بداية تدوين علم التفسير ومعرفة نسخ التفسير القديمة – محمد بن علي بن جميل المطري

منذ حوالي ساعة

أول مرحلة من مراحل تدوين علم التفسير هي كتابة التابعين وأتباع التابعين وأتباعهم لأقوال المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم، من غير استيعاب لجميع آيات القرآن الكريم، وهذه الروايات نوعان:

 

أول مرحلة من مراحل تدوين علم التفسير هي كتابة التابعين وأتباع التابعين وأتباعهم لأقوال المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم، من غير استيعاب لجميع آيات القرآن الكريم، وهذه الروايات نوعان:

  1. روايات في التفسير متفرقة ليست مجموعة في كتاب واحد.
  2. روايات في التفسير مجموعة في كتاب واحد، وتروى كلها بإسناد مشهور.

فمثال النوع الأول: روايات التفسير المتفرقة التي جاءت عن بعض الصحابة كعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعائشة وأبي هريرة رضي الله عنهم، أو جاءت عن بعض التابعين كعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والشعبي وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وكان العلماء يروونها كما يروون الأحاديث النبوية بالأسانيد، وهي مبثوثة في كتب التفسير المسنَدة، وفي كتب الحديث المسندة، وفي كتب الزهد المسنَدة، وفي كتب التراجم المسنَدة، وفي كتب العقائد المسنَدة، ولم تكن في عصر الرواية مجموعة في نسخة واحدة.

ومن ذلك ما يرويه ابن جرير بأسانيده عن شعبة وهُشيم بن بَشير وأبي عوانة كلهم عن أبي بِشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير.

وهذه رواية منها: قال ابن جرير (4/ 347): حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا هُشيم عن أبي بِشر عن سعيد بن جبير قال: (صلاة الوسطى: صلاة العصر).

ومثال النوع الثاني: تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وتفسير عطية العوفي عن ابن عباس، وتفسير الضحاك بن مزاحم، وتفسير مجاهد بن جبر، وتفسير عكرمة، وتفسير قتادة، وتفسير محمد بن كعب القرظي، وتفسير السدي، وتفسير زيد بن أسلم، وتفسير الربيع بن أنس، وتفسير الكلبي، وتفسير ابن جُريج، وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرها. وهذه التفاسير كانت في عصر التابعين وأتباع التابعين مجموعة في نسخ مشهورة، وكان يروي العلماء النسخة من أولها إلى آخرها بإسناد واحد، وهذه النسخ يُعتمد عليها إن كان الراوي لها ليس متهما بالكذب، حتى لو كان أحد رواتها ضعيفا عند المحدثين؛ لأن المحدثين غالبا يقصدون بتضعيف الراوي تضعيفه في الحديث النبوي، أما إن كان مختصا بعلم ما كالقرآن أو التفسير أو التاريخ أو الشعر فيأخذون عنه العلم الذي اعتنى به، وإن كان ضعيفا في الحديث.

قال يحيى بن سعيد القطان (ت 198 هـ): “تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث، ثم ذكر ليث بن أبي سليم، وجويبر بن سعيد، والضحاك، ومحمد بن السائب الكلبي، وقال: هؤلاء لا يُحمد أمرهم، ويُكتب التفسير عنهم”. رواه الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 194)

وفي قول الإمام الكبير يحيى القطان تنبيه مهم، وهو التساهل في قبول روايات التفسير، وإن كان بعض رواتها ضعيفا في الحديث، لا سيما الروايات الموجودة في نسخ التفسير المعروفة، فهي نسخٌ كتبها العلماء في القرن الأول أو الثاني الهجري، ونقلها عنهم من بعدهم، ففيها علم نافع، ولا بأس برد بعض الروايات التي فيها لمخالفتها للقرآن أو للسنة النبوية أو لغرابة القول ومخالفته لقول أكثر السلف وللمعروف في اللغة، أما الحكم على كل رواية من روايات التفسير كما يحكم على أسانيد الأحاديث النبوية، وتضعيف بعض أسانيد التفسير لكون بعض رواتها ضعيفا عند المحدثين أو لكونه لم يسمع ممن روى عنه التفسير الثابت عنه من طريق غيره؛ فهذا مخالف لمنهج العلماء من المفسرين والمحدثين، فهذا الإمام البخاري يعتمد في صحيحه على رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، مع أن ابن أبي طلحة لم يلق ابن عباس، ولم يسمع منه التفسير، لكن البخاري وغيره من العلماء قبلوا تفسيره؛ لأنه أخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد، ثم أرسله عن ابن عباس، فنسخة تفسير ابن عباس التي أخذها ابن أبي طلحة عن مجاهد كان يرويها مباشرة عن ابن عباس، من غير أن يذكر مجاهدا بينهما، قال الذهبي في ميزان الاعتدال (3/ 134): “روى معاوية بن صالح عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس تفسيرا كبيرا ممتعا”.

