منذ مايقارب الثلاث سنوات ابتليت بورم ليفي في الرحم تسبب لي في نزيف مصاحب للدورة الشهرية مما جعلها تستمر معي ل٩ ايام او اكثر لتصل في بعض الأحيان الى ١٥ يوم و كنت عندما اطهر في أي يوم من هذه الايام اغتسل و أصلي الا لو زادت عن ال١٥ يوم -فلقد حدثت معي مرة- اغتسل و اعتبر مابعدها استحاضة و لكن هناك من قال لي انني من الواجب علي الاغتسال بعد اليوم السادس كعادتي قبل المرض و اعتبار الايام الزائدة استحاضة لأنها ليست عادتي و ان هذا أمر طاريء و أصلي و أصوم .. و لقد أصابني الحزن هل كنت على صواب أم مخطئة ؟
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت أن العادة الشهرية كانت ستة أيام قبل المرض، ثم زادت بسبب المرض الذي أبتليت به، فإن الدمُ الذي ينزل في موعد الدورة هو دمَ العادة المعروف للمرأة، هو دمُ حيضٍ، تترك وقتَه الصوم والصلاة مدة حيضها المعروف وهو الأيام الستة، وما زاد على العادة المعروفة فلا يُعتبر دمَ حيض يَمنع الصوم والصلاة والجِماع؛ لأنه إنما نزَل بسبب الورم الليفي.أما الأيام التي تركت فيها الصلاة بسبب ظن الحيض، فلا شيء عليك؛ لأن من رحمة الله تعالى أن الحكم الشرعي لا يثبت في حق المكلفين إلا بعد البلاغ؛ قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5]، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((رُفع عن أمتي الخطأُ والنسيانُ وما استكرهوا عليه))؛ رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما.
قال شيخ الإسلام في “مجموع الفتاوى” (22/ 41-45): “ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلاغ؛ لقوله تعالى {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَ} [الأنعام: 19] ا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] ولقوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، ومثل هذا في القرآن متعدد، بين سبحانه أنه لا يعاقب أحدًا حتى يبلغه ما جاء به الرسول، ومن علم أن محمدًا رسول الله فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرًا مما جاء به لم يعذبه الله على ما لم يبلغه؛ فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان بعد البلوغ، فإنه لا يعذبه على بعض شرائطه إلا بعد البلاغ أولى وأحرى؛ وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المستفيضة عنه في أمثال ذلك؛ فإنه قد ثبت في الصحاح أن “طائفة من أصحابه ظنوا أن قوله تعالى: { الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، هو الحبل الأبيض من الحبل الأسود، فكان أحدهم يربط في رجله حبلاً، ثم يأكل حتى يتبين هذا من هذا، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بياض النهار، وسواد الليل، ولم يأمرهم بالإعادة”، وكذلك عمر بن الخطاب وعمار أجنبا، فلم يصل عمر حتى أدرك الماء، وظن عمار أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء فتمرغ كما تمرغ الدابة، ولم يأمر واحدًا منهم بالقضاء، وكذلك أبو ذر بقي مدة جنبًا لم يصل، ولم يأمره بالقضاء، بل أمره بالتيمم في المستقبل، وكذلك المستحاضة قالت: “إني أستحاض حيضة شديدة تمنعني الصلاة والصوم، فأمرها بالصلاة زمن دم الاستحاضة، ولم يأمرها بالقضاء”،، والله أعلم.
Source link