“لا عزة للأمة الإسلامية ولا مكانة لها ما دامت لا تُضحي لدينها، ولا تثأر لعقيدتها”.
أيها الإخوة: إنه لا عزة للأمة الإسلامية ولا مكانة لها ما دامت لا تُضحي لدينها، ولا تثأر لعقيدتها. ولن تنال العزة والقوة والتمكين في يوم من الأيام، بالمال والجاه، أو الانهزامية، والخذلان.
وتأمل معي هذه القصة التي يرويها الحاكم في مستدركه. خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام (وذلك حينما ذهب ليتسلّم مفاتيح بيت المقدس وكان خليفة المسلمين آنذاك) قال الراوي: ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة، فنزل عنها وخلع خُفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين أأنت تفعل هذا؟ تخلع نعليك، وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة؟ ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك (أي نظروا إليك وأنت على هذه الحال) فقال عمر: «أوّه، لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالًا لأمة محمد، إنا كنا أذلّ قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله» (رواه الحاكم (1/ 130)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/ 35). من حديث طارق بن شهاب رضي الله عنه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.. ولم يخرجاه، وله شاهد. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (1/ 117): صحيح على شرط الشيخين.).
وهذا ربعي بن عامر يرسله سعد بن أبي وقاص قِبَل القادسية رسولًا إلى رستم قائد الجيوش الفارسية وأميرهم، فدخل عليه وقد زيّنوا مجلسه بالنمارق والزرابي والحرير، وأظهر الياقوت واللآلئ الثمينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة.
وقد جلس على سريرٍ من ذهب، ودخل ربعي بثياب مرقعة وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبه حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسادات، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، وبيضته على رأسه، فقالوا له: ضع سلاحك. فقال: “إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني”. فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت، فقال رستم: ائذنوا له. فأقبل متوِكًا على رمحه فوق النمارق فتخرّق عامتها فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: «الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام» (البداية والنهاية لابن كثير).
أيها المسلمون: لقد ضرب لنا جيلنا الأول من الصحابة والتابعين أروع ما عرفه التاريخ من التضحيات والإقدام والشجاعة حتى خافت الفرس والروم آنذاك من هذا السيل الجارف والقوة الكاسرة.
لقد كانت المبادئ عندهم والغايات التي يسعون لتحقيقها هي رفعة الدين، ونصرة الدعوة وحماية العقيدة فبذلوا لتحقيقها كل غاية ووسيلة صغُرت أم كبُرت. كان هذا الهم وهذه المبادئ لا يختص به الرجال فقط بل حتى النساء والصبيان. فهذا الزبير بن العوام كان جالسًا يومًا عند الكعبة مسندًا ظهره إليها، وإذا بمنادٍ ينادي لقد قُتل محمد، لقد قُتل محمد، فقام الزبير فزعًا مضمومًا وسل سيفه، وانطلق يبحث عن مصدر الصوت، وكان عمره آنذاك (اثني عشرة سنة) نعم أيها الأخوة عمره (اثنا عشرة سنة). فبينما هو كذلك إذا به يقابل النبي – صلى الله عليه وسلم – فانكب عليه، فقال: يا رسول الله لقد سمعت عنك كذا وكذا، ووالله لقد خرجت بسيفي لأقابل قريش أجمع أقتل أو يقتلوني.
عباد الله: ثمن الدعوات باهظ بقول الحق العظيم، وعلى لسان نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، ثمن حمل المبادئ ونقلها من عالم الأفكار والنظريات إلى عالم التطبيق والواقعيات يحتاج إلى كثير من التضحيات، حتى يكون واقعيًا حيًا في عالم الأرض.
إن كلماتنا ستبقى ميتة، عرائس من الشموع لا حراك فيها جامدة، حتى إذا متنا من أجلها انتفضت حية وعاشت بين الأحياء.
أي يوميّ من الموت أفر ** يوم لا قُدّر، أم يوم قُـــــــدر
يوم لا قُدّر لا أرهبـــــــه ** ومن المقدور لا ينجو الحذر
أيها المسلمون: لن تنتصر دعوة أبدًا إلا بالتضحيات، أرضية كانت أم سماوية، بشرية كانت أم ربانية، الدماء، الأشلاء، الأجساد، الأرواح، الشهداء، هي وقود المعركة، وقود معركة المبادئ، وقود معركة الأفكار. فهذه الآية تنبيه إلى قضية هامة في هذا الميدان؛ أنه لا جنة لمن لم يرد أن يضحي ويقدم، قال تعالى: ﴿ {أمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
أم حسبتم؟! هل تظنون أنكم تدخلون الجنة قبل أن يمسّكم ما مسّ الذين من قبلكم، ثم يشير رب العزة إلى قضية هامة؛ أنكم لستم أعز من أحب خلقه إليه، لستم أحسن من صفوة عباده.
