلحها إلا عزلة حقيقية، ولا يوجد مع الإتصال بالإنترنت شيء من هذا، عزلةٌ تعيد صِلتك بصوتك الداخلي وتُدنيك من نفسك التي هُجِرت طويلاً، فلا علائق إلا واقعك الحالّ ولا اتصال إلا بالله ولا انشغالٌ إلا بما يشغلك حقًا وصِدقًا.
وقد ألّف الخطابيّ كتاب العزلة في زمنٍ لم يكن هرج العالمين ومرجهم يصل إلى وسط بيتك، فما دمت قد غلّقت الأبواب فقد دقّت ساعة عزلتك، وبقيت مع نفسك تحاوِرها أنيسًا، وعقول الساكنين بين جلود الكتب لا تزعجك إلا ما طلبته عيانًا فيفيض عليك من أسرارهِ ما قلّبت النظر، ويصمت ما أعدته لرفّه.
أعوذ بكلمات الله، الحافظات من غُربة النفس عن النفس، و من الشعور المبهم والتذبذب بين الرغبة و التبلد، و من عُزلة بلا هدى، وازدحامٍ دون جدوى.
نستودعكُمُ الله الذِي لَا تَضيعُ ودائِعُه، نَلْقَاكُم عمّا قريـــــــــب بإذن الله.
Source link