منذ حوالي ساعة
لقد كان للفاروق رضي الله عنه مناقبُ كثيرةٌ في الإسلام؛ لهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان من بعدي نبيٌّ، لكان عمر بن الخطاب» [رواه الترمذي]
لقد كان للفاروق رضي الله عنه مناقبُ كثيرةٌ في الإسلام؛ لهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان من بعدي نبيٌّ، لكان عمر بن الخطاب» [رواه الترمذي]؛ ومن هذه المناقب:
بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالجنة:
لقد بشَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة؛ فعن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( «دخلت الجنة فرأيت فيها دارًا أو قصرًا، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخل، فذكرت غَيرتك، فبكى عمر، وقال: أَيْ رسول الله، أو عليك يُغار؟» ))؛ [صحيح البخاري].
وقيل: كان له خطان أسودان من البكاء، وإذا ذُكِرَ الزهد والإيثار، قيل: لم يكن يأكل حتى يشبع المسلمون، وإذا ذُكِرَت الشدة في الحق، قيل: هو الذي كان إبليس يفرَق من ظلِّه، والشياطين تسلك فجًّا غير فجِّه.
موقفه وحسن تصرفه يوم مبايعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للخلافة:
ومن مناقب الفاروق التي تدل على حسن تصرفه وحكمته، أنه بايع أبا بكر الصديق رضي الله عنه؛ فلما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يؤمَّ الناس؟ فأيُّكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟
فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر؛ [رواه النسائي عن إسحاق بن راهويه، وهناد بن السري، عن حسين بن علي الجعفي، عن زائدة به، السيرة النبوية لابن كثير (4 / 490)].
فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
وما زالت فضائل الفاروق رضي الله عنه تتابع؛ فمن أكثر أعماله رضي الله عنه أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا وأُحَدًا، والمشاهد كلها، وهو أول خليفة دُعِيَ بأمير المؤمنين، وأول من اقترح أن الهجرة تكون بداية التاريخ الهجري للمسلمين، وأول من جمع القرآن في المصحف، فدخل على أبي بكر بعد عامين من خلافته، فقال: إن أصحاب رسول الله يتهافتون في المعارك تهافُتَ الفَراش على النار، وإني أخشى أن تأتي عليهم وهم حَمَلَة القرآن، ويضيع منه كثير، فلو جمعته؟! وأمر أبو بكر زيد بن ثابت أن يكتب القرآن، فكتب، وبقِيَ عند أبي بكر، ثم عمر، ثم حفصة بنت عمر.
وهو أول من جمع الناس على صلاة التراويح، وأول من طاف بالليل يتفقد أحوال المسلمين، حمل الدِّرَّة فأدَّب بها، وفتح الفتوح، ووضع الخراج، ومصَّر الأمصار، ودوَّن الديوان، وفرض الأُعْطِيَة، واستقضى القضاة فعمر رضي الله عنه سنَّ سُنَنًا للقضاء صارت دستورًا: منها أن القاضي لا يحكم بعلمه، ولا يقبل هدية، ولا يعمل بالتجارة.
وعمر مؤسس ديوان الوقف الخيري؛ أنشأ عمر بيت الدقيق لإغاثة الجياع الذين لا يجدون الطعام، وأصاب قبل خلافته أرضًا بخيبر، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فاستحسن له أن يحبس أصلها، ويتصدق برَيعها، فجعلها عمرُ صدقةً، لا تُباع ولا تُوهَب ولا تُورَث، ويُنفَق منها على الفقراء والغُزاة.
مرتبته من أعلى مراتب الصحابة:
لقد كانت مرتبته من أعلى مراتب الصحابة؛ ولذلك لما سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قال عمرو بن العاص: فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب، فعدَّ رجالًا» ))؛ [رواه البخاري ومسلم].
مهما خطَّ القلم ومهما تحدثنا عن عمر بن الخطاب، فلن تُعطِيَ الحروف والكلمات حقَّه، فمن حُسْنِ سيرته في الإسلام تحدَّث عنه الصحابة رضوان الله عليهم، وهذه بعض أقوال الصحابة في عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
قال حذيفة رضي الله عنه: “لما أسلم عمرُ، كان الإسلام كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربًا، فلما قُتِل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر لا يزداد إلا بُعْدًا”.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “ما زِلْنا أعزَّة منذ أسلم عمر”.
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: “كان إسلام عمر فتحًا، وكانت هجرته نصرًا، وكانت إمامته رحمة، ولقد رأيتُنا وما نستطيع أن نصلي إلى البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا”.
وعن صهيب قال: “لما أسلم عمر رضي الله عنه، أظهر الإسلام ودعا إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقات، وطُفْنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعضًا مما يأتي به، وكان عُمْرُه رضي الله عنه حينذاك سبعًا وعشرين سنة، وقيل: ستًّا وعشرين سنة.
وقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «(بينما أنا نائم أُوتيتُ بقَدَحٍ من لبن، فشربت منه حتى إني لَأرَى الرِّيَّ يجري في أظفاري، ثم أعطيتُ فضلي عمرَ، قالوا: فما أوَّلت ذلك؟ قال: العلم» .
رحِمَ الله عمرَ، جُمِعت له الدنيا فأعرض عنها، وكان شديد الزهد فيها، قال معاوية: “أما أبو بكر فلم يُرِدِ الدنيا ولم تُرِدْه، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يُرِدْها”، قال قتادة: “كان عمر يلبَس وهو خليفة جبةً من صوف مرقوعًا بعضها”.
يقول عنه العقاد: “ونَدَرَ في الدولة الإسلامية من نظام، لم تكن له أولية فيه، فافتتح تاريخًا، واستهل حضارة، وأنشأ حكومة، ورتَّب لها الدواوين، ونظَّم فيها أصول القضاء والإدارة، واتخذ لها بيت مال، ووصل بين أجزائها بالبريد، وحمى ثغورها بالمرابطين، وصنع كل شيء في الوقت الذي ينبغي أن يُصنَع فيه، وعلى الوجه الذي يحسُن به الابتداء”.
بقلم/ فاطمة الأمير
Source link