إن كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله هي من الأذكار العظيمة القدر، الرفيعة المنزلة، العالية الرتبة، ولها من الفضائل والفوائد والمنافع ما لا يعلمه إلا الله سبحانه…
إن كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله هي من الأذكار العظيمة القدر، الرفيعة المنزلة، العالية الرتبة، ولها من الفضائل والفوائد والمنافع ما لا يعلمه إلا الله سبحانه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه ويحثهم عليها، وتأتي هذه الكلمة في الأذكار المطلقة والمقيدة في مواضع كثيرة (1).
معنى لا حول ولا قوة إلا بالله:
معنى الحول: الحركة والحيلة أي لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى.
وقيل: معناه لا حول في دفع شر ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله.
وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته وحُكي هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه وكله متقارب (2).
وقال الإمام الطحاوي في تفسيره لمعنى لا حول ولا قوة إلا بالله: لا حيل ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله، وكل شئ يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره، غلبت مشيئته المشيئات كلها، وعكست إرادته الإرادات كلها، وغلب قضاؤه الحيل كلها يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبداً {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (الأنبياء : 23) (3).
ولا شك أن معنى (لا حول ولا قوة إلا بالله) أوسع وأعم مما ذُكر، فلفظ الحول يتناول كل تحول من حال إلى حال، والقوة هي القدرة على ذلك التحول، فدلت هذه الكلمة العظيمة على أنه ليس للعالم العلوي والسفلي حركة وتحول من حال إلى حال ولا قدرة على ذلك إلا بالله.
ومن الناس من يفسر ذلك بمعنى خاص فيقول لا حول من معصيته إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته.
والذي يدل عليه اللفظ، أن الحول لا يختص بالحول عن المعصية وكذلك القوة لا تختص بالقوة على الطاعة، بل لفظ الحول يعم كل تحول.. وكذلك لفظ القوة، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم : 54].
ولفظ القوة لا يراد به ما كان في القدرة أكمل من غيره فهو قدرة أرجع من غيرها أو القدرة التامة ولفظ القوة قد يعم القوة التي في الجمادات بخلاف لفظ القدرة فلهذا كان المنفي بلفظ القوة أشمال وأكمل فإذا لم تكن قوة إلا به لم تكن قدرة إلا به بطريق الأولى وهذا باب واسع (4).
ولكلمة لا حول ولا قوة إلا بالله تأثير في دفع داء الهم والغم والحزن، بسبب ما فيها ـ من كمال التفويض والتبرئ من الحول والقوة إلا به وتسليم الأمر كله له وعدم منازعته في شئ منه وعموم ذلك لكل تحول من حال إلى حال في العالم العلوي والسفلي والقوة على ذلك التحول، وأن ذلك كله بالله وحده فلا يقوم لهذه الكلمة شيء.
وفي الآثار أنه ما ينزل ملك من السماء ولا يصعد إليها إلا بلا حول ولا قوة إلا بالله، ولها تأثير عجيب في طرد الشيطان والله المستعان (5).
______________________________________________
المصادر والمراجع:
(1) المباحث العقدية، علي الكيلاني، (2 / 887).
(2) تهذيب الأسماء واللغات للنووي، (4/ 87).
(3) العقيدة الطحاوية، أبو حعفر أحمد بن محمد الأزدي الطحاوي، ص 444 ـ 445 مع شرحها لابن أبي العز الحنفي.
(4) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، (5/ 575).
(5) زاد المعاد لابن القيم، (4/ 204).
(6) الإيمان بالقضاء والقدر، علي محمد الصلابي، ط2، دار المعرفة، بيروت، 2011، ص 88-91.
Source link