وكذلك اعتمد الإمام البخاري في صحيحه على رواية عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد، مع أن ابن أبي نجيح لم يسمع التفسير من مجاهد، لكن البخاري وغيره من العلماء قبلوا تفسيره؛ لأنه أخذ تفسير مجاهد عن القاسم بن أبي بزة، فابن أبي نجيح نسخ تفسير مجاهد من كتاب القاسم، ثم كان يروي نسخة تفسير مجاهد عن شيخه مجاهد مباشرة من غير أن يذكر القاسم، قال البخاري: قال يحيى القطان: لم يسمع ابن أبي نجيح من مجاهد التفسير كله، وقال ابن حبان: ما سمع التفسير عن مجاهد أحد غير القاسم بن أبي بزة، نظر الحكم بن عتيبة وليث بن أبى سليم وابن أبي نجيح وابن جريج وابن عيينة في كتاب القاسم، ونسخوه، ثم رووه عن مجاهد. يُنظر: التاريخ الكبير للبخاري (5/ 233)، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان (ص: 231).

ومن أخطاء بعض المعاصرين أنه يضعف رواية في التفسير رواها مثلا ابن جرير في تفسيره من طريق شيخه محمد بن حميد الرازي، وهو حافظ ضعيف عند المحدثين، ضعفوا ما ينفرد به من أحاديث مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما رواياته في التفسير فهي مقبولة، لا سيما التي يروي بها نسخ التفسير المشهورة، فمثلا نسخة تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد، رواها ابن جرير من طريق شيخه محمد بن حميد الرازي عن مهران عن سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح، ورواها ابن جرير أيضا من طريق شيخيه محمد بن بشار وأبي كريب كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي ووكيع عن سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح، ورواها ابن جرير من طرق كثيرة أخرى، فمن الخطأ أن نضعف قولا لمجاهد موجود في هذه النسخة؛ بحجة أن ابن حُميد الرازي ضعيف!

ومثال آخر: تفسير عكرمة، يرويه ابن جرير بعدة أسانيد أشهرها قوله: حدثنا ابن حُميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة، فقد يضعف هذا الإسناد بعض الغالطين بحجة أن في إسناده محمد بن حميد الرازي شيخ ابن جرير، مع أنه قد روى هذه النسخة أو بعضها كثير من الرواة عن الحسين بن واقد كابنه علي بن الحسين بن واقد، وعلي بن الحسن بن شقيق، وزيد بن الحباب، والفضل بن موسى، وغيرهم.

وبعض الغالطين قد يضعف هذه النسخة لأن في إسنادها الحسين بن واقد المروزي، وهو قاضي مرو، ثقة، من رجال الإمام مسلم، وله أوهام في الحديث، وقد ضعف المحدثون أحاديثه التي أخطأ فيها، أما روايته لهذه النسخة في التفسير فهي مقبولة عند العلماء، ولم يذكروا أنه وهم فيها.

نعم، لا بأس بتضعيف رواية في التفسير تفرد بها الكلبي مثلا، فهو راو ضعيف جدا، بل متهم بالكذب، وكذلك لا بأس بتضعيف رواية ولو كانت في نسخة تفسير مشهورة إن كان في متنها نكارة، لا سيما إن كانت تلك النسخة تُروى من طريق راو ضعيف كنسخة عطية العوفي عن ابن عباس، وعطية ضعيف عند كثير من أهل الحديث، أو كنسخة أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس التي تفرد بها بشر بن عمارة، وهو ضعيف جدا.

