مختارات من كتاب الكامل في اللغة والأدب لابن المبرد – فهد بن عبد العزيز الشويرخ

وكتاب الكامل يوجد به أشياء مفيدة, يسّر الله الكريم فاخترتُ بعضًا منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين…أما بعد: فالكتب أقسام, منها: النافع, ومنها: الضار, ومنها: النافع الضار, ومن أقسام الكتب: كتب الأدب, التي ينبغي عدم الوثوق بكلِّ ما ذكر فيها من حوادث وأخبار, لتساهل مصنفيها في النقل, قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:  كُتُب الأدب ونحوها ليست موثوقة, لأنها ليست عن سند, لكنها من جنس الأخبار والمغازي يتساهلون فيها.

فينبغي لمن قرأ فيها أن لا يأخذ بكل ما ذكر فيها على أنه صحيح ثابت, و كتاب الكامل في اللغة والأدب, لابن المبرد, رحمه الله, من كتب الأدب التي جمعت من الأخبار والحوادث بدون تمحيص أو تدقيق, قال الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان: كل خبر يحتمل الصدق والكذب فيه, وما ينبغي أن يحتج به حتى يثبت صدقه. وقال الاستاذ عبدالحليم عويس: كان من هواة جمع المعلومات ذات الطابع القصصي المثير, دون أن يتثبت من صحتها, رواية ودراسة.

وكتاب الكامل يوجد به أشياء مفيدة, يسّر الله الكريم فاخترتُ بعضًا منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

الأدب:

& قال بعض الحكماء: ثلاث لا غُربة معهن: مجانبة الريب, وخُسن الأدب, وكف الأذى.

& كان يقال: عليكم بالأدب فإنه صاحب في السفر, ومؤنس في الوحدة, وجمال في المحفل, وسبب إلى طلب الحاجة.

تأديب الأبناء:

& قال بعض الحكماء: من أدب ولده صغيرًا سُرّ به كبيرًا.

& كان يُقال: من أدّب ولده أرغم حاسِدهُ.

تأديب المُتملّق:  

& قال رجل لعبدالملك بن مروان: إني أريد أن أُسرّ إليك شيئًا…فقال له: لا تمدحني, فأنا أعلم بنفسي منك, ولا تكذبني, فإنه لا رأي لمكذوب, ولا تغتب عندي أحدًا, فقال الرجل: يا أمير المؤمنين أفتأذن لي بالانصراف, قال له: إذا شئت.

صور من برِّ الوالدين:

& غمر بن ذرُ دخل عليه ابنه…وسُئٍل: ما بلغ من برّه بك؟ فقال: ما مشى معي بنهار قطُّ إلا قدمني, ولا بليل إلا تقدمني, ولا رقى سطحًا وأنا تحته.

& قيل لعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمهم الله: إنك من أبر الناس بأمك ولسنا نراك تأكل معها في صحفة, فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها.  

& حدثني المازني عمن حدثه قال: رأيت رجلًا يطوف بالبيت, وأمه على عنقه وهو يقول:  

أحمل أُمي وهي الحمالة             تُرضعني الدّرة والعُلالة

             لا يجـــــــــــــــــــــــــــــــازي والد فعــــــــــــالة

& قال أبو المخش: كانت لي ابنة تجلس معي على المائدة…فلا تقع عينها على أكلة نفيسة إلا خصتني بها.  

الضحك والمزاح:

& قال الأحنف بن قيس: كثرةُ الضحكِ تُذهبُ الهيبة, وكثرةُ المزاح تُذهبُ المروءة, ومن لزم شيئًا عُرِف به.

كثرة الذنوب, والنعم:

& قال الحسن رحمه الله: نعمُ الله أكثر من أن تشكر إلا ما أعان عليه, وذُنوب ابن آدم أكثر من أن يسلم منها إلا ما عفا الله عنه.

تهوين المصائب على النفس:

& كان ابن شبرمة إذا نزلت به نازلة قال: سحابة ثم تنقشع.

المجالس:

& قال أبو إدريس الخولاني رحمه الله: المساجد مجالس الكرام

& قيل للمهلب بن أبي صفرة: ما خير المجالس؟ قال: ما بعد فيها مدى الطرف, وكثرت فيه فائدة الجليس.

& يروى عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: يا بني, إذا أتيت مجلس قوم فارمهم بسهم الإسلام, [يعني السلام] ثم اجلس, فإن أفاضوا في ذكر الله عز جل فأجل سهمك مع سهامهم [يعني أدخل معهم في أمرهم]  وإن أفاضوا في غيره فخلهم, وانهض.

