منذ حوالي ساعة
مادة مختارة من كتاب:( حقيقة الديمقراطية) لـلشيخ/محمد شاكر الشريف حفظه الله تعالى
مادة مختارة من كتاب:( حقيقة الديمقراطية) لـلشيخ/محمد شاكر الشريف حفظه الله تعالى، فإلى المادة المختارة:
“” للديمقراطيين وسائل كثيرة لمحاولة التمكين للنظام الديمقراطي في الدول الإسلامية وذلك للحيلولة دون رجوع النظام الإسلامي مرة أخرى إلى بلاد المسلمين، من هذه الوسائل:
- محاربة النظام الإسلامي:
وقد مر ذكر الكثير من وسائلهم في ذلك – لأن النظام الإسلامي هو الأقرب إلى قلوب المسلمين من كل ما عداه الأنظمة، فلا يمكن أن يتم التمكين إذن لأي نظام يخالفه إلا بالهجوم على النظام الإسلامي وتشويهه حتى يفقد المسلمون ثقتهم فيه، وبالتالي يسهل إقناعهم بما يخالفه الأنظمة ومن هنا كانت حربهم للنظام الإسلامي حربا شرسة، استخدموا فيها كل أساليب الغش والخداع والتمويه والكذب، ولكن الله غالب على أمره: {{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}} [الصف آية: ۸].
- الدعاية المكثفة للنظام الديمقراطي:
وتصويره على أنه النظام الوحيد الذي يكفل للشعوب ممارسة حريتها بدون قيود، وهو النظام الذي يُمكِّن الشعوب من اختيار حكامها الذين تثق فيهم، ويمكنها أيضاً من تغييرهم متى أساءوا استخدام السلطة الممنوحة لهم وخرجوا على مقتضى الدستور الذي ينظم حياتهم، وهو النظام الذي يعلي من إرادة الشعوب ويوفر لهم الحياة الآمنة المطمئنة.
ونحن في هذا الصدد لا نستطيع أن تنكر ما تتمتع به الشعوب الغربية الديمقراطية ولو ظاهريا – من حرية وأمن ومشاركة في إدارة شئون بلادهم، وأن حاكمهم – مثلاً . لا يستطيع بقرار أن يعتقل الآلاف أو يشكل لهم المحاكم لتعلقهم على أعواد المشانق، نحن لا نستطيع أن تنكر هذا، ولا أن تنكر أنهم يتمتعون ببعض من كرامة الإنسان، ولكن!!
- أولاً: هل هو فعلاً النظام الوحيد الذي يوفر مثل هذا؟! نحن لا نريد أن نعقد موازنة أو مقارنة بين الديمقراطية نظام الباطل، وبين الخلافة نظام الحق، ولكن نقول فقط: إن كل ما يظهر أنه أمر حسن في هذه النظم، فالموجود في نظامنا أفضل منه وأطيب، غير أنه موجود على نحو خالص من الاختلاط أو الامتزاج بالمعايب والسيئات التي رأينا نماذج منها في النظام الديمقراطي.
والذي يستطيع أن يجزم به كل منصف – وهو آمن أن يقع في الكذب – أن النظام الإسلامي هو النظام الوحيد الذي يوفر الخير كله في جميع نواحي الحياة، غير ممتزج بشيء من الشر أو المعايب.
والنصوص في ذلك كثيرة جداً سواء من الكتاب أو السنة، لا يتسع المقام لذكرها، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقني إلى كتابة مفصلة وميسرة عن النظام السياسي الإسلامي لتوضيح كل هذه الأمور والقضايا، بحيث يتمكن معها القارئ – ولو كان ذا ثقافة محدودة – من إدراك هذا الموضوع على حقيقته إدراكاً كاملاً.
- ثانياً: إن الحرية في النظام الديمقراطي ليست حرية حقيقية، لأنها قائمة أساساً على اتخاذ طائفة من الناس – قلت أو كثرت – أرباباً وآلهة يُشرعون لهم، فهي في حقيقتها عبودية طائفة من البشر لطائفة أخرى من البشر، وإن اتخذت في ظاهرها شكل الحرية.
- ثالثاً: هل هذه الحريات المطلقة من جميع القيود والتي توفرها الديمقراطية هل تحقق الكرامة الكاملة للإنسان؟ والجواب قطعاً لا، لأنه إذا كان من كرامة الإنسان التعامل معه على أنه إنسان وليس حيوانا، فليس من الكرامة في شيء أن يجتمع – في ظل ! النظام الديمقراطي – مجلس النواب، وتدور المناقشات وتؤخذ الاقتراحات والآراء، ثم ينقض المجلس، وقد أقر قانوناً يبيح للرجل أن يعقد عقدة النكاح على رجل مثله! وقد تقدم ذكر ذلك والأمثلة على هذا الفساد العريض والإباحية الجنسية التي توفرها الديمقراطية تملأ الأسفار، فأين كرامة الإنسان في هذا؟!