والمصنفون في التفسير كان يستفيد بعضهم من بعض، وينقل اللاحق من كتاب السابق، وغالب التفاسير القديمة المسندة رواها المتأخرون عن المتقدمين، وكثير منها نقل محض، من غير ترجيح ولا نقد، وإنما هم نَقَلة للتفسير بالروايات، فأتى شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ) فضم مروياتهم إلى تفسيره، فصار تفسيره ناسخا لكثير من كتب التفسير التي كانت قبله، وحين صارت تلك الكتب القديمة محفوظة في تفسير ابن جرير بأسانيد ابن جرير لم ينشط العلماء لكتابتها وروايتها، فقد أغناهم عن ذلك روايتهم لتفسير ابن جرير عن ابن جرير نفسه أو عن أحد تلاميذه أو عن تلاميذ تلاميذه، وهلم جرا؛ لأن ابن جرير روى غالب ما في تلك الكتب القديمة من طريق مؤلفيها، فمثلا تفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يرويه ابن جرير في تفسيره عن شيخه يونس بن عبد الأعلى عن عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد روى ابن جرير تفسير عبد الرحمن بن زيد كاملا في تفسيره، وبلغ عدد الروايات من طريق يونس عن ابن وهب عن ابن زيد (2100) رواية، وهذه رواية منها: قال ابن جرير (1/ 175): حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن وهب قال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}} [الفاتحة: 6]: (الإسلام).

وكذلك فعل عبد الرحمن بن أبي حاتم (ت 327 هـ) في تفسيره، وهو معاصر لابن جرير، فقد ضم كثيرا من نسخ التفسير التي كانت تُروى قبله، مثل تفسير مجاهد بن جبر وتفسير الضحاك بن مزاحم وتفسير زيد بن أسلم وتفسير الكلبي، ومن نسخ التفسير المشهورة أيضا:

