مكر الأعداء بشباب الأمة الإسلامية، والكيد لهم في الليل والنهار؛ بغية إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومحاسنه السامية…
مكر الأعداء بشباب الأمة الإسلامية، والكيد لهم في الليل والنهار؛ بغية إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومحاسنه السامية، وما كل ذلك إلا ليتمكنوا من خلق أجيال تنتسب إلى الإسلام شكلاً، ولا تعرف عن حقيقة الإسلام شيئاً يُذكر، ومن ثم تحقق أمثال هذه الأجيال مآرب الأعداء، بل جهد منهم ولا مشقة ولا عناء، فتنقلب موازين الأخلاق والقيم في النفوس، ويصبح الحال كما قال القائل:
ما كان في ماضي الزمان مُحرماً ** للناس في هذا الزمان مبـــاح
صاغوا نعوت فضائل لعيوبهــــم ** فتعذر التمييز والإصــــــــلاح
فالفتك فن والخداع سياســــــةٌ ** وغنى اللصوص براعةٌ ونجاح
والعريُ ظرفٌ والفساد تمــــــدنٌ ** والكذب لطفٌ والرياء صــلاح
ولا ريب أن هؤلاء ناصبوا الأمة العداء والكيد، بكثير من غرس الشهوات المنحرفة في النفوس، من حب جمع الأموال والثروات، من خلال صور اقتصادية وتجارية، لا تعرف الإسلام في تعاملها ولا تجارتها، فتأكل من الربا والغش والاحتيال بصورٍ كثيرة.
وكذلك فتحهم لأسباب الانحراف، وحب الشهوات المحرمة من الإباحية، وحب النساء، بلا ضوابط أو قيود، تنظم للناس معاشهم، وتحفظهم من الوقوع في حمأة الشهوات الجارفة، والفتن والرذيلة، ففتحوا دور السينما، والأفلام الفاجرة، والأغاني الهابطة، ولا يزالون يضربون على هذا الوتر إلى اليوم، مع نفث شيء من المسكرات والمخدرات؛ لإضعاف الأبدان عن التطلع إلى العافية واليقظة، والدفاع عن الأوطان والدين والشريعة، والجهاد في سبيل الله تعالى.
ولا يعني هذا أيضاً أننا نُلقي بالتبعة والواقع المتردي – اليوم – على أعدائنا؛ لنبرئ أنفسنا وأمتنا من أخطائها الكبيرة في واقعنا المعاصر، كلا، لكننا نؤكد على سُنةٍ من سنن الله الجارية في الصراع بين الخير والشر، والإيمان والكفر، وقد أكد ذلك ربنا في عدة مواضع من القرآن، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران: 100].
وقال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 89].
وقال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [آل عمران: 149].
فهل بعد هذا البيان بيان؟ وهل بعد هذا البرهان برهان؟ إلا أنه لا يقع ذلك من أعدائنا، إلا في حالة تضييع شرائع الإسلام والعمل بها، وفي غفلة المسلمين وأمنهم مكرُ أعدائهم.
وقد جاء في السنة النبوية ما يؤكد هذا الصراع أيضاً، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم منذ ألف وأربعمائة وثلاثين سنة في حديث القصعة المشهور والمحفوظ، فقد روى الإمام أحمد في “مسنده” عن ثوبان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشِك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة على قصعتها»، قلنا: يا رسول الله، أمن قلة منا يومئذ؟ قال: «أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غُثاء كغُثاء السيل، تُنَزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل الوهن»، قالوا: وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا وكراهة الموت».
وها نحن اليوم نرى تلك الهجمة الشرسة الجديدة من أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الشيوعية المادية الملحدة، والصهيونية العالمية الماكرة، والصليبية الجديدة الخادعة، وغيرهم من العملاء والأذناب.
وكما قال صاحب كتاب “حتى يعلم الشباب“: «إن المخططات التي تُتَّخذ في أوكار الصهيونية، والماسونية، والصليبية، والشيوعية… كلها تستهدف إفساد المجتمعات الإسلامية عن طريق الخمر، والجنس، وإطلاق العنان للغرائز والشهوات، والجري وراء المظاهر، والتقليد الأعمى…
والمرأة عند هؤلاء هي أول الأهداف في هذه الدعوة الإباحية، والميدان الماكر، فهي العُنصر الضعيف العاطفي، الذي ينساق وراء الدعاية والفتنة بلا روية ولا تفكير، وهي ذات الفعالية الكبيرة، والتأثير المباشر في إفساد الأخلاق».
يقول كبير من كبراء الماسونية الفجرة: «يجب علينا أن نكسب المرأة، فأي يوم مدت إلينا أيديها، فُزنا بالحرام، وتبدد جيش المنتصرين للدين».
ويقول أحد أقطاب المستعمرين: «كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حبِّ المادة والشهوات».
وجاء في “بروتوكولات حكماء صهيون” ما يلي: «يجب أن نعمل؛ لتنهار الأخلاق في كل مكان، فتسهل سيطرتنا، إن “فرويد” منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس؛ لكي لا يبقى في نظر الشباب شيءٌ مقدس، ويصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية، وعندئذ تنهار أخلاقه…».
ومن وراء هذه القوى المعادية والتخطيط المدمر – اليهود؛ فهم الذين آلَوْا على أنفسهم أن يتبنوا كل باطل من الآراء الفكرية في مجال ما وراء الطبيعة، وفي مجال الأخلاق، وفي مجال تحطيم القيم الدينية غير اليهودية؛ ليُفسدوا العالم في عقيدته وفكره وأخلاقه.
وليتمكنوا من وراء ذلك من قيادته، واستعباده، والسيطرة عليه، ولقد أعلن اليهودُ في بروتوكولاتهم أنهم يعملون جاهدين لإفساد الضمائر البشرة عن طريق التشكيك في الأخلاق والعقائد، ويعملون جاهدين لإفساد العقول عن طريق تزييف الحق، وترويج الباطل، ويتبنون شخصيات إبليسية ماكرة خبيثة تدعو إلى هدم العقيدة الدينية تارة، وهدم الأخلاق تارة أخرى.
بل قد وصل الأمر باليهود أن رسموا لإفساد الإنسانية منهجاً، أخذوا في تنفيذه عن طريق وسائل الإعلام، ودور النشر، وعن طريق المسرح والسينما، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، وعن طريق كل عميل خائن، وكاتب مأجور؛ لتتِمَّ لهم القيادة الفكرية، والنفسية، والفلسفية في العالم كله، فعلينا أن نعلم أن التخنُّث في شبابنا، والفجور في نسائِنا، وانتشار الخمر، والعهر، والقمار، والميوعة في بلادنا – هو من مخططات اليهود[1].
وبهذا – أيها الشباب – نُدرك خطر مكر أعداء الأمة الإسلامية، وخطر ما يسوقون العالم إليه، وقد قال القائل:
مؤامرةٌ تدور على الشباب ** ليعرض عن معانقة الحــــرابِ
مؤامرةٌ تقول لهم تعالـــوا ** إلى الشهوات في ظل الشرابِ
مؤامرةٌ مراميها عظـــــامٌ ** تُدبرها شياطين الخــــــــرابِ
[1] «حتى يعلم الشباب»، عبد الله علوان، بتصرف.
____________________________________________________________
الكاتب: الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
Source link