منذ حوالي ساعة
كنت في صغري أتساءل كيف لا يمل المرء في الجنة ،فنحن في الدنيا نعاني الملل دائمًا وباستمرار وخاصًة إذا ابتلينا بالبعد عن خالقنا .
كنت في صغري أتساءل كيف لا يمل المرء في الجنة ،فنحن في الدنيا نعاني الملل دائمًا وباستمرار وخاصًة إذا ابتلينا بالبعد عن خالقنا .
فلو سألنا أي أحد مهما بلغ عدد فرص التمتع بحياته ،ومهما كانت طبيعة حياته فحتى الذين يجوبون العالم شرقًا وغربًا ،ومن يتمتعون بأملاك لا حصر لها عبر العالم فلن نجد من سلم منهم من الشعور بالملل ،والمفاجأة أنه هناك منهم من تنتهي حياته بالانتحار، فكيف يكون الأمر في الجنة وقد وهب الإنسان الخلود أليس هذا -على قدر عقلي المحدود-أحرى بالملل !
لكن الله سبحانه وتعالى أخبرنا أن الجنة لا ملل فيها بقوله تعالى في سورة الكهف {“لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} “فهم لا يريدون بديلًا لها ،وما دام الله قد أخبر فمن أصدق من الله قيلا ؟
أما كيف فذلك بمحاولة تصور قدرة الله المطلقة على الخلق والإبداع فقد قال في الحديث القدسي( «أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولاخَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ» .) [الراوي : أبو هريرة (المصدر : صحيح البخاري رقم [7498])]
وهذا بخصوص الكيف، أما عن الكم فقد ورد في الحديث أن أدنى أهل الجنة حظًا في الآخرة سيكون نصيبه منها عشر أمثال الملك من ملوك الدنيا.
ورغم أن هذه أمور خاصة بعالم الغيب إلا أن عالم الشهادة به من الدلائل على مطلق قدرة الله، فنحن نعيش في مساحات ضيقة جدًا من الكرة الأرضية لأن ثلثيها أصلًا عبارة عن مسطحات مائية والكرة الأرضية ما هي إلا كوكب صغير أو متوسط في المجموع الشمسية ،والمجموعة الشمسية تنتهي بمجرة درب التبانة التي هي مجرد واحدة من ملايين المجرات التي خلقها الله في الكون وإذا عدنا مرة آخرى للكرة الأرضية نجد أن المرء مهما حاول السياحة في الأرض ،ومهما بلغ عمره والإمكانات المتاحة له في السياحة في الأرض لن يقطع إلا النذر اليسير جدا جدا منها واضرب هذا المثال عندما كنا في فترة الشباب حيث القدرة على السير مسافات بعيدة بشكل متصل كنا في زيارة لقصر أحد سلاطين تركيا في العصر العثماني فذهبنا لزيارة المكان صباحًا وانتهينا عصرًا دون أن نقطع نصف المساحة الملحقة بالقصر ،فكم يلزمنا لزيارة بقية القصور ،وكم يلزم للتجوال في العاصمة التركية وكم يلزمنا للتمتع في أنحاء هذا البلد وكم وكم وكم وكم يلزمنا لعمل سياحة شاملة فيها وقد ضربنا هذا المثال لأن هذا من أروع الأماكن التي تجتمع فيها الخضرة مع النهر بما يذكرنا بقوله تعالى {“جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} “(البقرة:25)مع الفارق وهو أن الدنيا والجنة لا يجمعها وصف وإنما الأسماء فقط.
رزقنا الله وإياكم نعيم الجنة.
Source link