  1. نسخة تفسير معاوية بن صالح (ت 158 هـ) التي يرويها عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وهي نسخة كبيرة، توجد مفرقة في كل من تفسيري ابن جرير وابن أبي حاتم بحسب الآيات، وهذه رواية منها: قال ابن جرير (3/ 291): حدثني علي بن داود قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} } [البقرة: 190] يقول: (لا تقتلوا النساء، ولا الصبيان، ولا الشيخ الكبير، ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده، فإن فعلتم هذا فقد اعتديتم)، وروى عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي نفس هذه الرواية (1/ 325) فقال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية بن صالح، … الخ، وهذه النسخة أصح النسخ التي يُروى بها تفسير ابن عباس، وقد اعتمد عليها الإمام البخاري في صحيحه. وتوجد روايات كثيرة عن ابن عباس أصح من رواية علي بن أبي طلحة، وهي روايات متفرقة ليست مجموعة في نسخة واحدة، منها ما يرويه ابن جرير من طريق الأعمش عن المنهال بن عمرو ومسلم البَطين وعمرو بن مرة كلهم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، ومنها ما يرويه ابن جرير من طريق منصور بن المعتمر عن مجاهد عن ابن عباس، ومنها ما يرويه ابن جرير من طريق  عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس، ومنها ما يرويه ابن جرير من طريق عبد الله بن طاووس وغيره عن طاووس بن كيسان عن ابن عباس، وغيرها كثير.
  2. نسخة تفسير عطية العوفي الكوفي (ت 111 هـ) التي يرويها عن ابن عباس، وهي نسخة كبيرة، رواها ابن جرير وابن أبي حاتم بإسنادها المشهور المسلسل بالعوفيين، وكلهم ضعيف في الحديث، يقول ابن جرير: حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن عن أبيه عن جده عطية العوفي عن ابن عباس، وكذلك يرويها ابن أبي حاتم عن محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي فيما كتب له، وقد بلغ عدد روايات عطية العوفي عن ابن عباس في تفسير ابن جرير نحو (1370) رواية، وغالبها معانيها مقبولة، وفيها أشياء منكرة.
  3. نسخة تفسير عبد الله بن أبي نَجيح المكي (ت 131 هـ) التي يرويها عن مجاهد بن جبر، وهي نسخة كبيرة، يرويها ابن جرير من طريق شيخه المثنى بن إبراهيم الآملي عن أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شِبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. ومن طريق شيخه محمد بن عمرو الباهلي عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل عن عيسى بن ميمون عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. ويرويها ابن أبي حاتم في تفسيره من عدة طرق، منها: عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. وفي تفسير ابن جرير أكثر من خمسة آلاف رواية في التفسير عن مجاهد، غالبها من قوله، وبعضها من رواية مجاهد عن ابن عباس أو غيره من الصحابة والتابعين، وأكثر تلك الروايات يرويها ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح، وبعضها من غير طريقه، ومن ذلك ما يرويه: من طريق شيخه محمد بن حميد الرازي عن حكام عن عنبسة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد. ومن طريق شيخه محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد.
  4. نسخة تفسير عطاء بن دينار المصري (ت 126 هـ) التي يرويها عن سعيد بن جبير، وهي نسخة كبيرة أكثر من أربع مائة رواية، روى غالبها ابن أبي حاتم في تفسيره بإسناده المشهور: حدثنا أبو زُرعة قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني عبد الله بن لهيعة قال: حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير، وهذه النسخة اعتمد عليها ابن أبي حاتم في تفسيره، وإن كانت مروية من طريق ابن لهيعة الذي ضعف روايته في الحديث أبو حاتم وأبي زرعة؛ لأنها نسخة مكتوبة في التفسير وليست أحاديث نبوية، وقد نقلها ابن لهيعة وغيره عن عطاء بن دينار، قال ابن أبي حاتم الرازي في كتابه الجرح والتعديل (6/ 332): (سُئل أبي عن عطاء بن دينار فقال: هو صالح الحديث، إلا أن التفسير أخذه من الديوان، فإن عبد الملك بن مروان كتب يسأل سعيد بن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن، فكتب سعيد بن جبير بهذا التفسير إليه، فوجده عطاء بن دينار في الديوان، فأخذه فأرسله عن سعيد بن جبير).
  5. نسخة تفسير أبي روق عطية بن الحارث الهمداني (ت بعد سنة 140 هـ) التي يرويها عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس، وبعضها عن الضحاك من قوله، رواها ابن جرير بعدة أسانيد أشهرها قوله: حدثنا أبو كُريب محمد بن العلاء الهمداني قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بشر بن عمارة قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك عن عبد الله بن عباس، وكذلك يرويها ابن أبي حاتم عن علي بن طاهر عن أبي كُريب بنفس إسناد ابن جرير، وأكثر ابن أبي حاتم من رواية نسخة أبي روق بإسناد آخر وهو قوله: حدثنا أبو زرعة حدثنا منجاب بن الحارث قال: حدثنا عثمان بن سعيد الزيات قال: حدثنا بشر بن عمارة قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك عن ابن عباس، وقد بلغ عدد روايات أبي روق عن الضحاك قوله أو عن الضحاك عن ابن عباس في تفسير ابن جرير نحو (170) رواية، وفي تفسير ابن أبي حاتم نحو (400) رواية، لكن هذه النسخة في إسنادها ضعف، وفي بعض متونها نكارة وغرابة، فبشر بن عمارة ضعيف جدا.
