فإن هذه الأبيات ذكرها الإمام مسلم في صحيحه: فقد روى عن سلمة بن الأكوع قال: لما قدمنا خيبر، قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه، ويقول…
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الأبيات ذكرها الإمام مسلم في صحيحه: فقد روى عن سلمة بن الأكوع قال: لما قدمنا خيبر، قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه، ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال: وبرز له عمي عامر، فقال:
قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغامر
قال: فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له، فرجع سيفه على نفسه، فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه.
قال سلمة: فخرجت، فإذا نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يقولون: بطل عمل عامر، قتل نفسه، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله، بطل عمل عامر؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «من قال ذلك؟» قال: قلت: ناس من أصحابك، قال: «كذب من قال ذلك، بل له أجره مرتين»»
ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد، فقال: « «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله» – أو «يحبه الله ورسوله» -، قال: فأتيت عليا، فجئت به أقوده وهو أرمد، حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبصق في عينيه فبرأ وأعطاه الراية» ، وخرج مرحب، فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب.
فقال علي:
أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
قال: فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يديه. اهـ
وأما عن معناها فقد قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: قوله (أنا الذي سمتني أمي حيدره) حيدرة اسم للأسد، وكان علي -رضي الله عنه- قد سمي أسدا في أول ولادته، وكان مرحب قد رأى في المنام أن أسدا يقتله، فذكره علي -رضي الله عنه- ذلك ليخيفه ويضعف نفسه. قالوا: وكانت أم علي سمته أول ولادته أسدا باسم جده لأمه أسد بن هشام بن عبد مناف، وكان أبو طالب غائبا فلما قدم سماه عليا. وسمي الأسد حيدرة؛ لغلظه، والحادر الغليظ القوي، ومراده أنا الأسد على جرأته وإقدامه وقوته.
قوله (أوفيهم بالصاع كيل السندره) معناه أقتل الأعداء قتلا واسعا ذريعا. والسندرة مكيال واسع، وقيل هي العجلة أي أقتلهم عاجلا، وقيل مأخوذ من السندرة وهي شجرة الصنوبر يعمل منها النبل والقسي … اهـ.
والله أعلم.
Source link