يقول – صلى الله عليه وسلم -: «من خاف أدلج ( (أي بكّر وهو كناية عن التشمير للطاعات)، ومن أدلج بلغ المنزل إلا أن سلعة الله غالية إلا أن سلعة الله هي الجنة»؛ (رواه الترمذي والحاكم وصححه الذهبي والألباني).
إن إبراهيم عليه السلام قد قدمّ للبشرية كلها أغلى وأعلى دروس التضحية والفداء، يتضرع إلى الله جل وعلا أن يرزقه ولدًا صالحًا بعدما عزم على أن يهجر الوطن والأهل؛ لأن قومه قد أصروا على عبادة الأوثان بعدما رأوا الآية الكبرى والمعجزة العظمى، بعدما نجّى الله خليله من النيران، ومع ذلك عزم القوم على عبادة الأوثان، وهنا قال إبراهيم: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت: 26] وتضرّع إلى الله أن يرزقه ولدًا صالحًا ليعينه على هذا الأمر العظيم، فقال: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 99، 100]. فابتلاه الله بذبح ابنه إسماعيل فلبى نداء الله، واستجاب لداعي الله فقام لذبح ابنه الذي طالما انتظره، قال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102] إلى أن قال تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: 104 – 106].
سيد المضحين – صلى الله عليه وسلم -: يقول بأبي وأُمي كما في الحديث الصحيح – «لقد أُوذيت في الله، وما يؤذى أحد، وأُخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين يوم وليلة، وما لي ولبلال ما يأكله ذو كبد إلا ما يواري إبط بلال من الطعام» (رواه الترمذي / 2472).
البلاء بفقدان الأهل: من مثل النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد زوجته وأولاده كلهم وعمه وأبيه وأمه. البلاء بالجوع ثلاث أشهر، وما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتالين أبدًا.
عباد الله: فلنتأمل صحابة محمد – صلى الله عليه وسلم – وتضحياتهم العظيمة: فهذا عبد الله بن جحش رضي الله عنه في معركة أُحد يدعو يقول: «اللهم أني أُقسم عليك أن ألقى العدو غدًا فيقتلوني ثم يبقروا بطني، ويجدعوا أنفي وأذني، ثم تسألني فيم ذلك يا عبدي وأنت أعلم؟ فأقول: فيك يا رب» (زاد المعاد – (3 / 180)، وصححه الألباني في تخريج فقه السيرة – (ص 260)).
وهذا عمرو بن الجموح رضي الله عنه كان أعرجًا شديد العرج، وكان له أربعة أبناء يغزون مع رسول الله إذا غزا، فلما توجه رسول الله إلى أُحد، أراد أن يتوجه معه، فمنعه أبناؤه لكبره، فأتى عمرو بن الجموح رسول الله فقال: يا رسول الله إن بَنيّ هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، والله إني لأرجو أن استشهد فأطأ بعرجتي هذه الجنة فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «أمَّا أنت فقد وضَعَ الله عنك الجهاد»، وقال لبنيه: «وما عليكم أن تدَعوه، لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة»، فخرج مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقُتل يوم أُحد شهيدًا. (السيرة النبوية لابن هشام (3/ 132)، المسند (5/ 299)، سنن البيهقي (9/ 24)، الدلائل (3/ 246)، قال الشيخ الألباني: إسناده حسن إن كان الأشياخ من الصحابة، وإلا فهو مرسل).
وهذا أنس بن النضر رضي الله عنه آلى على نفسه إذ تخلف عن غزوة بدر أن إذا جاءت غزوة أُخرى ليُرين الله ما يصنع، فلما انكشف المسلمون في غزوة أُحد انطلق وقال: «اللهم أني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، (يعني أصحابه حينما نزلوا من الجبل) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعني المشركين)، ثم تقدّم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: «يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد قال أنس بن مالك: فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قُتل ومثّل به المشركون، فما عرفه أحدٌ إلا أخته ببنانه (إصبعه)، قال أنس: فكنا نظن أن هذه الآية نزلت في أشباهه {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23]. [رواه البخاري:4048].