من أجل ذلك نقول: إن الكرامة التي توفرها الديمقراطية للإنسان هي كرامة ملوثة بقاذورات تفقدها كل قيمة لها، إذ ما قيمة النظر إلى الإنسان في جانب على إنسان بينما يعامل في كثير من الجوانب الأخرى على أنه أدنى منزلة من الحيوان؟ والبديل ليس هو تلك النظم الجائرة المستبدة الموجودة في كثير من بلاد المسلمين، فما إلى هذا ندعو، ولكن البديل الذي ندعو إليه هو النظام الإسلامي الذي يوفر الحرية الحقيقية مبرأة من كل سوء ودنس، القائمة أساساً على ربوبية الله وألهيته لجميع الخلق.
- رابعاً: الحرية المتاحة على أوسع أبوابها – في النظام الديمقراطي – هي حرية الفساد والرذيلة، وكل ما يناقض الأخلاق والدين، أما الحرية السياسية التي هي من الناحية النظرية لُبُّ الديمقراطية – كما يقولون – فإنها حرية ظاهرية أو صورية، وانظر إلى ما يشهد به أحد الباحثين حيث يقول: (إن الحرية في الديمقراطية الغربية، هي بحق حرية القادرين، ذلك أن حرية الرأي والصحافة والأحزاب، بل والرأي العام نفسه أصبحت صناعة يمكن أن تصنع وفق ما تضع لها الحكومة من مواصفات، وككل صناعة عمادها التخطيط والتمويل، وهذان العنصران متوفران لدى القلة المحتكرة من الرأسماليين، وهم بحق المسيطرون على أنظمة الحكم بغير جدال).
- ومن وسائلهم أيضا محاولة إلباس الديمقراطية ثوبا إسلاميا:
أو القول: إن الديمقراطية هي التطبيق العصري أو الحديث لنظام الشورى في الإسلام، ولا بأس – عندهم في ترويج هذه الفرية من الاستعانة ببعض القواعد الشرعية المنضبطة بقواعد وضوابط الشريعة مثل المصالح المرسلة، وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، واختلاف الفتوى باختلاف الأحوال أو الزمان، الاستعانة بهذه القواعد من غير مراعاة لضوابطها لترويج باطلهم المذكور بين الناس.
وهذه الوسيلة يكثر استخدامها في الأماكن التي فيها صحوة إسلامية، فلكي يمرروا الديمقراطية فيها، فلا بد لهم من إلباسها زياً إسلامياً.
والحديث عن الشورى حديث طويل، لكن الذي نود تقريره في هذا المقام: أنه لا يوجد بين الشورى والديمقراطية نسب ولا سبب إلا كما يوجد بين الإسلام والكفر:
- أ) فالشورى أساساً جزء من نظام متكامل قائم على الإيمان بأن السيادة للشرع المنزل من عند الله العلي الكبير على خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: فالأمر كله الله، والحكم كله الله، والتشريع كله الله والديمقراطية مذهب قائم على الإيمان بأن السيادة للبشر المخلوقين المربوبين، فالأمر كله لهم، والحكم كله لهم، والتشريع كله لهم: الحلال ما أحلوه، والحرام ما حرموه، الطيب ما استحسنته أهواؤهم والخبيث ما استقبحته نفوسهم.
- ب والشورى – انطلاقاً من نظام الإسلام القائم على سيادة الشرع – لها نطاق محدد لا تتعداه. فهي شورى مقيدة بالأحكام الشرعية لا تخرج عليها ولا تخالفها.
وأما الديمقراطية فالأمر فيها مطلق، ويمكن للناس – بناء عليها – أن يتناقشوا وأن يتباحثوا، وأن يقرروا في النهاية ما لا يمكن أن يخطر على فكر رجل مسلم، وليس حكاية زواج الرجل برجل مثله منا ببعيد.
- ج) والشورى في النظام الإسلامي ليست حقاً لكل الناس على اختلاف قدراتهم واستعداداتهم وميولهم، وإنما للشورى أهلها وهم الثقات العدول أهل الاختصاص والخبرة في كل ما تطلب فيه المشورة.
بينما النظام الديمقراطي لا يفرق في ذلك بين العالم والجاهل، وبين الحكيم والسفيه، بل كل من استطاع أن يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين – حتى ولو كان ذلك بطريق الكذب والخداع – فهو من أهل الشورى الذين يعتد بقولهم، ولهم حق تشريع القوانين.
- د) والشورى معيار الصواب فيها اتباع الدليل أو القواعد الشرعية وتحقيق مصلحة الأمة الإسلامية.
بينما النظام الديمقراطي يجعل الكثرة – أيا كانت – هي معيار الصواب.
ولعله بعد ذكر هذه الفروق الجلية بين الشورى والديمقراطية سواء منها ما تعلق بأصلها أو أحكامها يظهر فساد القول بأن الديمقراطية هي التطبيق العصري لنظام الشورى.””
Source link