استحباب السواك عند الانتباه من النوم

كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك. (ورواه مسلم)

يستحب السواك عند الانتباه من النوم، وهو مذهب الحنفية[1]، والمالكية[2]، والشافعية[3]، والحنابلة[4].

 

الدليل على استحبابه:

الدليل الأول:

(720-56) ما رواه البخاري، قال – رحمه الله -: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك. ورواه مسلم أيضًا[5].

 

قال ابن دقيق العيد: “فيه دليل على استحباب السواك في هذه الحالة الأخرى، وهي القيام من النوم، وعلته: أن النوم مقتضٍ لتغير الفم، والسواك هو آلة التنظيف للفم، فيسن عند مقتضى التغير. وقوله: “يشوص” اختلفوا في تفسيره، فقيل: يدلك. وقيل: يغسل. وقيل: ينقي. والأول أقرب. وقوله: “إذا قام من الليل” ظاهره يقتضي تعليق الحكم بمجرد القيام، ويحتمل أن يراد: إذا قام من الليل للصلاة” اهـ[6].

 

الدليل الثاني:

(721-57) ما رواه مسلم، قال – رحمه الله -: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسماعيل بن مسلم، حدثنا أبو المتوكل، أن ابن عباس حدثه، أنه بات عند النبي – صلى الله عليه وسلم – ذات ليلة فقام نبي الله – صلى الله عليه وسلم – من آخر الليل، فخرج فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية في آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } [آل عمران: 190] حتى بلغ {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191]، ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك فتوضأ، ثم قام فصلى[7].

 

يحتمل أنه تسوك من أجل القيام من النوم، أو من أجل الوضوء، أو من أجل الصلاة، ولا يبعد أن يكون تسوك منها كلها، ولا يمنع أن يكون هناك أكثر من سبب للتسوك، ولو لم يثبت في التسوك من القيام من الليل حديث، لكان يكفي فيه حديث عائشة: «السواك مطهرة للفم»؛ فإن النوم مظنة لتغير الفم، فيشرع تطهير الفم منه، والله أعلم.

 

الدليل الثالث:

(722-58) ما رواه أحمد، قال – رحمه الله -: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن مسلم بن مهران – مولى لقريش – سمعت جدي يحدث عن ابن عمر، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك.

[إسناده حسن – إن شاء الله تعالى][8].

 

الدليل الرابع:

(723-59) ما رواه الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا موسى بن هارون، ثنا سعيد بن عبدالجبار الكرابيسي، ثنا إبراهيم بن ثابت من بني عبدالأول، حدثني عكرمة بن مصعب من بني عبد الدار، عن محرر بن أبي هريرة، عن أبيه، قال: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – لا ينام ليلة ولا ينتبه إلا استن.

[إسناده ضعيف][9].

 

الدليل الخامس:

(724-60) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عفان، حدثنا همام، قال: حدثني علي بن زيد بن جدعان، قال: حدثتني أم محمد، عن عائشة، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان لا يرقد ليلاً ولا نهارًا إلا تسوك قبل أن يتوضأ[10].

[إسناده ضعيف][11].

 

الدليل السادس:

(725-61) ما رواه أحمد، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام، حدثنا هشام بن عروة، قال: حدثني أبي، أن عائشة حدثته، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يرقد، فإذا استيقظ تسوك، ثم توضأ، ثم صلى ثمان ركعات يجلس في كل ركعتين، فيسلم، ثم يوتر بخمس ركعات، لا يجلس إلا في الخامسة، ولا يسلم إلا في الخامسة.

[رجاله ثقات، إلا أن ذكر السواك فيه شاذ][12].

 

الدليل السابع:

(726-62) ما رواه مسلم بسنده، عن سعد بن هشام، أنه قال لعائشة: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن وتر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالت:كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد، وتلك إحدى عشرة ركعة. الحديث قطعة من حديث طويل[13].

 

(727-63) وفي رواية لأبي داود، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا بهز بن حكيم، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يوضع له وضوءه وسواكه، فإذا قام من الليل، تخلى ثم استاك.

[سنده حسن][14].

 

الدليل الثامن:

(728-64) ما رواه ابن أبي عمر، قال: حدثنا وكيع، ثنا المنذر بن ثعلبة العبدي، عن ابن بريدة، عن أبيه – رضي الله عنه – قال: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان إذا انتبه من الليل، دعا جارية – يقال لها: بريرة – بالسواك[15].

[إسناده صحيح][16].

 

الدليل التاسع:

(729-65) ما رواه أحمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا واصل، عن أبي سورة، عن أبي أيوب أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يستاك من الليل مرتين أو ثلاثًا، وإذا قام يصلي من الليل صلى أربع ركعات لا يتكلم ولا يأمر بشيء، ويسلم بين كل ركعتين[17].

[إسناده ضعيف][18].

 


[1] شرح فتح القدير (1/25)، حاشية ابن عابدين (1/113)، البحر الرائق (1/21).

[2] مواهب الجليل (1/264)، الفواكه الدواني (1/136)، حاشية الدسوقي (1/103)، الشرح الصغير (1/126).

[3] الأم (1/94)، المجموع (1/329)، طرح التثريب (1/66)، أسنى المطالب (1/36)، تحفة المحتاج (1/219)، حاشية الجمل (1/121).

[4] الإنصاف (1/118)، مطالب أولي النهى (1/82)، الفروع (1/126)، شرح منتهى الإرادات (1/42)، كشاف القناع (1/72، 73).

[5] مدار هذا الحديث على أبي وائل: شقيق بن سلمة، عن حذيفة مرفوعًا.

رواه حصين، عن أبي وائل بزيادة: “إذا قام ليتهجد”، ورواه منصور، والأعمش، عن أبي وائل بدون هذه الزيادة: إذا قام من الليل، واستغرب ابن منده زيادة: ليتهجد، وذكر مسلم أن كلاًّ من منصور والأعمش لم يقولا: ليتهجد، وإليك تخريج رواياتهم:

الطريق الأول: عن منصور وحصين، مجموعين كلاهما، عن أبي وائل به.

أخرجه أحمد (5/402)، ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن منصور وحصين به، بلفظ: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا قام من الليل للتهجد يشوص فاه بالسواك.

وهذا لفظ حصين؛ وذلك أن رواية منصور إذا جاءت وحدها، لم يذكر فيها لفظ: “التهجد”، وكذلك إذا قرن منصور برواية الأعمش، عن أبي وائل، وإذا ذكرت رواية حصين منفردة جاء لفظ التهجد، ولم تتخلف رواية حصين عن ذكر هذه اللفظة في كل الروايات التي رويت عنه وحده، وقد صرح مسلم في صحيحه أن رواية منصور والأعمش عن حصين ليس فيها لفظ التهجد.

وأخرجه ابن ماجه (286) عن علي بن محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن منصور وحصين به.

وأخرجه ابن خزيمة (136) من طريق يوسف، عن موسى، أخبرنا وكيع به، وأخرجه ابن حبان (1072) من طريق إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن منصور وحصين به، ولم يقل: “للتهجد”، وهذا واضح أنه قدم لفظ منصور.

وتابع وكيعًا: عبدالرحمن بن مهدي، فأخرجه أحمد ( 5/402 ) حدثنا عبدالرحمن – يعني: ابن مهدي – عن سفيان، عن منصور وحصين به، ولم يقل: “للتهجد”.

وأخرجه مسلم (47 – 255) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار، قالا: حدثنا عبدالرحمن به، وأخرجه النسائي في الصغرى (1321)، وفي السنن الكبرى للنسائي (1321)، وفي سنن البيهقي (1/38) من طريق عبدالرحمن بن مهدي، عن سفيان به، وأخرجه ابن خزيمة (136) حدثنا أبو موسى، حدثنا عبدالرحمن بن مهدي به.

كما رواه محمد بن كثير، عن سفيان به.

أخرجه البخاري (889) حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان، عن منصور وحصين به، ولم يذكر لفظة: “للتهجد”، وأخرجه أبو داود (55) حدثنا محمد بن كثير به.

وأخرجه ابن حبان (1075) من طريق محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن منصور وحصين به.

وأخرجه البيهقي في السنن (1/38) من طريق أبي المثنى، حدثنا محمد بن كثير به، ولم يذكر في هذه الطرق لفظة: “التهجد”.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (5858) من طريق فضيل بن عياض، عن منصور وحصين به.

وأما طريق منصور وحده، عن أبي وائل، فأخرجه ابن أبي شيبة (1/155) حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن منصور به.

