إن الخير قادم لا محالة والأمة منتصرة على عدوها ولكن السؤال الذي يجب أن يسأله كل واحد منا نفسه، هل لي شرف المشاركة في صناعة النصر؟.
يوم جميل يوم ينتصر المظلوم على ظالمه، وينتصف المعتدى عليه من المعتدي، ذاك يوم يشفي الله فيه الصدور ويذهب غيظ القلوب؛ ولذا له طعمه الخاص، قال الله -تعالى-: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 14-15].
وسنة الله -تعالى- إذلال الطغاة، ففرعون أذهب الله ملكه وأهلكه على يد من رآه مهينا، قال فرعون في شأن موسى -عليه السلام-: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: 52].
وكان يوم هلاك فرعون يوم نصر لموسى – عليه السلام-بعد طول عناء وجهد، لتكتمل الفرحة، ويتم السرور بالانتصاف من العدو الظالم الذي طالما أَرهَق وأَذَل.
وقَتَلَ فرعونَ هذه الأمة أبا جهل بن هشام شابان حدثان من شباب الأنصار، والذي أجهز عليه أحد الذين يراهم أبو جهل ذليلين لا مكانة لهم في المجتمع، فقد فرح النبي -صلى الله عليه وسلم- بموته، في يوم من أيام النصر الخالدة التي سطرها القرآن.
قال ابن مسعود وهو يحدث عن مصرع أبي جهل: فوجدته بآخر رمق، فعرفته فوضعت رجلي على عنقه، قال: و قد كان آذاني بمكة، ثم قلت له: هل أخزاك الله يا عدو الله؟… ثم احتززت رأسه، ثم جئت به رسول الله -صلى الله عليه و سلم-، فقلت: يا رسول الله هذا رأس عدو الله، فقال: «آلله الذي لا إله غيره»؟ وكانت يمين رسول الله -صلى الله عليه و سلم-، فقلت: نعم والله الذي لا إله غيره، ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه و سلم- فحمد الله. (سيرة ابن كثير، 2/440).
فسبحان الله قاصم الجبابرة، ومذل العتاة، وما أشبه نهاية أبي جهل بنهاية فرعون، وكما أذل الله تعالى أبا جهل فكان مماته على يد غلمان، لم يدر في خلد أبي جهل يوماً أن يكون هؤلاء قتلته، وكما أذل من قبل فرعون وجنوده، ليس بعزيز عليه أن يذل اليوم المتجبرين بأيدي المستضعفين، كما قال الله تعالى في محكم كتابه، فقال: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 5].
إن يوم النصر حتمي القدوم وسوف يمن الله فيه على المستضعفين من المسلمين في هذا الزمان، وينصرهم على من بغى عليهم وتجبر، ذلك اليوم الذي يري الله -تعالى- فيه المتجبرين وأعوانهم ما كانوا يحذرون، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
وإن تأخر ذلك اليوم لحكمة يعلمها الله -تعالى-، فيجب ألا تهتز قناعتنا بشروق شمسه، فإن بين يوم، دعاء موسى -عليه السلام-: {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88] ويوم إجابة هذه الدعوة بهلاك فرعون أكثر من أربعين سنة.
إن الخير قادم لا محالة والأمة منتصرة على عدوها ولكن السؤال الذي يجب أن يسأله كل واحد منا نفسه، هل لي شرف المشاركة في صناعة النصر؟.
Source link