إن مقتل الحسين رضي الله عنه فاجعة فُجع بها أهلُ الإسلام تستوجب الصبر، والبعد عن التسخط، ولطم الخدود، وشق للجيوب، والدعاء بالويل والثبور.
إن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده بالنعم تارة، وبالمصائب تارة لحكمٍ جليلة وغايات نبيلة، بناءً على ما سبق به علمه، واقتضته مشيئته النافذة، وحكمته البالغة.
ولقد حلَّت بأمة الإسلام مصائب عديدة؛ منها أبرزها: “مقتل الحسين رضي الله عنه” في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين[1].
ولقد تعامل أهل السنة مع هذه المصيبة من خلال الآتي:
أولًا: يحملون وزر هذه المصيبة الأشخاص الذين شاركوا في قتله رضي الله عنه، ثم الذين كاتبوه للقدوم من مكة إلى العراق لمبايعته، ونصرته، ثم غدروا به؛ قال ابن تيمية رحمه الله مبينًا خداع طائفة من أهل العراق للحسين رضي الله عنه: “قامت طوائف كاتبوا الحسينَ، ووعدوه بالنَّصر والمعاونة إذا قام بالأمر، ولم يكونوا مِن أهل ذلك، بل لَمَّا أرسل إليهم ابن عمِّه أخلفوا وعده، ونقضوا عهدَه، وأعانوا عليه من وعدوه أن يدفعوه عنه، ويقاتلوه معه”[2].
ثانيًا: يتبرؤون ممن قتله – رضي الله عنه – وممن أعان على قتله، أو رضي بذلك، قال ابن تيمية رحمه الله: “أما من قتل الحسين أو أعان على قتله، أو رضي بذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا”[3].
ثالثا: يحزنون على مقتله رضي الله عنه، قال ابن كثير رحمه الله: “كل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتله – أي الحسين – رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي أفضل بناته، وقد كان عابدًا وشجاعًا وسخيًّا”[4].
رابعًا: يصبرون ويسترجعون عند ذكر مقتله، فيقولون: “إنا لله وإنا إليه راجعون”، قال ابن تيمية رحمه الله: “قد علم أنَّ المصيبة بالحسين تذكر مع تقادم العهد، فكان في محاسن الإسلام أن بلغ هو هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أنه كلما ذكرت هذه المصيبة يسترجع لها، فيكون للإنسان من الأجر مثل الأجر يوم أُصيب بها المسلمون”[5].
خامسًا: يعزون أنفسهم عن مصيبة مقتله رضي الله عنه بمصيبة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن تيمية رحمه الله: “وأحسن ما يقال عند ذكر هذه المصائب وأمثالها، ما رواه علي بن الحسين عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مَن أُصيب بمصيبة فذكر مصيبته، فأحدث استرجاعًا وإن تقادَم عهدُها، كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب”[6].
اصبِر لكل مصيبة وتجلَّـــــــدِ *** واعلَم بأن المرءَ غيرُ مُخلَّـــــــدِ
واصبِر كما صبَر الكرامُ فإنهـا *** نُوَبٌ تنوب اليوم تُكشَف في غدِ
وإذا أتتك مصيبةٌ تَشجى بها *** فاذكُر مصابَك بالنبي محمَّــــــدِ[7]
سادسًا: يعتقدون أنه رحل شهيدًا إلى ربه، قال ابن تيمية رحمه الله: “هو مصيبة أصيب بها المسلمون من أهله، وغير أهله، وهو في حقه شهادة له، ورفع حجة، وعلو منزلة، فإنه وأخاه سبقت لهما من الله السعادة التي لا تنال إلا بنوع من البلاء، ولم يكن لهما من السوابق ما لأهل بيتهما، فإنهما تربَّيَا في حجر الإسلام في عزٍّ وأمان، فمات هذا مسمومًا، وهذا مقتولًا؛ لينالا بذلك منازل السعداء، وعيش الشهداء“[8].
وقال أيضًا: “أكرم الله الحسين بالشَّهادة كما أكرم بها مَن أكرَم من أهل بيته، أكرم بها حمزة وجعفرًا وأباه عليًّا وغيرهم، وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته وأعلى درجته، فإنَّه هو وأخوه الحسن سيِّدَا شباب أهل الجنة“[9].