  6. نسخة تفسير قتادة بن دعامة البصري (ت 117 هـ)، وقد ولد قتادة رحمه الله وهو أعمى، وكان من كبار حفاظ الحديث في عصره، ومن كبار مفسري التابعين، وهو لم يجمع تفسيره بنفسه، ولكن كتب عنه التفسير طلابه، ومن أشهرهم: سعيد بن أبي عروبة، ومعمر بن راشد، وغالب تفسير عبد الرزاق الصنعاني هو عن معمر عن قتادة، ففيه أكثر من (1700) رواية عن معمر عن قتادة، وقد تضمن تفسير ابن جرير (5700) رواية عن قتادة من قوله أو روايته، بعضها من طريق معمر، وبعضها من طريق سعيد بن أبي عروبة، وبعضها من طريق غيرهما، وكثير منها أحاديث نبوية رواها ابن جرير من طريق قتادة عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أو عن بعض التابعين عن الصحابة. وقد روى ابن جرير في تفسيره بإسناد واحد نسخة كبيرة جدا من تفسير قتادة، وهو هذا الإسناد: حدثنا بشر بن معاذ العقدي قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وعدد الروايات عن قتادة بهذا الإسناد فقط (3423) رواية، وروى ابن جرير من طريق معمر عن قتادة نحو (1700) رواية.
  7. نسخة تفسير محمد بن كعب القرظي المدني (ت 120 هـ) التي يرويها عنه أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني، وموسى بن عبيدة الربذي، وأبو صخر المدني، وهي نسخة صغيرة، فيها نحو مائة وخمسين رواية، غالبها في تفسير ابن جرير وتفسير ابن أبي حاتم، ومن أشهر أسانيد ابن جرير في رواية هذه النسخة قوله: حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: حدثني حجاج عن أبي معشر عن محمد بن كعب، وابن جرير يروي عن شيخه القاسم بن الحسن عن الحسين بن داود عدة نسخ في التفسير، كنسخة تفسير محمد بن كعب القرظي، وتفسير الضحاك، وتفسير ابن جريج، وعدد الروايات التي رواها ابن جرير في تفسيره من طريق شيخه القاسم عن الحسين أكثر من (2300) رواية، منها (1880) رواية من طريق القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج.
  8. نسخة تفسير أسباط بن نصر (ت 170 هـ) التي يرويها عن السُّدي الكبير، واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن (ت 127 هـ)، وهذه النسخة يرويها ابن جرير من عدة طرق، أشهرها عن شيخه محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط عن السدي، ويرويها ابن جرير أيضا: عن موسى بن هارون الهمداني قال: حدثنا عمرو بن حماد القناد قال: حدثنا أسباط بن نصر الهمداني عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي عن أبي مالك غزوان الغفاري، وعن أبي صالح باذان عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا التفسير جمعه السدي عن مشايخه الذين سماهم، وكلهم ثقات إلا أبا صالح باذان، فهو ضعيف جدا، ولم يرضه كثير من العلماء في التفسير، وقد خلط السدي روايات الجميع، فلم تتميز روايات الثقة من الضعيف، وقد بلغ عدد روايات أسباط عن السدي في تفسير ابن جرير نحو (1770) رواية، وكذلك يرويها ابن أبي حاتم من عدة طرق، أشهرها عن شيخه أبي زُرعة الرازي عن عمرو بن حماد عن أسباط بن نصر عن السدي.
  9. نسخة تفسير الربيع بن أنس (ت 140 هـ) التي يرويها عن أبي العالية الرياحي المدني ثم البصري ثم المروزي (ت 93 هـ)، وهذه النسخة يرويها ابن جرير بعدة أسانيد أشهرها قوله: حُدِّثت عن عمار بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قال: حدثني أبو العالية، ويرويها ابن جرير أيضا بقوله: حدثني المثنى بن إبراهيم قال: حدثنا آدم قال: حدثنا أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية، وهذه النسخة ليست كبيرة، فقد بلغ عدد روايات الربيع عن أبي العالية في تفسير ابن جرير نحو (225) رواية، ويرويها ابن أبي حاتم من عدة طرق، أشهرها عن شيخه عصام بن رواد العسقلاني عن آدم بن أبي إياس عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية. وقد بلغ عدد روايات الربيع عن أبي العالية في تفسير ابن أبي حاتم نحو (450) رواية.
  10. نسخة تفسير ابن جُريج المكي (ت 150 هـ)، وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج، إمام أهل الحجاز في عصره، وهو أول من صنف العلم في مكة، وتفسيره كبير، فقد بلغت عدد روايات ابن جريج في تفسير ابن جرير الطبري أكثر من ألفين وخمس مائة رواية، يرويها ابن جرير في تفسيره بأكثر من مائة طريق، غالبها: من طريق شيخه القاسم بن الحسن عن الحسين بن داود المصيصي عن حجاج بن محمد عن ابن جريج، ويرويها أيضا من طريق شيخه الحارث بن محمد بن أبي أسامة عن الحسن بن موسى الأشيب عن ورقاء عن ابن جريج، ويرويها أيضا من طريق شيخه الحسن بن محمد الزعفراني عن حجاج عن ابن جريج، ومن طريق شيخه عباس بن محمد الدوري عن حجاج عن ابن جريج، وهذان الإسنادان الأخيران عاليان، فبين ابن جرير وبين ابن جُريج في كل واحد منهما راويان فقط، ويُروى تفسير ابن جُريج بطرق أخرى في تفسير ابن المنذر وابن أبي حاتم، أما عبد الرزاق الصنعاني فهو تلميذ ابن جريج، يروي عنه مباشرة بلا واسطة، لكن عبد الرزاق لم يكثر في تفسيره من الرواية عن شيخه ابن جُريج، لكن في مصنفه أكثر من الرواية عنه جدا، فعدد روايات ابن جُريج في مصنف عبد الرزاق (4938) رواية.

Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

وسائل الديمقراطيين في إقناع المسلمين بالنظام الديمقراطي – سالم محمد

منذ حوالي ساعة مادة مختارة من كتاب:( حقيقة الديمقراطية) لـلشيخ/محمد شاكر الشريف حفظه الله تعالى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *