هاري سانت جون بروجر فيلبي، الذي أصبح الحاج لاحقا عبد الله فيلبي بعد اعتناقه الإسلام.. أحد أعمدة العملاء والنشاط الاستخباراتي البريطاني في المنطقة العربية
{بسم الله الرحمن الرحيم }
هاري سانت جون بروجر فيلبي، الذي أصبح الحاج لاحقا عبد الله فيلبي بعد اعتناقه الإسلام.. أحد أعمدة العملاء والنشاط الاستخباراتي البريطاني في المنطقة العربية.. شخصية بريطانية مثيرة للجدل أسهمت في أدوار مختلفة في الوقائع التاريخية التي مرت بها الجزيرة العربية عامة، في ظل التنافس العثماني – البريطاني للسيطرة على المنطقة، فضلا عن تصاعد الصراع بين زعماء الجزيرة العربية، فيما كانت بريطانيا تراقب الأحداث عن كثب وتبذل مساعيها عبر ممثليها في الخليج والجزيرة العربية لإدامة صلاتها هناك، وكان فيلبي أحد الذين مثلوا بريطانيا وسياستها تجاه الحجاز ونجد التي حظيت باهتمام الحكومة البريطانية.
وإذا ما كان معاصره «لورانس» المعروف بلورانس العرب قد حظي بشهرة واسعة في الغرب، فإن أثر فيلبي ورهانه السياسي يتجاوزان لورانس، فكما تشير إليزبيث مونرو في كتابها «فيلبي العرب» لم يعط حقه من التقدير ربما لأنه اعتبر مارقا أو مرتدا على المؤسسة البريطانية.
ولد هاري جون فيلبي في جزيرة سيلان (سيرلانكا) لأسرة بريطانية ميسورة، فهو من أصول بريطانية حيث كان أبوه من مزارعي الشاي البريطانيين فيها، وتميز وهو طالب بنبوغه في مدرسة ويستمنستر التي تعد من مدارس النخبة بوسط لندن ثم تخرجه من جامعة كمبريدج ذات المكانة العلمية والسمعة العالمية المعروفة، مجازا باللغات والآداب الشرقية. وهو قريب للمارشال مونتجمري أحد أبطال الحرب العالمية الثانية.
أتقن اللغات العربية والفارسية وغيرها، وفي فترة لاحقة من حياته وبعد اعتناقه الإسلام تزوج من سيدة عربية. وهو أب لولد كيم فيلبي الجاسوس المزدوج الشهير وثلاث بنات.
عمل فيلبي ضابط استخبارات مع سلطات الاستعمار البريطاني في الهند والشرق الأدنى، حيث تولى العديد من الوظائف الإدارية في عقب سفره للهند عام 1908 في حكومة الهند البريطانية، ثم نقل للعراق عام 1915 على إثر اندلاع الحرب العالمية الأولى للمشاركة في الحملة البريطانية لاحتلال العراق وأخذها من العثمانيين.
وفي العراق أشرف على القسم المالي في الإدارة البريطانية ببغداد، وفيها عمل مع «جيرترود بل» الشهير بالخاتون من الاستخبارات العسكرية البريطانية التي علمته دقائق العمل الاستخباراتي، وكان في صميم مهمة فيلبي في تلك الحقبة: تنظيم الثورة العربية ضد العثمانيين وحماية حقول النفط في جنوب العراق.
في خريف 1917 انتقل فيلبي لأول مرة إلى شبه الجزيرة العربية على رأس بعثة إلى الملك عبد العزيز آل سعود الذي أعجب به فيلبي ومال سرا إلى تفضيله على الشريف حسين بن علي شريف مكة الهاشمي، وكانت السياسة البريطانية يومذاك تتقرب من الشريف حسين وتعده بأن يكون «ملك العرب»
ففي فترة (1924-1926) كانت الخلافات على أشدها بين النجديين بزعامة عبد العزيز آل سعود والحجازيين بزعامة الشريف الحسين بن علي، حيث أرسل فيلبي إلى عبد العزيز آل سعود لتقديم كل الضمانات من الحكومة البريطانية لاستقلال نجد مقابل حصوله على تعهد من ابن سعود بالوقوف على الحياد في النزاع القائم بين العثمانيين والبريطانيين، لاسيما مع استمرار الحرب العالمية الأولى.