وأخرجه أحمد (5/407) ثنا عبيدة بن حميد، ثنا منصور به، وأخرجه أحمد أيضًا (5/382) ثنا سفيان بن عيينة، عن منصور وحده.

وأخرجه الحميدي (441) ثنا سفيان، ثنا منصور به.

وأخرجه البخاري (245) حدثنا عثمان، قال: حدثنا جرير، عن منصور به.

وأخرجه مسلم (255) حدثنا إسحاق بن إبراهيم وقتيبة بن سعيد، عن جرير به.

وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (2)، وفي الصغرى (2) أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وقتيبة بن سعيد، عن جرير، عن منصور، عن أبي وائل به.

وأخرجه ابن حبان (2591) من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا سفيان، عن منصور به.

وأما طريق حصين بن عبدالرحمن السلمي وحده، عن أبي وائل، فأخرجه ابن أبي شيبة (1/155)، ومن طريقه مسلم (46 – 255) والبيهقي في السنن (1/38) حدثنا هشيم، عن حصين به بلفظ: “كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا قام ليتهجد…”، وفيه ذكر التهجد.

وأخرجه الطيالسي (409 ) عن شعبة به، ومن طريق الطيالسي أخرجه أبو عوانة (1/193).

وأخرجه أحمد (5/390) ثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن حصين به، قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا قام إلى التهجد…، وذكر الحديث.

وأخرجه أبو عوانة (1/193) من طريق محمد بن فضيل، عن حصين به.

وأخرجه النسائي في الصغرى (1622) حدثنا محمد بن عبدالأعلى، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة به.

وأخرجه الدارمي (685) أخبرنا سعيد بن الربيع، ثنا شعبة به، وأخرجه النسائي (1622) حدثنا محمد بن عبدالأعلى، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة به.

وأخرجه أحمد (5/390) ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن حصين به، بذكر “التهجد”.

وأخرجه البخاري (1136) حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا خالد بن عبدالله، عن حصين، بذكر التهجد.

فطريق حصين وحده يذكر فيه: “إذا قام ليتهجد..”، رواه أربعة حفاظ عنه.

وتابع الأعمش منصورًا وحصينًا في أبي وائل، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (1/155) حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش به، وأخرجه أحمد (5/397) حدثنا أبو معاوية وابن نمير، عن الأعمش به، بلفظ: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا قام من الليل يشوص فاه، ولم يقل: بالسواك، قال ابن نمير: فقلت للأعمش: بالسواك؟ قال: نعم.

وأخرجه مسلم (255) وابن ماجه (286) من طريق ابن نمير وأبي معاوية به، وأشار مسلم إلى أنه لم يقل: “ليتهجد”.

وأخرجه مسلم (255) من طريق سفيان، عن الأعمش به، مقرونًا برواية منصور وحصين.

وأخرجه ابن الجعد (ص: 380) من طريق زهير، عن الأعمش به.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (2927) من طريق أبي حفص الأبار، عن الأعمش به.

[6] إحكام الأحكام (1/109).

[7] صحيح مسلم (48 – 256).

وفي رواية للبخاري قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني شريك بن عبدالله بن أبي نمر، عن كريب، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: بت عند خالتي ميمونة، فتحدث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مع أهله ساعة، ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر، قعد فنظر إلى السماء، فقال: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]، ثم قام فتوضأ واستن، فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم أذَّن بلال، فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الصبح.

وقد ذكر مسلم هذه الرواية واختصرها (763)، قال – رحمه الله -: حدثني أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا ابن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرني شريك بن أبي نمر، عن كريب، عن ابن عباس أنه قال:

رقدت في بيت ميمونة ليلة كان النبي – صلى الله عليه وسلم – عندها؛ لأنظر كيف صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم – بالليل، قال: فتحدث النبي – صلى الله عليه وسلم – مع أهله ساعة، ثم رقد…، وساق الحديث، وفيه: ثم قام فتوضأ، واستنَّ.

وفي رواية لمسلم (763)، قال: حدثنا واصل بن عبدالأعلى، حدثنا محمد بن فضيل، عن حصين بن عبدالرحمن، عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه، عن عبدالله بن عباس، أنه رقد عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاستيقظ، فتسوك وتوضأ، وهو يقول: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]، فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة…؛ الحديث.