ومع أن هذا هو الموقف لعامة أهل الإسلام من هذه المصيبة الأليمة، فإنه قد خالف في ذلك فئتان:
الأولى: بالغت في موقفها من هذه المصيبة، واستغلتها استغلالًا معيبًا، ووظفتها توظيفًا مهينًا، وجانبَت في موقفها منها الصواب، وذلك باتخاذها يومَ عاشوراء مناسبة سنوية للحزن والتسخط، والنواح، واللطم، والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاد المراثي، وما إلى ذلك من سب السلف، ولعنهم، وإدخال البريء مع المذنب، وقراءة أخبار مثيرة للعواطف، مهيجة للفتن، وأحدثوا كثيرًا من البدع، واختلقوا كثيرًا من الأحاديث، قال ابن كثير رحمه الله: “ولقد بالغ الشيعةُ في يوم عاشوراء فوضَعوا أحاديثَ كثيرةً كذبًا فاحشًا من كون الشمس كسفَت يومئذٍ حتى بدت النُّجوم، وما رُفِع يومئذ حجرٌ إلا وُجِد تحته دمٌ، وأنَّ أرجاءَ السماء احمرَّت، وأن الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنه الدمُ، وصارت السماء كأنها علقَة، وأن الكواكب ضرب بعضُها بعضًا، وأمطرت السماء دمًا أحمرَ، وأن الحمرَةَ لم تكن في السماء قبل يومئذٍ، ونحو ذلك”[10].
ولأجل تأليب العامة وتجيشهم معهم، اصطنعوا فضائل لزيارة الحسين رضي الله عنه في يوم عاشوراء؛ كقول بعضهم: “من زار قبرَ الحسين في يوم عاشوراء عارفًا بحقِّه، كان كمن زار الله في عرشه”[11]، وقراءة هذا كافٍ في إبطاله؛ فإنه لا يتصوَّرُ من فيه مسكة عقلٍ أن يكون زيارة الحسين كزيارة الله في عرشه!
كقولهم فيما نقلوه عن أبي جعفر: “من زار الحسين بن علي رضي الله عنهما في يوم عاشوراء من المحرم حتى يظلَّ عنده باكيًا، لَقِيَ الله عز وجل يوم يلقاه بثوابِ ألفَي حجة، وألفي عمرة، وألفي غزوة، ثواب كل غزوة وحجة وعمرة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع الأئمة الراشدين”[12].
وكان أول من أحدث هذه البدع والمخالفات: دولة بني بويه، قال ابن كثير رحمه الله حاكيًا طرفًا منها: “وقد أسرف الرافضةُ في دولةِ بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها، فكانت الدبادِب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذرُّ الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلَّق المسوح على الدَّكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثيرٌ منهم لا يشرب الماء ليلتئذٍ موافقةً للحسين؛ لأنه قُتل عطشانًا، ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههنَّ يَنُحْنَ ويَلطمن وجوههنَّ وصدورهن حافيات في الأسواق، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة والأهواء الفظيعة والهتائك المخترَعة، وإنَّما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنِّعوا على دولة بني أمية؛ لأنَّه قُتل في دولتهم”[13].
ولا شك أن هذه التصرفات والأفعال مخالفة لما جاء به الإسلام، لما يلي:
أولًا: أن الإسلام قد حذر منها، ونهى عنها، ولم يشرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن تصنع شيئًا من ذلك أو قريبًا منه، لموت عظيم، أو فقد شهيد، مهما كان قدره ومنزلته.
وقد استشهد في حياته صلى الله عليه وسلم عدد من كبار أصحابه الذين حزن لفقْدهم كحمزة بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، فلم يفعل شيئًا مما يفعله هؤلاء، ولو كان خيرًا لسبقنا إليه صلى الله عليه وسلم.
ويعقوب عليه السلام لم يضرب صدرًا، ولم يخمش وجهًا، ولم يُسل دمًا، ولا اتخذ يوم فقد يوسف عيدًا ولا مأتمًا، وإنما كان يذكر حبيبه وغائبه، فيحزن لذلك ويغتم، وهذا مما لا ينكر على أحد، وإنما المنكر هو هذه الأعمال الموروثة عن الجاهلية التي نهى عنها الإسلام، فقد جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” «ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» “[14].
وقال ابن كثير رحمه الله مستنكرًا اتخاذ يوم مقتل الحسين رضي الله عنه مأتمًا: “ولكن لا يحسن (أي الحسين) ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنعٌ ورياءٌ، وقد كان أبوه أفضل منه، فقُتل وهم لا يتخذون مقتله مأتمًا كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قُتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قُتل وهو محصورٌ في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذُبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتمًا، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قُتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتمًا، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتمًا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحد يوم موتهم مأتمُا يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة يوم مصرع الحسين…”[15].
ثانيًا: أن هذا التصرفات التي أحدثتها هذه الفئة في يوم عاشوراء انحراف وضلال، وهي مستقبحة ومستهجنة لدى ذوي الألباب والعقول؛ قال ابن رجب رحمه الله مستنكرًا أفعال هذه الفئة في هذا اليوم: “وأما اتِّخاذه مأتمًا كما تفعله الرَّافضة لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنه، فهو من عمل من ضلَّ سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنَّه يُحسن صنعًا، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائبِ الأنبياء وموتهم مأتمًا، فكيف بمن دونهم؟!”[16].