وأسفرت المفاوضات بتوقيع معاهدة «العقير» 1915 التي اعترفت بموجبها الحكومة البريطانية باستقلال ابن سعود ووافقت على تقديم المساعدات له لاحقا مقابل تعهده أن لا يسلم أي جزء من أراضيه إلى قوة أجنبيه، ومن بنود المعاهدة: يتعهد ابن سعود بألا يسلم ولا يبيع ولا يرهن ولا يؤجر الأقطار المذكورة لا قسما منها ولا يتنازل عنها بطريقة ما، ولا يمنح امتياز لدولة أجنبية بدون رضا الحكومة البريطانية.
في ذات التوقيت 1916 قام الشريف حسين بن علي القائم على الحجاز بثورته العربية ضد الدولة العثمانية وتمكنت قواته من الاستيلاء على العقبة والاتصال بقوات قادمة عبر شبه جزيرة سيناء يقودها كل من فيصل بن الحسين والكولونيل لورانس بهدف السيطرة على بئر السبع وغزة. وطلبت بريطانيا من ابن سعود المشاركة في الثورة إلا أنه رفض والتزم الحياد. فقد كان كل منهما يتوجس خيفة من الآخر. رغم أن الاثنين كانا على موالاة حميمية وتبعية مع الحكومة البريطانية.
كان موقف فيلبي المناهض لسياسة بلاده في دعم الشريف حسين هو الذي فرض عليه الاستقالة من منصبه عام 1924 والاستقرار في الشرق الأوسط.. مواقف فيلبي التي جاءت مناقضة للمصالح البريطانية في شبه الجزيرة العربية حفزت لندن على تكليف ابنه كيم بالتجسس عليه، وبعدها –قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية- أخفق فيلبي في محاولته دخول مجلس العموم البريطاني، وعاش حقبة مضطربة في علاقاته مع وطنه الأم تخللها اعتقاله لفترة قصيرة. كذلك تراجعت علاقاته بالسعودية لبعض الوقت مقابل تحسن علاقاته بابنه كيم الذي كان قد ساعده في الترقي في سلك المخابرات، مع هذا استقر فيلبي في الرياض عام 1955 لكنه توفي عام 1960 في منزل ابنه ببيروت خلال زيارة له في العاصمة اللبنانية ودفن فيها.
أيضا قام فيلبي بتهدئة التوتر الذي شاب العلاقات بين نجد والكويت، ولاسيما بعد تولي سالم الصباح الحكم في الكويت 1917 ومدى مساهمته في معالجة مسألة تهريب المؤن والمعدات إلى القوات العثمانية بالعراق والشام، التي اتهم ابن سعود شيخ الكويت بتدبيرها انطلاقا من أراضيه.
ومع تصاعد الغارات بين شيخ الكويت سالم الصباح وابن سعود حذرت بريطانيا شيخ الكويت من أن حدوث أي غارة جديدة عبر أراضي بلاده ستضطر السلطات البريطانية إلى خلعه من الحكم.
وقبل ذلك يلاحظ ميل مبارك الصباح شيخ الكويت (1896-1915) لإبداء التعاون مع بريطانيا، فقد تضمن خطابه المؤرخ في 1914، ردا على خطاب مرسل إليه من «الميجر نوكس» المقيم البريطاني في الخليج العربي، أخبره فيه بنشوب الحرب على العراق، ومما جاء فيه: “وإني يا محبكم معكم ويتبعني جميع العشائر الذين جنابكم رأيتموهم وبكل اجتهادنا رجالنا ونسائنا تحت أمركم، وابن سعود يتبع نفرنا”
كل هذا ينصب في جهود بريطانيا في توظيف قدرات أمراء المنطقة لإنجاح حملة احتلال العراق وتهديد الدولة العثمانية من حدودها الجنوبية.
وفي الوقت الذي طلب فيه فيلبي من ابن سعود أمير نجد عدم التحرش بالشريف الحسين بن علي في الحجاز، ودعم جهوده السياسية والعسكرية، لاسيما بعد إعلان الثورة ضد الدولة العثمانية، ودخوله بمعارك مع قواتها، ودعم مواصلة ابن سعود حربه لآل الرشيد في حائل وهم حلفاء الدولة العثمانية والذي كان يشكل خطرا على نفوذ أمير نجد في ممتلكاته الشمالية، وذكرت المصادر التاريخية إلى تقديم فيلبي عروضا إلى ابن سعود تضمنت تزويده بمعدات وأموال لدعم جهوده العسكرية.
يذكر أن آل رشيد ظلوا يمثلون عقبة أمام المحاولات البريطانية الهادفة لإحكام سيطرتها على المنطقة في أثناء سنوات الحرب العالمية الأولى (1914-1918)
وفي أثناء المفاوضات اشترط ابن سعود مقابل تعاونه مع السلطات البريطانية الحصول على المال والسلاح ليتمكن من محاربة ابن الرشيد، وأن تعامله الحكومة البريطانية كشخصية سياسية لها أهمية في الجزيرة العربية وعلى قدم المساواة مع شريف الحجاز الحسين بن علي، وقام فيلبي برفع تلك المطالب في تقرير بعثه إلى مرؤوسيه في بغداد، أكد فيه ضرورة زيادة الدعم المقدم إلى أمير نجد والإحساء لكي يصبح قادرا على إكمال استعداداته والتصدي لمخططات العثمانيين من خلال قتال ابن الرشيد. حيث اختتم تقريره بقوله: “وقد وجدنا في ابن سعود الرغبة الصادقة لتنفيذ ما نريد بل أكثر من ذلك”
على أن نشاط فيلبي ضمن توجهات السياسة البريطانية لم يقتصر على توطيد علاقاته مع ابن سعود بل تعداه إلى الاتصال مع شيوخ القبائل العربية الممتدة نفوذها في وسط وجنوب العراق وعلى الحدود مع ممتلكات ابن سعود وشيخ الكويت، ويشير أمين الريحاني إلى خروج فيلبي في ربيع 1918 إلى البادية لتوزيع الأموال على شيوخ قبائل لكسب ودهم مع بريطانيا ضد الدولة العثمانية، وفي مقدمتهم ضاري بن طوالة شيخ شمر العراق، وعجمي السعدون رئيس المنتفق للإفادة من دعمهم دون وصول الإمدادات للعراق أو الشام مركز الدولة العثمانية خلال الحرب.
ولكن ما إن وردت الأخبار بوقف العمليات الحربية وانتصار بريطانيا وحلفاءها وانتهاء الحرب وعقد الهدنة في 11 تشرين الثاني 1918بين الحلفاء ودول المحور، واعتبار الحرب منتهية بالنسبة للعثمانيين، حتى كتبت السلطات البريطانية في بغداد تستقدم فيلبي، إذ لم يعد يهم الحكومة البريطانية من أمر حائل [معقل آل الرشيد] شيئا، ولا تريد أن تدفع مالا لابن سعود أو تعطيه سلاحا تعينه به على حرب ابن الرشيد، وقد هدد ابن سعود بأنه سيرسل إنذارا للحكومة البريطانية ضد تصرفها هذا، وقد وعده فيلبي بأنه سيحاول إقناع السلطات البريطانية للسير قدما في دعم أمير نجد والإحساء، كما طلب الأخير إلى فيلبي عدم الرجوع إليه إذا فشل، ولما وصل المبعوث البريطاني إلى الكويت، عرف أن الحرب مع الدولة العثمانية قد انتهت وأن لا داعي لرجوعه إلى الرياض مرة أخرى، وعد ذلك خيبة أمل لابن سعود من السياسة البريطانية.
ترك فيلبي خلال أربعة عقود نحو 16 كتابا عن العرب وشبه الجزيرة العربية أشهرها «قلب الجزيرة العربية» المطبوع في لندن.
إنه الرجل الذي استقال من الخدمة المدنية ليدخل المنطقة العربية، ويصبح مقربا من الملك عبد العزيز وتدور به الدائرة ليقول له الملك: «أنت كذاب» ورجل يجادل حكومته البريطانية بأن الملك عبد العزيز هو الوحيد القادر على توحيد السعودية خلافا لترشيحات لورانس العرب. فيقول له اللورد كيرزون «أنت مجنون يا فيلبي»
رجل يسوح بهويته البريطانية في محمية عدن فيثير غضب ملك اليمن ويضطر إلى مراسلة الملك عبد العزيز في شأنه.
فيلبي كاتب بارع، وهو الوحيد الذي عبر السعودية من البحر إلى البحر عام 1917 دون أن يحس به أحد، فألف كتابه «قلب السعودية» مثلما أوحى له التجوال في عدن وحضرموت بتأليف كتاب آخر أسماه «أخوات سبأ».
