ما البركة في السُّحور؟ ومتى يبدأ وقت السحور؟ وما المستحب في السُّحور؟
السَّحور: بفتح السّين ما يؤكل وقت السّحر – آخر الليل – وبضم السّين: هو الفعل – يعني أكل السُّحور – وقد صحّ عنه – صلّى الله عليه وسلّم -، أنّه قال: «تسحروا فإن في السُّحور بركة»، (متفق عليه) .
وهل الأمر في الحديث يفيد الوجوب أم الاستحباب؟
وماهي البركة في السُّحور؟
ومتى يبدأ وقت السحور؟
وما المستحب في السُّحور؟
أولاً: الأمر في الحديث يفيد الاستحباب وليس الوجوب، وقد نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على ذلك، والدّليل على الاستحباب مواصلة النّبي صلّى الله عليه وسلّم – وأصحابه الصّيام لأكثر من يومين كما في الأحاديث الصّحيحة، ولو كان السّحور واجباً لما واصلوا وتركوا السُّحور.
وما هي البركة في السُّحور:
• السُّحور فيه بركة دينيّة، وهي امتثال أمر النبي – صلّى الله عليه وسلّم -، والاقتداء به، وكذلك فيه مخالفة لأهل الكتاب لقوله – صلّى الله عليه وسلّم: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السَّحر»، (رواه مسلم).
• ومن بركتة التّقوي على العبادة، وحفظ قوة البدن ونشاطه.
• ومن بركته القيام آخر الليل للذّكر والصّلاة والدّعاء.
• ومن بركته ما ذكره الحافظ في الفتح: أنّه يعين على مُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ، قَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذِهِ الْبَرَكَةُ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ يُوجِبُ الْأَجْرَ وَزِيَادَتَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّوْمِ وَتَيْسِيرِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالصَّائِمِ قَالَ: وَمِمَّا يُعَلَّلُ بِهِ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ الْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عِنْدَهُمْ وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأُجُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ نقل كلامه هذا الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
ويحصل السُّحور بتناول القليل من الطّعام أو الشّراب لحديث أبي سعيدٍ الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم -: «السُّحور أكله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء»، (رواه أحمد وغيره وإسناده حسن).
وقال البهوتي: ( وتحصل فضيلته) أي: السحور (بشربٍ) لحديث: ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، ويحصل كمالها أي: فضيلة السحور (بأكلٍ) للخبر، وأن يكون من تمرٍ لحديث: نعم سحور المؤمن التّمر (شرح منتهى الإرادات).
وقال شيخ الإسلام: والأشبه: أنّه إن قدر على الأكل فهو السّنّة (كتاب الصيام من شرح العمدة).
وقت السُّحور:
أمّا وقته فيكون في آخر الليل، فالسَّحور هو ما يُؤكل في أخر الليل – وقت السّحر -.
قال الحافظ ابن حجرٍ في فتح الباري: السّحر هو آخر الليل والسُّحور هو الغذاء في ذلك الوقت.انتهى كلامه.
ويمتد إلى أذان الفجر الثّاني، فيجوز للإنسان أن يأكل ويشرب حتى يؤذن الأذان الثّاني، لقوله – صلّى الله عليه وسلّم -: إنّ بلالاً يؤذن بليلً فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتومٍ، متفق عليه.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ وقت السُّحور يبدأ من بعد منتصف الليل والرّاجح أنّ وقت السُّحور يكون في آخر الليل، أمّا الأكل بعد صلاة التّراويح وقبل منتصف الليل فليس بسحورٍ على كلا القولين.
ويُسَنُّ للصائمِ أن يُؤخر السُّحورِ ما لم يخشَ طلوعَ الفَجرِ، فعن أنسٍ – رَضِيَ اللهُ عنه – أنَّ زَيدَ بنَ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه حدَّثَه: أنَّهم تسَحَّروا مع النبيِّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – ثمَّ قاموا إلى الصَّلاةِ، قلتُ – أي أنَس -: كم بينهما؟ قال: قَدْرُ خَمسينَ آيةً، (اخرجه البخاري).
فالحديثُ فيه دَلالةٌ على استحبابِ التَّسحُّرِ وتأخيرِه إلى قريبِ طُلوعِ الفَجرِ الثاني وقد نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشد، وابنُ مفلِحٍ، والمَرداويُّ.
كيفية حساب منتصف الليل:
الليل يبدأ من غروب الشّمس، وينتهي بطلوع الفجر، فتحسب المدّة ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر، ثمّ تقسم الناتج على اثنين، ثمّ تضيفه إلى وقت الغروب فيكون الناتج منتصف الليل.
__________________________________________________________
الكاتب: زياد عوض أبو اليمان
Source link