وقال ابن تيمية رحمه الله مستنكرًا أفعال هذه الفئة: “كان ما زيَّنه الشيطان لأهل الضلال والغي من اتخاذ يوم عاشوراء مأتمًا، وما يصنعون فيه من النَّدب والنياحة، وإنشاد قصائد الحزن، ورواية الأخبار التي فيها كذبٌ كثير، والصِّدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتَّعصب، وإثارة الشحناء والحرب، وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام، والتوسل بذلك إلى سبِّ السابقين الأولين، وكثرة الكذب والفتن في الدنيا”[17].
ثالثًا: أن هذه الأعمال المنكرة يحبها ويشجعها أعداء الإسلام؛ كي يشوِّهوا من خلالها صورة الإسلام وأهله، وفي هذا يقول موسى الموسوي: “ولكن الذي لا شك فيه أن ضرب السيوف على الرؤوس، وشج الرأس حدادًا على “الحسين” في يوم العاشر من محرم، تسرَّب إلى إيران والعراق من الهند، وفي إبان الاحتلال الإنجليزي لتلك البلاد، وكان الإنجليز هم الذين استغلوا جهل الشيعة وسذاجتهم، وحبهم الجارف للإمام الحسين، فعلَّموهم ضرب القامات على الرؤوس، وحتى إلى عهد قريب كانت السفارات البريطانية في طهران وبغداد تموِّل المواكب الحسينية التي كانت تظهر بذلك المظهر البشع في الشوارع والأزقة، وكان الغرض وراء السياسة الاستعمارية الإنجليزية في تنميتها لهذه العملية البشعة، واستغلالها أبشع الاستغلال، هو إعطاء مبرر معقول للشعب البريطاني وللصحف الحرة التي كانت تعارض بريطانيا في استعمارها للهند ولبلاد إسلامية أخرى، وإظهار شعوب تلك البلاد بمظهر المتوحشين الذين يحتاجون إلى قيِّم ينقذهم من أودية الجهل والتوحش، فكانت صور المواكب التي تسير في الشوارع في يوم عاشوراء وفيها الآلاف من الناس يضربون بالسلاسل على ظهورهم، ويدمونها بالقامات والسيوف على رؤوسهم ويشجونها، تُنشر في الصحف الإنجليزية والأوروبية، وكان الساسة الاستعماريون يتذرعون بالواجب الإنساني في استعمار بلادٍ تلك هي ثقافة شعوبها، ولحمل تلك الشعوب على جادة المدنية والتقدم، وقد قيل: إن “ياسين الهاشمي” رئيس الوزراء العراقي في عهد الاحتلال الإنجليزي للعراق عندما زار لندن للتفاوض مع الإنجليز لإنهاء عهد الانتداب، قال له الإنجليز: نحن في العراق لمساعدة الشعب العراقي؛ كي ينهض بالسعادة وينعم بالخروج من الهمجية، ولقد أثار هذا الكلام “ياسين الهاشمي”، فخرج من غرفة المفاوضات غاضبًا، غير أن الإنجليز اعتذروا منه بلباقة، ثم طلبوا منه بكل احترام أن يشاهد فيلمًا وثائقيًّا عن العراق، فإذا به فيلم عن المواكب الحسينية في شوارع النجف وكربلاء والكاظمية، تصور مشاهد مروِّعة ومقزِّزة عن ضرب القامات والسلاسل، وكأن الإنجليز قد أرادوا أن يقولوا له: إن شعبًا مثقفًا لم يحظَ من المدنية بحظ قليل يعمل بنفسه هكذا؟!”[18].
الفئة الثانية: تعاملت مع هذه الضراء الأليمة كما يتعامل مع السراء، فقد جعلت من يوم عاشوراء يوم عيد لإظهار الفرح، وتعطيل الأعمال، وترك الوظائف، ولبس ثياب الزينة، قال ابن كثير رحمه الله: “وقد عاكس الرافضةَ والشيعةَ يوم عاشوراء النَّواصبُ من أهل الشَّام، فكانوا يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتَّخذون ذلك اليوم عيدًا يصنعون فيه أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم”[19].
بل اختلقت أحاديث في هذا اليوم من عندها؛ قال ابن تيمية رحمه الله: “وقومٌ من المتسنِّنة رَوَوْا ورُويت لهم أحاديث موضوعة، بنوا عليها ما جعلوه شعارًا في هذا اليوم، يعارضون به شعار ذلك القوم، فقابلوا باطلًا بباطلٍ، وردوا بدعةً ببدعة”[20].
