منذ حوالي ساعة
حين استيقظت حليمة من النوم نظرت نظرة حنونة إلى طفلها وليد النائم قربها بوداعة حالمة، وهي تبتسم وتتلمسه برفق أم حنون حتى لا يستيقظ
حين استيقظت حليمة من النوم نظرت نظرة حنونة إلى طفلها وليد النائم قربها بوداعة حالمة، وهي تبتسم وتتلمسه برفق أم حنون حتى لا يستيقظ، وقالت بصوت خافت: نم أيها الكسول.. أمَّا أنا فعمل البيت يناديني. ثم نهضت بهدوء وتوجهت لأعمال البيت بعد أن تناولت إفطارها كما جهزت طعام طفلها النائم وليد، وبعدها قررت التوجه إلى الغسيل وأخذت تجمع الملابس المتسخة وتشغل الغسالة وهي ترقب وتنظر بين الحين والحين صوب غرفة النوم لترى إن كان استيقظ وليد أم ما زال يغط في النوم. الوقت يمضي سريعاً وحليمة تركض من مكان لآخر في البيت لتنهي عملها قبل أن يستيقظ وليدها الصغير وليد، ولكنها انشغلت كثيراً بتنظيف البيت وبالغسيل وصوت الغسالة يدوي وينشر الضجيج في البيت ويطرد السكون من حول حليمة، وفجأة استيقظ وليد وابتسم ببراءة ساحرة، وبدأ ينزل من سريره متسللاً للخروج من الغرفة وقد وجّه وجهه صوب الباب المفتوح للغرفة، وانطلق مسرعاً يزحف على أربع قوائم وكأنه في سباق ماراثوني ويجد ليصل لخط النهاية, ليفوز بالمركز الأول، ثم زحف وخرج من الغرفة وضحك ضحكة فرح لأول إنجاز له فقد وصل إلى صالة البيت، ثم جلس ونظر في أرجاء البيت فرأى غرفة الاستقبال مشرعة الباب وقد سطع منها نور الشمس بأشعته الذهبية لأن النافذة الكبيرة للغرفة مفتوحة وتحتها الأريكة مشرعة تدعو الناظر للجلوس عليها؛ فضحك وليد ضحكة عريضة لكن أمه حليمة لم تسمع ضحكته الجميلة لأن صوت الغسالة طغى على كل صوت في الدار.
أما وليد فقد استأنف سباقه الماراثوني وتوجه زاحفاً مهرولاً بحماس شبابي مندفعاً بلا تراجع ودون أي خوف من أية عواقب ووصل إلى وسط الغرفة، وأخذ يتسلق الأريكة وهو يمرح فرحاً وقد دفع بقدمه الطاولة التي تتوسط الغرفة فسقطت الزهرية من فوق الطاولة وأصدرت دوي انكسار زجاجي قوي غلب على صوت الغسالة، لتسمعه أمه حليمة فتشهق وتقول: وليــــــييد، ثم ترمي من يدها كومة الملابس على الأرض فيتناثر الماء ورغوة الصابون على الأرض وتنتشر الفوضى في كل مكان، وتركض مهرولة إلى وسط البيت ثم تنظر هنا وهناك لترى وليداً وقد تدلى جسده خارج النافذة الكبيرة وشارف على السقوط ولا يمكن أن تثنيه عنه، فصرخت وهي ترتجف من الخوف ولم تعرف ماذا تعمل؛ فجمعت كل ما في قلبها من إيمان وقالت: ياااارب.. أستغيث بك احفظ ابني، وسجدت على الأرض وقد أسلمت الأمر لله. في ذلك الوقت كان رجل يمشي بجانب البناية العالية وشعر فجأة أن هناك شيئاً ما يسقط من أعلى؛ فرفع رأسه وبلا شعور امتدت يداه ليسقط بين يديه, ثم نظر فإذا به يرى طفلاً جميلاً يضحك ببراءة ساحرة.
Source link