وهذا رجل آخر من الصحابة يهجم عليه رجلٌ فيطعنه طعنة في صدره، فلما سال الدم، أمسك الدم بيمينه ونظر إليه وقال: «فُزت بها ورب الكعبة، فزت بها ورب الكعبة، فزت بها ورب الكعبة» (صحيح البخاري 4/ 18 رقم 2801. 5/ 105 رقم 4091.صحيح مسلم 3/ 1511 رقم 677 واللفظ له).
خرّج الشيخان عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: «إني لواقف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما. فقال: يا عماه أتعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم، وما حاجتك إليه؟ قال: أُخبرت أنه يسب رسول الله والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا؟ فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي أيضًا مثلها، فلم أنشب (أي لم ألبث) أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول بين الناس، فقلت: ألا تريان هذا صاحبكم الذي تسألاني عنه؟ فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟ قال كلٌ منهما: أنا قتلته، قال: هل مسحتما سيفيكما، قالا: لا، قال: فنظر النبي – صلى الله عليه وسلم – في السيفين فقال: «كلاكما قتله» (أخرجه البخاري (3141)، ومسلم (1752).
عباد الله: لم تكن الشجاعة والإقدام والتضحية في أطفالهم ورجالهم فحسب بل كانت الشجاعة حتى في نسائهم. فهذه صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنهما تدافع عن حصن المسلمين وذلك حينما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – خارج في غزوة الخندق فمر رجل يهودي فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله. تقول صفية: «وليس بيننا وبين أحد يدفع عنا»، فلما أحست صفية أنه يريد أن يتأكد هل بالحصن رجالٌ أم لا، حتى يغير على النساء، فلما دخل الحصن أخذت عمود فسطاط فقتلته ثم ألقته من أعلى الحصن فلما رأى ذلك اليهود، قالوا: ما كان لمحمد أن يخرج ويترك النساء بلا رجال.
وهذه أُم عمارة نُسيبة بنت كعب المازنية: دافعت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وكانت تسقي الناس يوم أُحد فلما رأت رسول الله قد أُحيط به، وانهزم عنه الناس وضعت سقاءها، وأخذت سيفًا فجعلت تُقاتل أشد القتال حتى جُرحت ثلاثة عشر جُرحًا وظلّ على عاتقها من هذه الجراح جُرح أجوف له غور أصابها به ابن قَمِئَة.
وفي بعض الروايات، لما كانت تدافع عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وكثرت عليها الجراح وهي تدافع، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: «من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟ سليني يا أم عمارة» فقالت: ادع الله أن نرافقك في الجنة. (تريد نفسها وزوجها وابناها حبيب وعبد الله) فقال – صلى الله عليه وسلم -: «اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة» (سير أعلام النبلاء:2/281).
عباد الله: بما نضحي ونجود وكيف نكون من أهل التضحية والجود؟
التضحية والجود لها المراتب التالية:
أولًا: الجود بالنفس، وهو أعلى مراتب الجود.
ثانيًا: الجود بالرياسة، وامتهانها في سبيل نفع الخلق ودعوتهم.
ثالثًا: الجود بالوقت والراحة والنوم واللذة، فيتعب ويسهر ويجهد نفسه في سبيل الله ومنفعة الخلق.
رابعًا: الجود بالعلم وبذله، وهو أفضل من الجود بالمال، ومنه تعليم الناس، وإجابة السائلين بما يشفيهم، وهي زكاة العلم.
خامسًا: الجود بالنفع بالجاه، كالشفاعة والمشي مع الرجل إلى ذي سلطان ونحوه، وهذا زكاة الجاه.
سادسًا: الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه، كخدمة بدنية، وكلمة طيبة، وفكرة نافعة.
سابعًا: الجود بالعِرض، والتصدق على من شتم أو قذف أو اغتاب.
ثامنًا: الجود بالصبر والاحتمال وكظم الغيظ، وهذا أنفع من الجود بالمال.
تاسعًا: الجود بالخلق الحسن، والبشاشة والبسطة، وهو أعظم مما قبله.
عاشرًا: الجود بترك ما في أيدي الناس، وترك الالتفات إليه والتعرض له بالحال أو اللسان.
هذا وصلوا – عباد الله: – على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.
__________________________________________________________
الكاتب: د. أمير بن محمد المدري
Source link