وقال ابن تيمية رحمه الله مبينًا الأحاديث المكذوبة التي افتراها هذه الفئة في فضل يوم عاشوراء: “مثل الحديث الطويل الذي رُوي فيه: “من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، ومن اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام”، وأمثال ذلك من الخضاب يوم عاشوراء والمصافحة فيه، ونحو ذلك، فإن هذا الحديث ونحوه كذبٌ مختلقٌ باتفاق من يعرف علم الحديث… ولم يستحب أحدٌ من أئمَّة المسلمين الاغتسال يوم عاشوراء ولا الكحل فيه والخضاب، وأمثال ذلك، ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم”[21].
ولا شك أن هاتين الفئتين قد جانبت الصواب، وخالفت ما جاء به الإسلام في كيفية التعامل مع الابتلاء بالمصائب، لذلك بيَّن علماء الإسلام الموقف الصحيح من هذه المصيبة، وردُّوا على هاتين الفئتين؛ قال ابن تيمية رحمه الله في سياق رده عليهم: “وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يُحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ والبكاء وإنشاد المراثي… وبدعة السرور والفرح… فأحدث أولئك الحزن، وأحدث هؤلاء السرور، فصاروا يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال، وإحداث أطعمة غير معتادة… وكل بدعة ضلالة، ولم يستحبَّ أحدٌ من أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم لا هذا ولا هذا”[22].
وقال التويجري في سياق حديثه عن هذه البدعة: “وأما سائر الأمور مثل اتخاذ طعام خارج عن العادة، إما حبوب وإما غير حبوب، أو تجديد لباس، أو توسيع نفقة، أو اشتراء حوائج العام ذلك اليوم، أو فعل عبادة مختصة كصلاة مختصة به، أو قصد الذبح، أو ادِّخار لحوم الأضاحي ليطبخ بها الحبوب، أو الاكتحال، أو الاختضاب، أو الاغتسال، أو التصافح، أو التزاور، أو زيارة المساجد والمشاهد، ونحو ذلك، فهذه من البدع المنكرة التي لم يَسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون، ولا استحبَّها أحدٌ من أئمة المسلمين المشهورين”[23].
وختامًا نَخلُص إلى ما يلي:
أولًا: إن مقتل الحسين رضي الله عنه فاجعة فُجع بها أهلُ الإسلام تستوجب الصبر، والبعد عن التسخط، ولطم الخدود، وشق للجيوب، والدعاء بالويل والثبور.
ثانيًا: إنه رضي الله عنه كان من علماء الصحابة، وأن الله تعالى أكرمه بالشهادة، والبراءة مِن قَتَلَتِه.
ثالثًا: إن التعبير الصادق عن محبته رضي الله عنه ليس باتخاذ يوم عاشوراء مناسبةً سنوية للبكاء والعويل عليه، وتحفيز العامة على الخروج للشوارع في مسيرات، تحت ذريعة محبته، وأن ذلك ليس من التعبير عن حبه في شيء، وإنما بالترضِّي كلما ذُكر اسمه، ومعرفة مناقبه، ودراسة سيرته، والاقتداء والتأسي به رضي الله عنه وأرضاه، وجمعنا وإياه مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا.
[1] ينظر: “الإصابة”، لابن حجر: 2/ 76 – 81)، و”العقد الفريد”، لابن عبد ربه: 4/ 356).
[2] مجموع الفتاوى: 25/ 306-307).
[3] مجموع الفتاوى: 4/ 487).
[4] رواه ابن ماجه (1600)، وينظر: “البداية والنهاية” (8/221).
[5] مجموع الفتاوى: 4/ 512).
[6] رواه ابن ماجه (1600)، وينظر: “البداية والنهاية” (8/221).
[7] لطائف المعارف لابن رجب (ص: 110، 111)
[8] منهاج السنة النبوية: 4/ 330).
[9] الفتاوى الكبرى: 1/ 196-170).
[10] البداية والنهاية: 8/ 219).
[11] ينظر: مصباح المجتهد، للطوسي، ص: 536).
[12] ينظر: مصباح المجتهد، ص: 537).
[13] البداية والنهاية: 8/ 220).
[14] رواه البخاري (1294)، ومسلم (103).
[15] ينظر: “البداية والنهاية” (8/221).
[16] لطائف المعارف، ص: 54).
[17] الفتاوى الكبرى: 1/ 201).
[18] الشيعة والتصحيح، ص: 99).
[19] البداية والنهاية: 8/ 220).
[20] مجموع الفتاوى: 4/ 513).
[21] مجموع الفتاوى: 4/ 513).
[22] ينظر: منهاج السنة: 4 /554).
[23] البدع الحولية، ص: 117).
_______________________________________________________
الكاتب: عبده قايد الذريبي
Source link