عنوان الكتاب: الجهاد في سبيل الله تعالى – مفهومه، وحُكْمه، ومراتبه، وضوابطه، وأنواعه، وأهدافه، وفضله، وأسباب النصر على الأعداء في ضوء الكتاب والسنة، لمؤلفة د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني رحمه الله تعالى
الحمد لله وحده وصلى على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا موضوع مهم، من كتاب مهم، جاء في وقت مهم أما الموضوع فهو (مراتب الجهاد في سبيل الله) وأما عنوان الكتاب: الجهاد في سبيل الله تعالى – مفهومه، وحُكْمه، ومراتبه، وضوابطه، وأنواعه، وأهدافه، وفضله، وأسباب النصر على الأعداء في ضوء الكتاب والسنة، لمؤلفة د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني رحمه الله تعالى صاحب الكتيِّب الصغير الشهير: حصن المسلم، وقد تصرفت في المادة قليلًا، والكتاب مهم في بابه وجاء في 93 صفحة ومن إصدار: مؤسسة الجريسي، وموضوع الكتاب يدور حول ( مفهوم الجهاد، وحكمه، ومراتبه، وضوابطه، وأنواع الجهاد في سبيل الله، وأهدافه، والحكمة من مشروعيته، وفضله، والترهيب مِن ترك الجهاد في سبيل الله، وبيان شهداء غير المعركة، وأسباب وعوامل النصر على الأعداء) فمن أراد الاستزادة وبسط الأدلة فعليه بالكاب الأصل، والآن مع المادة المنتقاة:
الجهاد له أربع مراتب: جهاد النفس، والشيطان، والكفار، والمنافقين، وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات.
المرتبة الأولى: جهاد النفس: وله أربع مراتب:
- جهادها على تعلّم أمور الدين والهدى الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.
- جهادها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.
- جهادها على الدعوة إليه ببصيرة، وتعليمه من لا يعلمه، وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله.
- جهادها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، وأن يتحمل ذلك كله لله. فمن عَلِمَ، وعَمِلَ، وصبر، فذاك يُدعى عظيماً في ملكوت السموات.
المرتبة الثانية: جهاد الشيطان: وله مرتبتان:
- جهاده على دفع ما يُلقِي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.
- جهاده على دفع ما يلقي إليه من الشهوات والإرادات الفاسدة.
فالجهاد الأول بعد اليقين والثاني بعد الصبر، قال الله تعالى: {{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}} ، والشيطان أخبث الأعداء، قال الله تعالى: {{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}} .
المرتبة الثالثة: جهاد الكفار والمنافقين: وله أربع مراتب: بالقلب، باللسان، بالمال، باليد.
وجهاد الكفار أخص باليد، وجهاد المنافقين أخص باللسان.
المرتبة الرابعة: جهاد أصحاب الظلم والعدوان، والبدع والمنكرات: وله ثلاث مراتب:
- باليد إذا قدر المجاهد على ذلك.
- فإن عجز انتقل إلى اللسان.
- فإن عجز جاهد بالقلب.
فعن أبي سعيد – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)).
فهذه ثلاثة عشرة مرتبة من الجهاد، وأكمل الناس عند الله من كمَّل مراتب الجهاد كلها، والخلق متفاوتون في منازلهم عند الله تفاوتهم في مراتب الجهاد؛ ولهذا كان أكمل الخلق وأكرمهم على الله محمد – صلى الله عليه وسلم – خاتم أنبيائه ورسله؛ فإنه كمّل مراتب الجهاد وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه ما تتابع الليل والنهار.
ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذات الله كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث فضالة بن عبيد الله – رضي الله عنه -: (( «ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» )) (3): كان جهاد النفس مقدَّماً على جهاد العدو في الخارج وأصلاً له؛ فإنه ما لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمرها الله به وتترك ما نهاها الله عنه ويحاربها في الله، لم يمكنه جهاد عدوّه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوّه والانتصار عليه وعدوّه الذي بين جنبيه غالب له وقاهر له؟ ولا يمكنه الخروج إلى عدوّه حتى يجاهد نفسه على الخروج. فهذان عدوان (النفس، والعدو في خارجها) وبينهما عدو ثالث لا يمكن للعبد أن يجاهدهما إلا بجهاده، وهو واقف بينهما يُثبِّط الإنسان عن جهادهما ويخوِّفه ويخذله، ولا يزال يُخَوِّفه ما في جهادهما من المشاق، وفوات اللذات، والشهوات، فلا يمكنه أن يجاهد هذين العدوين إلا بجهاد هذا العدو الثالث وهو الأصل لجهادهما وهو الشيطان.
Source link