وفيلبي سياسي قاد في مراسلات حية وساخنة من منزله في جدة لتغيير مواقف حكومة العمال من فكرة توحي بتقسيم السعودية واحتضان معارضين للملك عبد العزيز، ومع ذلك قبض في النهاية -وبسبب مواقفه من الحرب العالمية – الثمن اتهامات تصفه بالانهزامية، وعدم الولاء، ليتم التجسس عليه وعلى حركته واعتقاله.. ومن بعد فلفيلبي مواقفه الواضحة من القضية الفلسطينية، وعنها كتب.
يقول عامل برقيات في بورتسودان: هو رجل يعرف عن السعودية أكثر من أي إنسان على قيد الحياة، وهو بمثابة الساعد الأيمن لابن سعود ملك الحجاز. ولا توجد لهجة في السعودية لا يتحدثها مثله مثل أي عربي من مواليد البلد، وقد اعتنق الإسلام مؤخرا.
أشار الكولونيل لورانس إلى اسم فيلبي باختصار في كتابه، وقد حدث اللقاء غير المتوقع في الصحراء، فقد عبر فيلبي خريطة السعودية البيضاء من الخليج العربي إلى البحر الأحمر دون أن يلاحظ أحد هذه الرحلة أو الحقيقة. كان لورانس مشغولا مع الأمير فيصل، الرجل الذي اعتقد لورانس أنه الملك الوحيد المحتمل لسعودية موحدة، فيما أشار فيلبي إلى عبد العزيز بن سعود الذي كثيرا ما سافر معه في الصحراء، وقد ظل فيلبي على قناعة بأن هذا الزعيم المؤمن بنصوص القرآن والذي يشمئز من التدخين ومن قيم العصر المنحلة مقدر له أن يدخل مكة كفاتح منتصر في رفقة مقاتليه.
وفي مقابلة مع اللور كيرزون أحد أعضاء مجلس الحرب البريطاني دافع فيلبي عن قضية ابن سعود، فيما ظل اللورد كيرزون يستمع على مضض، إلى أن نفذ صبره وقال: «أنت رجل مجنون يا فيلبي».
ودارت الأيام وحمل فيلبي منحة حكومية لابن سعود قدرها 60 ألف جنيه إسترليني وكانت كل طلبات بريطانيا السلام والهدوء من الزعيم الجديد.
ثم جاءت الحرب العالمية الثانية وتجاهل ابن سعود تحذيرات بريطانيا واحتل مكة زاحفا عبر الصحراء، فأرسلت بريطانيا فيلبي للتعامل مع الوضع وبعد الحديث مع ابن سعود خرج فيلبي ليبرق باستقالته إلى لندن، ليصبح تاجرا متميزا في جدة مع توكيل سيارات فورد الأمريكية، وعينه ابن سعود لاحقا مستشارا ماليا، مع قصر فاخر له بجده تحت تصرفه.
ولقد رصدت وزارة الداخلية البريطانية مراسلاته لزوجته وابنته وأمه، وقد رأت فيه شخصا بلا ولاء لبلاده وانهزاميا.
ورأت وزارة الخارجية أنه نصح الملك عبد العزيز باتخاذ خط متشدد خلال المفاوضات البريطانية السعودية عام 1928 حول القضية الفلسطينية.
وعن نقده لسياسة حكومته البريطانية يقول لزوجته في خطاب لها: “نبدو جميعنا الآن تحت حذاء غامر بالديكتاتورية مثلما يبدو أي شخص محبا لذلك، ولكنهم سيسأمون ذلك قريبا، ومن بعد سيكون عليهم حمل ذلك وحبه. بالنسبة لي شخصيا أعتقد أن كل الأمر مجرد كلام بلا أفعال، فيما عدا الطبقات العاملة، والذين سيسحبون بقوة في ذلك، ولكني لا اعتقد أنهم سيملكون فائدة أكثر للمهذبين من أمثالي وأمثالك، فماذا يمكننا أن نعمل؟ لا شيء بالفعل، هم يعرفون هذه الحقيقة مثلما نعرفها نحن”.
وفي مذكرة أفرجت عنها المخابرات البريطانية توجز مسيرة الرجل بقولها:
المستر هـ. سانت ج. فيلبي موظف بالخدمة المدنية الهندية من 1908-1917
في عام 1917 تم انتدابه للعمل مع عبد العزيز بن سعود – وقتها كان سلطان نجد بالرياض، ووضع له تصورات إدارية.