الجليس:  

& قال ابن عباس رحمه الله: لجليسي علي ثلاث: أن أرميه بطرفي إذا أقبل, وأوسع له إذا جلس, وأصغي إليه إذا حدث.

النّبلُ:

& قيل معاوية رضي الله عنه: ما النّبلُ؟ قال: الحلُم عند الغضب, والعفوُ عند القدرة

ــــــــــــــــــــــ

أدوأ الداء:

& قال الأحنف بن قيس رحمه الله: ألا أخبركم بأدوأ الداء؟ الخلق الدنيءُ, واللسان البذيءُ.

الهوى:

& قيل لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله: أيُّ الجهاد أفضل؟ قال: جهادك هواك.

& كان مالك بن دينار يقول: جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم.

ثلاث يكمل بهن الإنسان:

& قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: ثلاث من كن فيه فقد كمل: من لم يخرجه غضبة عن طاعة الله, ولم يستنزله رضاه إلى معصية الله, وإذا قدر عفا وكف.

العرب

& قال الأحنف بن قيس: لا تزال العرب عربًا ما لبست العمائم, وتقلدت السيوف قوله: ” ما لبست العمائم ” يقول: ما حافظت على زيها.

وقوله: ” تقلدت السيوف ” يريد الامتناع من الضيم.

كسب المال فوق الحاجة خزن للغير:

& قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: اعلم أنك لا تكسب من المال فوق قوتك إلا كنت خازنًا فيه لغيرك.

المنة بالمعروف:

& كان يقال: أحيُوا المعروف بإماتته.

وتأويل ذلك أن الرجل إذا امتن بمعروفه كدرهُ. وقيل: المنّةُ تهدم الصنيعة.

وكان يُقال: كتمان المعروف من المُنعم عليه كفر, وذكره من المُنعمِ كفر.

ـــــــــــــــــ

تواضع الكبار:

همّ السراج بأن يخمُد, فوثب إليه رجاء بن حيوة ليصلحه, فأقسم عليه عمر بن عبدالعزيز فجلس, ثم قام عمر فأصلحه. فقال له رجاء: أتقوم يا أمير المؤمنين؟ قال: قمتُ وأنا عمر بن عبدالعزيز, ورجعت وأنا عمر بن عبدالعزيز.

كثرة الكلام:

& قال إياس بن معاوية المزني أبو وائلة, وكان أحد العقلاء الدُهاة الفضلاء لخالد: لا ينبغي أن نجتمع في مجلس. فقال له خالد: وكيف يا أبا وائلة؟ فقال: لأنك لا تحب أن تسكت, وأنا لا أحبّ أن أسمع.

المُحب الصادق يطيع محبوبه:

& قال محمود الوراق:

تعصى الإله وأنت تظهر حُبهُ     هذا مُحال في القيـــــــــاس بـديعُ

لو كان حُبك صادقًا لأطــعته     إن المُحبّ لمن يُحبُ مـــــــــطيعُ

رحمة الظالم والبكاء له:

& يقول محمود الوراق:

إني شكرتُ لظــــــــــالمي ظُلمي     وغفرتُ ذاك له على علمـي

ورأيتُه أسدى إلــــــــــــــي يـــــــــــدًا     لمّا أبان بجهــــــــــله حـــلمـــــــــــــي

رجعت إساءته عليه وإحــــــــــ      ــــساني فعاد مضاعف الجُرم

وغدوتُ ذو أجرٍ ومحمـــــد و     غدا بكسب الظّلـــــم والإثـم

فكأنمــــــــــــا الإحسان كان لــه      وأنا المُسيء إليه في الحــــــكم

ما زال يظلـــــــــمني وأرحمــــــــــه      حتى بكيت له من الظـــــــــــلم

ــــــــــــــ

إجابة العقلاء:

& كان عبدالله بن يزيد أبو خالد من عقلاء الرجال, قال له عبدالملك يومًا: ما مالُك؟ فقال: شيئان لا عيلة علي معهما, الرضا عن الله, والغنى عن النفس.

فلما نهض من بين يديه قيل له: هلّا خبرته بمقدار مالك؟ فقال: لم يعدُ أن يكون قليلًا فيحُرقني, أو كثيرًا فيحسدني.  

