أفضل وسيلة لفهم النفس وتحديد أهدافها وخصائصها هو أن (تُكتشف) بانخراطها في تجارب جديدة، ومشروعات مختلفة، وأفعال متعددة، ومغامرات متنوعة
يقول البعض: أرغب أن أفهم نفسي لأعرف ماذا أريد وأحدد أهدافي، فيخلو بنفسه متأملاً وباحثاً ومفتشاً في أحداث حياته، وتكون النتيجة دون المستوى المطلوب.. مجرد ملاحظات متناثرة لا صلة بينها.. بعضها معزول عن بعض.. فيشعر المستبصر أنه في حاجة لخلوات حتى يصل لفهم أعمق ومتسق، فيعود للتأمل والتفتيش والنبش.. فيشعر بحاجته إلى المزيد.. وهكذا يمضي العمر وهو غير راض عما وصل إليه لشعوره أن فهمه ناقص، ومعرفته قاصرة، ولم يصل إلى مبتغاه.
والذي أدركته من تجربتي الشخصية أن أفضل وسيلة لفهم النفس وتحديد أهدافها وخصائصها هو أن (تُكتشف) بانخراطها في تجارب جديدة، ومشروعات مختلفة، وأفعال متعددة، ومغامرات متنوعة.. ذلك لأن النفس فيها إمكانيات وممكنات كامنة.. لا يمكن معرفتها إلا باكتشافها واختبارها وتجربتها..
ولذا قلتُ: النفس تُفهم بالاكتشاف أي بالتجارب الجديدة.. لا بالتأمل النظري فقط.
ولعل هذا هو قصد المفكر والشاعر الباكستاني المشهور( محمد إقبال ) إذ يقول:
( ليس منتهى غاية الذات أن ” ترى” شيئاً..
بل أن ” تصيـر ” شيئاً ).
وصيتي لك: جرب كثيراً وستعرف نفسك.. ولا تخف من الفشل.. فهو ضروري جداً بل هو جزء أساس لفهم النفس.. !
لا تنغمس في ذاتك فتتضخم عزلتك وتشتد انطوائيتك وتفقد صلتك بالعالم وتضعف علاقاتك وتجتر بتكرار ممل الأحداث نفسها.. تحت دعوى: وهم فهم النفس والتأمل فيها..
بعدها ستجد نفسك ذات صباح.. وقد تجاوزك العالم.. ولم تستفد إلا الانطوائية والسوداوية والمزيد من الكراهية للعالم والناس.. والحقيقة أن كراهيتك لنفسك وبغضك لها وندمك على ما فاتك؛ تُسقطها على الآخرين..
اعمل وستفهم..
افعل وستعرف..
واكتشف وجرب.. فالعالم معمل كبير.. ومختبر مفتوح..!
خالد بن منصور الدريس
أستاذ مشارك قسم الحديث في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك سعود بالرياض. ومدير موقع تعليم التفكير من منظور إسلامي
Source link