تم تعيينه بعد ذلك مستشارا لوزارة الداخلية ببغداد، وشغل منصب الممثل البريطاني الرئيسي بالأردن من 1921-1924 حيث وقع في خلاف مع حكومة جلالة الملك وقدم استقالته التي لقيت الترحيب من ذلك المنصب.
لم يتم استخدامه بعد ذلك في منصب بالخدمة العامة. جعل من جدة بمنطقة الحجاز بعد ذلك مقره الرئيس وأدار أعماله من هناك. حمل تقرير في حزيران/ يونيو 1928 أنه ميال للنقد الشديد لسياسة حكومة جلالة الملك بالسعودية وهناك سبب وجيه للاعتقاد بأنه نصح ابن سعود لاتخاذ خط متشدد خلال المفاوضات التي أجريت بين ابن سعود والسير ج. كلايتون نيابة عن حكومة جلالة الملك.
في عام 1930 أصبح فيلبي مسلما، وأنفق بعد ذلك وقتا كثيرا في رفقة ابن سعود بالرياض ومناطق أخرى.
في 1931 حصل لشركته على حق احتكار توريد السيارات للمواصلات العامة. في 1936 أثار غضب السلطات في عدن بظهوره في شبوة بمحمية عدن برفقة مرافق سعودي مسلح دون إخطار. أفادت التحريات أنه حصل على ذلك المرافق من السلطات السعودية لجهة مسوحات طبوغرافية في نجران. فذهب أولا إلى اليمن ثم إلى محمية عدن دون علم السلطات السعودية ناتج هذه الرحلة أصبح في ما بعد نشره لكتابه «أخوات سبأ» والذي احتوى على هجوم كبير للسياسة البريطانية في محمية عدن.
في 1937-1938 بذل جهودا كبيرة، بتحريض ابن سعود باتخاذ اتجاه يحمل العداوة الواضحة لحكومة جلالة الملك حول فلسطين ولم ينجح.
في 1939 تنازل عن امتياز احتكار توريد السيارات نتيجة خلاف مع وزير المالية السعودي وعاد إلى إنكلترا، ورشح نفسه للبرلمان ولم ينجح.
طلب ابن سعود بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب العالمية من فيلبي العودة إلى السعودية. أصبح فيلبي، ومنذ عودته يجاهر بالحط من قدر سياسات وأفعال حكومة جلالة الملك. في الآتي بعض الأمثلة من تعليقاته على بعض الأحداث :
أ – في تشرين الثاني / نوفمبر 1939 لجأت طائرة بريطانية إلى الهبوط الاضطراري في حضرموت فقتل العرب من كان على ظهرها.. عبر فيلبي عن رأيه بالقول: بما أن الطائرة قد أرسلت لقصف المواطنين القرويين فإن قتل طاقمها مبرر.
ب – ظل مستر فيلبي على رأيه في عدة مناسبات، بأنه ليس على الحلفاء الدخول في حرب غير ضرورية تجلب الدمار للسعودية وقد تدمر العالم. ويقول إن الحلفاء لن يستطيعوا تحقيق النصر، وربما وبمرور الوقت يجدون أنفسهم ملزمين بالوصول إلى سلام مشوه. وقد ارتكبوا خطأ بضمان بولندا، وأن المستعمرات الألمانية كان من الممكن أن تستعاد.
ج – يجادل مستر فيلبي بأن نظام حكمنا ديكتاتوري وأنه ليس هناك فرق عملي بين إنكلترا وألمانيا في هذا الخصوص. وهو يدعم جدله بالزعم بأن 11000 من الشباب في إنكلترا تم تقديمهم لمحاكمات لمجرد حملهم لأفكار ضد الحرب على أسس أخلاقية.
د – لدى فيلبي تقييمات تذهب إلى أن خدمة الأخبار البريطانية وضيعة وجديرة بالازدراء وأن الأرقام المتعلقة بالخسائر في السفن خلال الحرب تم تزويرها عن قصد. فيلبي قال بتصريحات مشابهة للوزير الفرنسي في جدة والذي رأى – أي الوزير – أن من الضروري إبراق حكومته فيماΠيتعلق بما اعتبره سلوكا مشينا.
جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
Source link