منذ حوالي ساعة
قد غرس الله تعالى معنى الأمة الواحدة والجسد الواحد في نفوس المؤمنين، وهذا المفهوم يجب أن يترسخ عند كل فرد من أفراد هذه الأمة، ،وأمَّا من لا يهتم بأمر المسلمين فليراجع إيمانه، فإن في إيمانه خللًا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29].
تأمل قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}، وهو ينهى أن يقتل بعض المؤمنين بعضًا!
وهذا بيان منه تعالى بأنَّ المؤمنين أمةٌ واحدةٌ بعضهم من بعض؛ كالجسدِ الواحدِ تمامًا، تألم الأمة لألم أحدِ أفرادها، وتحزن لحزنه، وتهتم لأمره ولو كان في أقصى الأرض.
وهذا المفهوم يجب أن يترسخ عند كل فرد من أفراد هذه الأمة، وإلا كان الانتماء لهذه الأمة مجرد دعوى تفتقر إلى الدليل، لمن لا يهتم لأمر هذه الأمة.
وقد غرس الله تعالى هذا المعنى في نفوس المؤمنين بعدة آيات منها هذه الآية التي نحن بصددها؛ حيث جعل القاتل قتيلًا بقتله لأخيه، بمثابة من قتل نفسه.
ومنها قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61]؛ أي: لْيُسَلِّمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ.
وقد بيَّن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا المعنى أَتمَّ بيانٍ؛ فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»[1].
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ»[2].
فأمَّا من لا يهتم بأمر المسلمين فليراجع إيمانه، فإن في إيمانه خللًا عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُصْبِحْ وَيُمْسِ نَاصِحًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ ولإِمَامِهِ ولِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ»[3].
[1] رواه مسلم، كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ، حديث رقم: 2586. [2] رواه أحمد- حديث رقم: 991، والنسائي، كِتَابُ الْقَسَامَةِ، بَابُ الْقَوَدِ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْمَمَالِيكِ فِي النَّفْسِ، حديث رقم: 4735، بسند صحيح. [3] رواه الطبراني في الأوسط- حديث رقم: 7374، والصغير- حديث رقم: 907.
_______________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
Source link