منذ حوالي ساعة
من بين رجاله الأفذاذ يسطع اسم الإمام الجليل شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق، الذي خطّ بفتاواه ومواقفه صفحاتٍ من نور تُدرَّس للأجيال في معاني الثبات على المبدأ، وصون الدين من كلّ تلاعب، والوقوف في وجه ما يخالف أحكام الشريعة.
أسد الأزهر الشريف… رحمة الله عليه حصن العقيدة وقلعة الحق عبر العصور
على مرّ التاريخ، لم يكن الأزهر الشريف مجرّد مؤسسة تعليمية أو منبراً للوعظ فحسب، بل كان دائمًا حارسًا أمينًا لعقيدة الأمّة، وصوتًا جهوريًا يصدع بالحق مهما اشتدت العواصف أو عظمت التحديات. ومن بين رجاله الأفذاذ يسطع اسم الإمام الجليل شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق، الذي خطّ بفتاواه ومواقفه صفحاتٍ من نور تُدرَّس للأجيال في معاني الثبات على المبدأ، وصون الدين من كلّ تلاعب، والوقوف في وجه ما يخالف أحكام الشريعة.
فتوى تهز العالم في وجه التطبيع
في زمن اجتاحت فيه رياح التطبيع كثيرًا من المواقف والقرارات، وقف الشيخ جاد الحق كالجبل الراسخ، معلنًا فتواه الشهيرة: “من يذهب إلى ا ل ق د س من المسلمين آثم… آثم.” لم تكن كلمات عابرة، بل صرخة حق دوّت في أرجاء العالم، حاملة في طيّاتها تحذيرًا واضحًا وصريحًا من الانحراف عن ثوابت الدين والضمير.
مواجهة بلا تردّد مع رموز الاحتلال
حين جاء الرئيس اليهودي — عيزرا وايزمان — إلى القاهرة، ورتّبت له الرئاسة لقاءً مع شيخ الأزهر (ويبدو أنها لم تكن بترتيب مسبق مع الشيخ)، فكان جواب أسد الأزهر حاسمًا: رفض مقابلته رفضًا قاطعًا وقال: “لن ألوث يدي بمصافحة قتلة أطفالنا ومغتصبي أرضنا.” موقفٌ جرئ وضع السلطة في موقفٍ محرج، لكنه رفع من هيبة الأزهر أمام الأمة.
إغلاق أبواب النيل أمام الأطماع
وعندما طمعت أيدي الأطماع في مياه النيل، أطلق الشيخ جاد الحق عبارته المشهورة التي انتشرت في صدر الصحف: “إن حصول إسرائيل على مياه النيل أصعب من امتلاكها سطح القمر.” كانت رسالة واضحة: النيل شريان حياة، ولن نرضى التفريط فيه تحت أي ذرائع.
ثبات أمام إغراءات السلطة والاقتصاد
حين نصحت دوائر اقتصادية الحكومة بطلب فتوى تُبيح فوائد البنوك لتشجيع الناس على وضع أموالهم فيها، خاطب مبارك الشيخ طالبًا موقفًا يخفف الضغط الاقتصادي، فقال الشيخ بوقفةٍ رافضة وحازمة: “ومن قال لك أني أحرم أو أُحلل؟ إن الذي يُحلل أو يُحرّم هو الله، ولن تتغير فتواي أبدًا — بتحريم فوائد البنوك.” وظل الأزهر على هذا الموقف طوال حياته، غير منقوصٍ من ثبات ولا متزلزل.
تصدي لمؤامرات تُخالف الشريعة
عندما انعقد مؤتمر السكان الدولي بالقاهرة عام 1994، وظهرت وثائق تضم بنودًا تتعارض مع تعاليم الإسلام (من إباحة الشذوذ والزنا، إلى ترويج الإجهاض، والمساواة المطلقة في الميراث خلافًا للشريعة)، أصدر شيخ الأزهر ومعه علماء الأزهر بيانًا شديد اللهجة يناشد الأمة بالتمسّك بمنهج الشريعة ورفض أي بند يتعارض معها. ولقد كان لهذا البيان أثر بالغ؛ إذ دفَع القيادة السياسية لإعلان تبنّي موقف الأزهر، وأكدت الدولة أن مصر المسلمة لن تسمح لقراراتٍ أن تصطدم مع دينها الحنيف.
حماية الحجاب في المدارس
حين أصدر قرارٌ وزاري يقيد ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية ويجعل موافقة وليّ الأمر شرطًا للمراحِل الإعدادية والثانوية، تصدّى الأزهر واعتبر القرار مخالفًا للشريعة، مما اضطر الحكومة إلى التراجع. هكذا ظل الأزهر درعًا لحماية قيم الأمة وسترها.
رفض الابتذال واستنكار مظاهر التحلل
لم يقتصر دور الشيخ على السياسية فقط، بل امتدّ إلى حماية أخلاق المجتمع. حين ظهرت مسابقة اختيار ملكة جمال النيل كتب الشيخ مقالًا عنوانه: *”أوقفوا هذا العبث فورًا” *مستهجنًا أن يُقام مثل هذا في بلد العروبة والإسلام، ومؤكدًا أنها عودة مقنعة للرّق والنخاسة، وهو ما يتعارض جذريًا مع تعاليم ديننا.
زهد وورع قلّ أن يوجد مثله
لم تكن لحظاتُ الزهد هذه برهانًا على ضعف، بل على قوة الإيمان. عاش الشيخ جاد الحق حياةً بسيطة في شقته بحيّ المنيل، يصعد الخِرّان المتهالكة إلى الطابق الخامس رغم تقدّم العمر وقربه من الثمانين. رفض الانتقال إلى مسكن أوسع، ولم يتلقَّ أيًّا من الأموال خارج راتبه الرسمي، ورفض أن يأخذ مقابل أبحاثه أو كتبه، محتسبًا كلّ ذلك لوجه الله. عاش هو وأولاده في كفافٍ نَهَلَه من صدق الإيمان، وكان ذلك سببًا في أن يخشاه من في السلطة، لأن الأزهر لم يرضَ إلا رجالا لا يخشون إلا الله.
دروس مستفادة
الأزهر مؤسّسة حيّة، وصوت الأمة الذي لا يلين.
الشريعة فوق كل اعتبارٍ سياسي أو اقتصادي.
العلماء الثابتون هم حصن الأمة، وقِوامُها أمام موجات الانحراف.
لقد خافوا من الأزهر لأنه يضمّ رجالًا لا يهادنون في الحق، يُقدِّمون المبدأ على المصلحة، ويحمون الدين من كلّ انحراف.
من صفحة: عظماء خدموا الإسلام
Source link