السلام عليكم لدي مشكلة مع الناس ( الأقرباء، الأصدقاء و المعارف)، عندما يخبرونني أنهم يريدون المجيء عندي إلى بيتي ( مع العلم أنني اسكن لوحدي)، اخبرهم أنني لا أستطيع استقبال الضيوف أكثر من أسبوع، فيغضبون مني ويتعاملون معي بعدها ببرودة …، مع العلم أن أغلبهم لا يفهمون من التلميحات، فأضطر لإخبارهم قبل المجيء. فسؤالي هل أنا مخطئ في مدة الضيافة؟ و هل أنا مخطئ في اخباري لهم عن مدة الضيافة؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلم يزل قِرَى الضيف، وحسن القيام عليه من شيم الكرام وعادات الصالحين، ومكارم الأخلاق، ومحاسن الدين، كما أن منع القرى مذموم على الألسن وصاحبه ملوم، ومن ثم أوجبها الله تعالى على المسلمين، وهو الراجح من قولي أهل العلم؛ ففي الصحيحين عن أبي شريح الخزاعي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه جائزته، قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه.
وفيهما عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “فإن لزوجك عليك حقًا، ولزورك عليك حقًا، ولجسدك عليك حقًا” فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن عليك أمورا واجبة من حق النفس والأهل والزائرين فليس لك أن تفعل ما يشغلك عن أداء هذه الحقوق الواجبة بل آت كل ذي حق حقه.
جاء في نيل الأوطار (8/ 179): “… والحق وجوب الضيافة؛ لأمور: الأول: إباحة العقوبة بأخذ المال لمن ترك ذلك؛ وهذا لا يكون في غير واجب.
والثاني: التأكيد البالغ بجعل ذلك فرع الإيمان بالله واليوم الآخر، ويفيد أن فِعْلَ خلافه فعل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ومعلوم أن فروع الإيمان مأمور بها، ثم تعليق ذلك بالإكرام وهو أخص من الضيافة فهو دال على لزومها بالأولى.
الثالث: قوله: “فما كان وراء ذلك فهو صدقة”، فإنه صريح أن ما قبل ذلك غير صدقة بل واجب شرعا.
الرابع: قوله – صلى الله عليه وسلم -: “ليلة الضيف حق واجب”، فهذا تصريح بالوجوب، لم يأت ما يدل على تأويله”. اهـ.
وجاء في “معالم السنن” (4/ 238) للخطابي: “قوله: “جائزته يوم وليلة”، سئل مالك بن أنس عنه فقال: يكرمه ويتحفه ويخصه ويحفظه يوماً وليلة، وثلاثة أيام ضيافة.
قلت يريد أنه يتكلف له في اليوم الأول بما اتسع له من بر وألطاف، ويقدم له في اليوم الثاني والثالث ما كان بحضرته ولا يزيد على عادته، وما كان بعد الثلاث فهو صدقة ومعروف إن شاء فعل وإن شاء ترك.
وقوله: “لا يحل له أن يثوي عنده حتى يُحَرِّجَه”، يريد أنه لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد الثلاث من غير استدعاء منه، حتى يضيق صدره فيبطل أجره؛ وأصل الحرج الضيق”. اهـ.
هذا؛ والشارع الحكيم ، أرشدنا إلى استعمال الأدب في المنطق، واستعمال أحسن الألفاظ، والعدول عن الكلام الخشن الجافي؛ قال الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}[الإسراء: 53]، وقال تعالى: {وجادلهم بالتي هي أحسن}[النحل: 125]، فالشيطان ينزغ بين الناس عمومًا والأقارب والأصدقاء خصوصًا، إذا كلَّم بعضهم بعضًا بغير التي هي أحسن، ورب حرب وقودها جثث وهام، أهاجها القبيح من الكلام.
فإذا كان أقاربك يغضبون من مصارحتك لهم بهذا الطريقة فكفَّ عنها، ويمكنك أن تعلق لوحة كبيرة في مكان الاستقبال وتكتب فيها الحديث أبي شريح الخزاعي بخط كبير مقروء،، والله أعلم.
Source link