علم وذكاء:  

& حدثني أحد الهاشمين: أن ملك الروم وجه إلى معاوية بقارورة, فقال: ابعث إليّ فيها من كل شيء, فبعث إلى ابن عباس, فقال: لتُملأ له ماءً, فلما ورد بها على ملك الروم, قال: لله أبوه ما أدهاهُ, فقيل لابن عباس: كيف اخترت ذلك؟ فقال: لقول الله عز وجل: {﴿ وجعلنا من الماءِ كل شيءٍ حيٍّ ﴾} [الأنبياء:30]

زوج من عُودٍ خير من قُعود:

& حدثني علي بن عبدالله عن ابن عائشة قال: كان ذو الأصبع العدواني, رجلًا غيورًا, وكانت له أربع بنات, وكان لا يزوجهن غيرة, فاستمع عليهن يومًا, وقد خلون يتحدثن, فقالت قائلة منهن: لتقل كُلّ واحدة منكن ما في نفسها, ولنصدق جميعًا, فقالت الصغرى: زوج من عُودٍ خير من قُعود. قال: فخُطبن, فزوجهن جُمع.

كرم الخلق:

& يروى عن أسماء بن خارجة أنه قال: لا أشاتم رجلًا ولا أرد سائلًا, فإنما هو كريم أسدُّ خلته, أو ليئم أشتري عرضي منه.

مجالسة الأحمق:

& قال الأحنف بن قيس: إني لأجالس الأحمق الساعة, فأتبين ذلك في عقلي.

ـــــــــــــــ

الصحبة والإخوة الصادقة:

& قيل لخالد بن صفوان: أيّ إخوانك أحبّ إليك؟ فقال: الذي يسدُّ خلتي, ويغفر زللي, ويقبل عللي.

& قال عبدالله بن جعفر بن أبي طالب: إن لم تجد من صحبة الرجال بُدًا فعليك بصحبة من إن صحبته زانك, وإن خففت عنك صانك, وإن احتجت إليه مانك, وإن رأى منك خلة سدها, أو حسنة عدّها, وإن وعدك لم يُجرضك, وإن كثرت عليه لم يرفضك, وإن سألته أعطاك, وإن أمسكت عنه ابتدأك.

كتمان السرّ:

& قال المهلب بن أبي صفرة: أدنى أخلاق الشريف كتمان السر, وأعلى أخلاقه نسيان ما أُسرَّ إليه.

البخل:

& قال زياد: كفى بالبخيل عارًا أن اسمه لم يقع في حمدٍ قط. وكفى بالجواد مجدًا أن اسمه لم يقع في ذم قط.

& قال الحجاج: البُخلُ على الطعام أقبحُ من البرص على الجسد.

مواعظ:

& حُدثت أن الحسن نظر إلى رجل يجود بنفسه, فقال: إن أمرًأ هذا آخره لجدير بأن يزهد في أوله, وأن أمرًأ هذا أوله لجدير أن يُخاف آخره.

& قيل لرجل في علته التي مات فيها: ما بِكَ؟ فكر عجيب وحسرة طويلة, فقيل: مم ذاك؟ فقال: ما ظنكم بمن يقطع سفرًا فقرًا بلا زاد, ويسكن قبرًا موحشًا بلا مؤنس, ويقدم على حكم عادل بلا حجة.

ـــــــــــــــ

البكاء وخروج الدمع يُريحُ من نزلت به مصيبة:

& قال أبو بكر بن عياش: نزلت بي مصيبة أوجعتني, فذكرت قول ذي الرمة:

لعل انحدار الدمع يُعقبُ راحـــــــة     من الوجد أو يشفي نجى البلابل

فخلوتُ, فبكيتُ, فسلوت.

الصبر على المصائب:

& الناس لا ينكفون عن المصائب, ومن لم يثكل أخاه ثكله أخوه, ومن لم يعدم نفيسًا كان هو المعدوم دون النفيس, وحق الإنسان الصبر على النوائب.

& الدنيا دار فراق, ودار بوار, لا دار استواء. على فراق المألوف حُرقة لا تُدفع, ولوعة لا ترد, وإنما يتفاضل الناس بصحة الفكر, وحسن العزاء, والرغبة في الآخرة, وجميل الذكر.

& كان يقال: من حدّث نفسه بالبقاء, ولم يوطنها على المصائب فعاجز الرأي.

& المصائب ما عظم منها وما صغر تقع على ضربين: فالحزم التسلي عما لا يغني الغم فيه, والاحتيال لدفع ما يُدفع بالحيلة.

& قال رجل من الحكماء: إنما الجزع والإشفاق قبل وقوع الأمر, فإذا وقع فالرضا والتسليم.

متفرقات:

& النمائم سهم قاتل. & ما أشدّ فطام الكبير. & من كثر خيره كثر زائره.

& إذا رغبت في المكارم فاجتنب المحارم & خير الكلام ما أغنى اختصاره عن إكثاره

& أنعمُ الناس عيشًا من عاش غيره في عيشه.

& المشي إن لم تتعاهده أوشكت أن تطلبه فلا تجده.

                     كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *