يشهد الواقع الحالي أن تعليم القيم يمر بأزمة لغياب التخطيط الواعي لتدريس القيم، وتركيز التعليم على الجانب المعرفي، وإهمال الجانب الوجداني الذي تقع القيم منه في الصميم
تعد القيم هي القضية الكبرى التي تواجهها التربية في المجتمعات المعاصرة على المستويات كافة؛ حيث تعلو النداءات بين حين وآخر تنادي بضرورة الاهتمام بمنظومة القيم وإعادة تشكيلها لدى الإنسان المعاصر؛ نظرًا لما يلاحظ من خطورة سيادة القيم المادية والفردية على أنماط حياته وتفكيره وسلوكه بكل ما تحمله هذه القيم من عشوائية وسخط على الحياة وابتعاد عن معايير السلوك الأخلاقي القويم وتعلق بالحياة المادية وإهمال معايير الحق والفضيلة والإحسان[1].
لقد شمل القرآن الكريم والسنة النبوية قيمًا تربوية وخُلقية استفادت منها مناهج التربية الإسلامية، فقد ركز القرآن الكريم في أجزاء مختلفة على بُعد الإنسان والكون والحياة، فالدين الإسلامي نظام شامل متكامل متوازن ثابت، لا يتغير بتغير الظروف والأحوال.
ونظرًا لأهمية القيم التربوية الإسلامية، وخطر فِقدانها على حياة الفرد ينبغي الاهتمام بها، فهي قيم شاملة ثابتة متوازنة، ربانية المصدر، تستمد أهميتها من المصدر الذي تستند إليه، وهو كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
أهمية الاهتمام بتعليم القيم في مرحلة البلوغ والمراهقة:
تعالت صيحات المربين والخبراء التي تدعو إلى ضرورة الاهتمام بتعليم القيم وتكوينها لدى المتعلمين، وتعديل الأخلاق السلبية، ويرجع ذلك إلى أن القيم تهتم بالآتي:
1- تمد النشء بالمقاييس والمعايير التي يفاضلون بها بين الأعمال والتصرفات، فيدركون الصحيح من الخطأ، وهي تكون لديهم الأساس الذي يبنون عليه الأحكام الاجتماعية والخلقية؛ مما يساعدهم في تصحيح السلوك وتعديله.
2- تسهم في توحيد نظرة الأفراد إلى الحياة، وأساليب معيشتهم فيها؛ مما يربط بين الأفراد المختلفين، ويجعل منهم وحدةً متماسكة متعاونة.
3- إن القيم الدينية تعمل على تكيف الأفراد مع مواقف الحياة، وإشاعة الرضا والقناعة والتفاؤل والتسامح والإحسان وغيرها من قيم تحد من الجريمة والانحراف في المجتمع.
4- إيجاد البيئة التربوية التي تحقق للطلاب الفهم الكامل والشامل والتعامل الجيد بين المعلم وتلاميذه؛ مما يزيد من اهتمام التلاميذ بالعمل المدرسي، والبعد عن الشغف والانحراف السلوكي.
5- إن القيم يصعب اكتسابها من خلال الدروس النظرية، بل تتكون نتيجة احتكاك النشء داخل المنزل والمدرسة، وممارسة الحياة العملية، ولهذا كان من الضروري تدريب الأطفال عليها منذ الصغر؛ حتى تصبح أمرًا عفويًّا فطريًّا.
6- إن القيم هي دعوة القرآن والسنة النبوية، وهي أساس حياة المجتمعات؛ لأن التكنولوجيا الحديثة لا يمكنها حل مشكلة الإنسان، بل لا بد من وجود قيم خلقية تساند ذلك التقدم[2].
لذلك نستنج أن هناك أهمية كبرى لاكتساب النشء والمراهقين قيم العدل والرضا والقناعة والحب والتكافل الاجتماعي، وغير ذلك من قيم دينية؛ لأنها الكفيلة بحماية المجتمع من السلوكيات الخاطئة والفساد، وهذا يفتح الباب واسعًا أمام المناهج في إدخال ودمج القيم في مناهجها، وذلك لتربية النشء على السلوكيات والأخلاقيات التي حث عليها الإسلام من خلال مناهج التربية الإسلامية، ويشهد الواقع الحالي أن تعليم القيم يمر بأزمة لغياب التخطيط الواعي لتدريس القيم، وتركيز التعليم على الجانب المعرفي، وإهمال الجانب الوجداني الذي تقع القيم منه في الصميم، واعتبار تعليم القيم ناتجًا ثانويًّا يمكن تحقيقه من خلال تعليم المواد الدراسية المتعددة، أو إمكانية تركه لمؤسسات أخرى كالأسرة ووسائل الإعلام، والتركيز على الحفظ وليس الفهم للمعلومات عند الطلاب، ودون الاهتمام بتكوين الشخصية المتكاملة.
كما يمكن تحديد أبعاد القيم كالتالي:
ومن أهم القيم المقترحة للمرحلة الابتدائية:
• حب الله ورسوله.
• شعائر الإسلام.
• شكر الله على نعمه.
• الصدق.
• الأمانة.
• النظام.
• بر الوالدين وطاعتهما.
• التحلي بمكارم الأخلاق.
• آداب إسلامية (آداب طعام، آداب حديث، استئذان..).
• الرفق بالمخلوقات.
• احترام الوقت.
• ترشيد الاستهلاك.
• النظافة.
ومن أهم القيم المقترحة للمرحلة الإعدادية:
• الإيمان بالله وحده.
• تقدير العلم والعلماء.
• حسن الخلق.
• العفة.
• التواضع.
• الاعتذار.
• تحمل المسؤولية.
• الإصلاح بين الناس.
• آداب التعامل.
• مساعدة المحتاج.
• الاعتدال في اللباس.
• الاقتصاد في الإنفاق.
• الانضباط.
• الإبداع والتميز.
[1] ماجد زكي الجلاد: تعلم القيم وتعليمها: تصور نظري وتطبيقي لطرائق وإستراتيجيات تدريس الفهم (عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة)، 2007م، ص17. [2] علي سعيد شومان (1993)؛ القيم التربوية التي تضمنها السؤال في القرآن الكريم، الأردن، جامعة اليرموك، رسالة جامعية، ص20.
________________________________________________
الكاتب: د. شيرين لبيب خورشيد
Source link