ورواه أبو داود (58)، قال: حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا هشيم، أخبرنا حصين به، ولفظه:

بت ليلة عند النبي – صلى الله عليه وسلم – فلما استيقظ من منامه، أتى طهوره، فأخذ سواكه، فاستاك، ثم تلا هذه الآيات: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190] حتى قارب أن يختم السورة أو ختمها، ثم توضأ، فأتى مصلاه، فصلى ركعتين، ثم رجع إلى فراشه، فنام ما شاء الله، ثم استيقظ، ففعل مثل ذلك، ثم رجع إلى فراشه، فنام، ثم استيقظ، ففعل مثل ذلك، ثم رجع إلى فراشه، فنام، ثم استيقظ ففعل مثل ذلك، كل ذلك يستاك، ويصلي ركعتين، ثم أوتر.

قال أبو داود: رواه ابن فضيل عن حصين، قال: فتسوك وتوضأ وهو يقول: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ حتى ختم السورة.

وهذا سند صحيح؛ محمد بن عيسى ثقة فقيه، كان من أعلم الناس بحديث هشيم، وهشيم ومن فوقه على شرط مسلم.

وتابع الأعمش حصين بن عبدالرحمن؛ فأخرجه ابن أبي شيبة (1/155) رقم 1789 حدثنا عثام بن علي، عن الأعمش، عن حبيب به، قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي ركعتين، ثم يستاك.

وهذا اللفظ شاذ – والله أعلم – لأن الحديث حديث ابن عباس في مبيته عند النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد رواه مسلم من طريق حصين بن عبدالرحمن، عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه، عن عبدالله بن عباس، أنه رقد عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاستيقظ، فتسوك، وتوضأ وهو يقول: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]؛ الحديث.

ورواه سفيان، وزيد بن أبي أنيسة، عن حبيب، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس بنحو رواية مسلم، كما في سنن النسائي الكبرى (1/424) رقم 1344، 1345.

وانفرد عثام بن علي، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه، عن عبدالله بن عباس، بذكر السواك بعد الصلاة.

وجميع من رواه عن ابن عباس، في الصحيحين وغيرهما، لم يذكروا أنه يصلي ركعتين ثم يستاك، بل نصوا على أن التسوك قبل الصلاة.

وعثام بن علي:

قال فيه عبدالرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن عثام بن علي، فقال: صدوق، وهو أحب إلي من يحيى بن عيسى بن يونس الرملي؛ الجرح والتعديل (7/44).

وقال أبو زرعة: عثام بن علي ثقة؛ المرجع السابق.

وقال ابن سعد: كان ثقة؛ الطبقات الكبرى (6/392).

وذكره ابن حبان في الثقات؛ الثقات (7/305).

وقال النسائي: ليس به بأس؛ تهذيب الكمال (19/335).

قال الآجري عن أبي داود: سمعت أحمد يقول: عثام رجل صالح، قال: وسألت أبا داود عنه، فجعل يثني، ويقول قولاً جميلاً؛ تهذيب التهذيب (7/97).

وفي التقريب: صدوق.

[8] دراسة الإسناد:

سليمان بن داود: هو الطيالسي صاحب المسند، حافظ غني عن التعريف.

ومحمد بن مسلم: هو محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران.

ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان يخطئ؛ الثقات (7/371) رقم 10487.

قال البخاري: أكثر عليه أصحاب الحديث، فحلف ألا يسمي جده؛ التاريخ الكبير (1/23) رقم 20.

قال الدارقطني: بصري يحدث عن جده، ولا بأس بهما؛ تهذيب التهذيب (9/15).

وقال عباس الدوري، عن يحيى بن معين: ليس به بأس؛ تهذيب الكمال (24/331).

وقال ابن عدي: ليس له من الحديث إلا اليسير، ومقدار ما له من الحديث لا يتبين صدقه من كذبه؛ الكامل (6/243)، رقم 1720.

وأما جده مسلم بن مهران، فقد قال فيه أبو زرعة: كوفي ثقة؛ الجرح والتعديل (8/195) رقم 854.

ذكره ابن حبان في الثقات؛ الثقات (5/392). رقم 5355.

وفي التقريب: ثقة، فالإسناد حسن – إن شاء الله تعالى.

[تخريج الحديث]:

الحديث رواه أبو يعلى (5749) حدثنا عبدالله بن الدورقي، حدثنا أبو داود به.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/24)، قال: حدثنا خليفة، قال: حدثنا أبو داود به.

وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/243) من طريق إبراهيم بن محمد بن عرعرة، ثنا أبو داود به.

وجاء عن ابن عمر من طريق آخر إلا أنه ضعيف.

فقد أخرج أبو يعلى في مسنده (5661)، قال: حدثنا موسى بن محمد بن حيان، حدثنا عبيدالله بن عبدالمجيد، حدثنا حسام بن مصك، حدثنا عطاء بن أبي رياح، عن ابن عمر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان لا يتعار من الليل ساعة إلا أجرى السواك على فيه.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه: موسى بن محمد بن حيان:

قال ابن أبي حاتم: ترك أبو زرعة حديثه ولم يقرأ علينا، كان قد أخرجه قديمًا في فوائده؛ الجرح والتعديل (8/161)، رقم 714.

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما خالف؛ الثقات (9/161) رقم 15775.

وفي الإسناد: حسام بن مصك:

قال سفيان بن عبدالملك: سمعت ابن المبارك يقول: حسام بن المصك ارمِ به؛ الضعفاء الكبير؛ العقيلي (1/299)، رقم 374.

وقال عمرو بن علي: كان عبدالرحمن لا يحدث عن حسام بن المصك بشيء؛ المرجع السابق.

وقال ابن سعد: هو من الأزد، وهو ضعيف؛ الطبقات الكبرى (7/284).

وقال يحيى بن معين: ليس بشيء؛ كما في رواية ابن أبي مريم وعباس بن محمد الدوري، وعثمان بن سعيد. زاد ابن أبي مريم: ولا يكتب حديثه؛ الكامل (2/432)، رقم 546؛ الجرح والتعديل (3/317).

وقال ابن عدي: عامة أحاديثه إفرادات، وهو مع ضَعفه حسنُ الحديث، وهو إلى الضعف أقربُ منه إلى الصدق؛ المرجع السابق.

وقال محمد بن عوف الحمصي: سألت أحمد بن حنبل عن الحسام بن مصك، فقال: مطروح الحديث؛ الجرح والتعديل (3/317)، رقم 1419.

وقال أبو زرعة: واهي الحديث، منكر الحديث؛ المرجع السابق.

وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي يكتب حديثه؛ المرجع السابق.

وفي التقريب: ضعيف، يكاد أن يترك.

تخريج الحديث:

الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (13598): حدثنا محمد بن قضاء الجوهري، ثنا محمد بن المثنى، ثنا أبو علي الحنفي ثنا حسام بن مصك به.

وأخرجه الطبراني في الكبير أيضًا (13593)، قال: حدثنا محمد بن يوسف التركي، ثنا عيسى بن إبراهيم البركي، ثنا سعيد بن راشد، عن عطاء عن ابن عمر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان لا يقعد ساعة من الليل إلا مر السواك على فيه.

وفيه سعيد بن راشد:

قال يحيى بن معين: سعيد بن راشد السماك يروي: “من أذَّن، فهو يقيم”، ليس حديثه بشيء؛ الضعفاء الكبير (2/105).

وقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث، منكر الحديث؛ الجرح والتعديل (4/19).

وقال البخاري: منكر الحديث؛ التاريخ الكبير (3/471).

وقال النسائي: متروك؛ الضعفاء والمتروكين (280).

وقال ابن عدي: لسعيد بن راشد غير ما ذكرت من الحديث شيء يسير، ورواياته عن عطاء وابن سيرين وغيرهما، ولا يتابعه أحد عليه؛ الكامل (3/381).

وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمعضلات؛ المجروحين (1/324).

قال أبو حاتم: صدوق؛ الجرح والتعديل (6/272)، رقم 1506.

وقال النسائي: ليس به بأس؛ تهذيب الكمال (22/580).

وذكره ابن حبان في كتاب الثِّقات؛ الثقات (8/494)، رقم 14624.

وقال ابن معين مرة: ليس برضي، ومرة: لا يساوي شيئًا؛ المرجع السابق.

وقال البزار في مسنده: كان ثقة؛ المرجع السابق.

وقال الساجي: صدوق أحسبه كان يَهِم، ما سمعت بندارًا يحدث عنه، وحدثنا عنه ابن مثنى، وقال ابن معين: ليس بشيء، هذا بقية كلام الساجي؛ المرجع السابق.

وقال مسلمة بن قاسم: ثقة؛ المرجع السابق.

وقال الأزدي: كان يهم في أحاديث وهو صدوق؛ المرجع السابق.

[9] الأوسط (8/67) رقم 7980، وفيه عكرمة بن مصعب:

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: هو مجهول؛ الجرح والتعديل (7/10).

وقال الحافظ أيضًا: مجهول؛ لسان الميزان (4/182).

وفي الإسناد أيضًا محرر بن أبي هريرة:

ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وسكت عليه؛ الجرح والتعديل (8/408).

وقال ابن سعد: روى عن أبيه، وكان قليل الحديث؛ الطبقات الكبرى (5/254).

وذكره ابن حبان في الثقات؛ الثقات (5/460).

وقال في التقريب: مقبول؛ يعني: حيث تُوبِع، وإلا فلَيِّن الحديث، ولا أعلم أحدًا تابعه في أبي هريرة.

[10] المصنف (1/155).

[11] الحديث فيه: علي بن زيد بن جدعان، جاء في ترجمته:

قال شعبة: ثنا علي بن زيد، وكان رفاعًا؛ الجرح والتعديل (6/186).

وقال حماد بن زيد: كان علي بن زيد يحدثنا اليوم بالحديث، ثم يحدثنا غدًا، فلكأنه ليس ذلك؛ المرجع السابق.

وقال أحمد بن حنبل: علي بن زيد بن جدعان ليس هو بالقوي، روى عنه الناس؛ المرجع السابق.

وقال يحيى بن معين: علي بن زيد بن جدعان ليس بحجة؛ المرجع السابق.

وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إلي من يزيد بن أبي زياد، وكان ضريرًا، وكان يتشيَّع؛ المرجع السابق.

وقال أبو زرعة: ليس بقوي؛ المرجع السابق.

وفيه أم محمد امرأة أبيه: لم يرو عنها إلا زيد بن علي بن جدعان، ولم يوثقها أحد؛ فهي في عداد المجهولين.

تخريج الحديث:

الحديث رواه أحمد (6/121) حدثنا عفان، قال: حدثنا همام به.

وأخرجه أبو داود (57) حدثنا محمد بن كثير، ثنا همام به، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/28) من طريق جعفر بن محمد، ثنا عفان به، وأخرجه الطبراني في الأوسط (3557) من طريق معاذ بن هانئ البهراني، نا همام به، وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/482) من طريق همام به، وضعَّفه الحافظ في تلخيص الحبير (1/63).

[12] رواه البيهقي في الكبرى (3/28) من طريق عفان، ثنا همام، ثنا هشام بن عروة به بقوله: “كان يرقد فإذا استيقظ تسوك”، ورواه الحاكم في المستدرك (1/448) من طريق أبي عمر، أنبأ همام به، وليس فيه ذكر التسوك، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

وقد رواه سبعة عشر حافظًا، ولم يذكروا فيه السواك، وأكثرهم أحفظ من همام، وإليك تخريج رواياتهم:

الأول: عبدة بن سليمان، كما في مسند إسحاق بن راهويه (2/132) رقم 616، ومسلم (737)، وسنن النسائي الكبرى (1420)، وابن حبان (2437) (2440)، والبيهقي (3/27).

الثاني: يحيى بن سعيد القطان، كما في مسند أحمد (6/50) وصحيح ابن خزيمة (2/140، 141) رقم 1076، 1077.

الثالث: أبو أسامة، كما في مسند أحمد (6/161)، وصحيح ابن خزيمة (2/140) رقم 1076.

الرابع: شعبة، كما في صحيح ابن حبان (2438) وزاد (وأوتر بسبع).

الخامس والسادس: حماد بن سلمة وحماد بن زيد، صحيح ابن حبان (2439).

السابع: وهيب، كما في سنن أبي داود (1338).

الثامن: جعفر بن عون، سنن البيهقي الكبرى (3/27)، سنن الدارمي (1581)، مسند أبي عوانة (2/325).

التاسع: ابن جريج، كما في مسند الشافعي (2/213) ومسند أبي عوانة (2/325).

العاشر: معمر، كما في مصنف عبدالرزاق (4667).

الحادي عشر: سفيان الثوري، كما في سنن النسائي (1717).

الثاني عشر: وكيع، كما في مسند أحمد (6/205)، ومسند أبي عوانة (2/325).

الثالث عشر: عبدالله بن نمير، كما في مسند أحمد (6/230)، وصحيح مسلم (737)، وسنن الترمذي (459).

الرابع عشر: سفيان بن عيينة، كما في مسند الحميدي (195).

الخامس عشر: حسان بن إبراهيم، كما في مسند أبي يعلى (4526).

السادس عشر: الليث، كما في مسند أحمد (6/64).

السابع عشر: أبو عوانة الوضاح، كما في مسند أبي داود الطيالسي (1449)، كلهم رووه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ولم يذكروا فيه التسوك.

وتابع هشامًا عمر بن مصعب بن الزبير، عند الطبراني في الأوسط (7714).

[13] صحيح مسلم (139-746).

[14] سنن أبي داود (56)، ورجاله كلهم ثقات إلا بهز بن حكيم، وهو صدوق.

[15] المطالب العالية (62).

[16] رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/197) حدثنا وكيع، عن المنذر بن ثعلبة، عن عبدالله بن بريدة، قال: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – وذكر الحديث، فالظاهر أنه سقط من الإسناد بريدة الصحابي – رضي الله عنه.

[17] المسند (5/417).

[18] فيه أبو سورة: جاء في ترجمته:

ذكره ابن حبان في الثقات؛ الثقات (5/570).

قال البخاري: منكر الحديث، يروي عن أبي أيوب مناكير لا يتابع عليه؛ تهذيب الكمال (33/394).

قال الترمذي: وأبو سورة، هو ابن أخي أبي أيوب، يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن معين جدًّا، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل – يعني: البخاري – يقول: أبو سورة هذا منكر الحديث، يروي مناكير عن أبي أيوب، لا يتابع عليها؛ سنن الترمذي (2544).

وقال الساجي: منكر الحديث؛ تهذيب التهذيب (12/136).

وقال الدارقطني: مجهول؛ المرجع السابق.

وقال الترمذي في العلل الكبير: سألت البخاري عن أبي سورة ما اسمه؟ فقال: لا أدري، ما يصنع به؟ عنده مناكير، ولا يعرف له سماع من أبي أيوب؛ علل الترمذي، ص (33).

وقال الحافظ: أغرب أبو محمد بن حزم، فزعم أن ابن معين قال: أبو أيوب الذي روى عنه أبو سورة، ليس هو الأنصاري؛ تهذيب التهذيب (12/136).

 

تخريج الحديث:

أخرجه ابن أبي شيبة (1/196) حدثنا أبو خالد الأحمر، عن واصل به، إلا أنه سقط من إسناده أبو أيوب، وقد ذكره الحافظ في المطالب العالية (61) عن ابن أبي شيبة، بزيادة أبي أيوب.

ورواه عبد بن حميد، كما في المنتخب (219)، ثنا محمد بن عبيد، ثنا واصل به.

ومن طريق محمد بن عبيد أخرجه الطبراني في الكبير (4066).

كما أن في الإسناد واصل بن السائب، ضعيف أيضًا، جاء في ترجمته:

قال البخاري: منكر الحديث؛ التاريخ الكبير (8/173)، الضعفاء الصغير (387).

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن واصل بن السائب، فقال: ضعيف الحديث، مثل أشعث بن سوار، وليث بن أبي سليم وأشباههم، وقال ابن أبي حاتم أيضًا: سألت أبي عن واصل بن السائب، فقال: منكر الحديث؛ الجرح والتعديل (9/30).

وقال النسائي: متروك الحديث؛ الضعفاء والمتروكين (600).

وقال ابن عدي: ولواصل غير ما ذكرت – يعني من الأحاديث المنتقدة – وأحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات؛ الكامل (7/85).

وقال يعقوب بن سفيان والساجي: منكر الحديث؛ تهذيب التهذيب (11/92).

وقال الأزدي: متروك الحديث؛ المرجع السابق.

وقال يعقوب أيضًا والدارقطني وابن حبان: ضعيف؛ المرجع السابق.

وقال البزار: حدث بالكوفة أحاديث لم يتابَع عليها، وهو ليِّن؛ المرجع السابق.

_________________________________________________
الكاتب: الشيخ دبيان محمد الدبيان


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *