الحذر من التشاؤم بصفر – محمد بن إبراهيم السبر

فَلَيَتَّقْ اللهَ مَنْ اِسْتَجَابَ لِلظُّنونِ الْكَاذِبَةِ وَالْأَوْهَامِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي يُلْقِيهَا الشَّيْطَانُ، وَلََيَمْضِ فِي عَمَلهِ، وَلََيَقُل: اللَّهُمَّ لَا خِيرَ إِلَّا خَيْركَ وَلَا طِيرَ إِلَّا طَيْركَ وَلَا إلَهَ غَيْركَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِكَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَدَّرَ اﻷمُورَ وَقَضَاهَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، أَظَهَر الْأَدِلَّة عَلَى وَحْدَانِيَّته وَجلَّاهَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ الْبَرِّيَّةِ وَأَزْكَاهَا الْمَبْعُوثُ إِلَى جَمِيعِ الْبَشَرِيَّةِ أَدْنَاهَا وَأقْصَاهَا، صَلَّىاللهُ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وَصحْبِهِ، وَأتباعِهِ، وَسلّمَ تسليمَاً.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ -مَعَاشِرَ المُؤمنينَ-،  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}  [آل عمران: 102].

 

عِبَادَ اللهِ؛ لقدْ جَاءَ اﻹسْلامُ بِنُورِهِ الوَضَاءِ؛ فَأَبْطَلَ مَسَائِلَ الْجَاهِلِيَّةِ وَمُعْتَقَدَاتِهَا الْبَاطِلَةِ وَأَوْهَامِهَا الزَّائِفَةِ؛ وَمِنْ ذَلِكُمُ التَّشَاؤُمُ وَالتَّطَيُّرُ، فَهُمَا مِنْ أَعْمَالِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِّيَّ الله عَنْهُ-، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا عَدْوَى، وَلا طِيَرَةَ، وَلا هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ». فَنَفَى صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يَعْتَقِد أهْل الْجَاهِلِيَّة مِنَ أَنَّ الشَّيْء يُعَدِّي بِنَفْسه دُونَ تَقْدير الله تَعَالَى، 

وَنَفَى مَا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ التَّشَاؤُمِ بِالْأَيَّام وَالشُّهورِ وَالطُّيُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور، وَأَنَّ صَفَرَ شَهْرُ حُلُولِ الْمَكَارِهِ؛ فَلَا يَتَزَوَّجُون فِيهُ؛ وَلَا يَمْضُون تِجَارَةً أَوْ سَفَراً.

 

وَمَنْ رَكَّن إِلَى الطِّيَرَةِ وَالتَّشَاؤُمِ فِي أُمُورهِ فَقَدْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَاً عَظِيماً مِنْ الشَّرّ تَدْخُلُ مِنْهُ الْوَسَاوِسُ وَالْأَوْهَامُ؛ فَيَضْعُفُ قَلْبُهُ وَيَخَافُ مِنْ كَلّ شَيْء وَيَتَعَلَّقُ بِالْمَخْلُوقِينَ دُونَ اللهِ تَعَالَى فَتَنْقَلِبُ حَيَاتهُ هَمّاً وَغَمّاً وَحُزْناً وَنَكَداً.

 

وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِ اللهِ تَعَالَى لَا رَادَ لَمَّا أَعْطَى وَلَا مُعطِيَ لَمَّا مَنَعَ، سَأَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحُكْمِ -رَضِّيَّ الله عَنْهُ- النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَمِنَّا أُنَاسٌ يَتَطَيَّرُونَ فَقَالَ: «ذَاكَ شَيْء يَجِدهُ أحَدكُمْ فِي نَفْسه فَلَا يَصُدَّنّكُمْ». أيْ عَمَّا أَرَدْتُم وَقَصَدْتُم مِنْ الْأَعْمَالِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ إِذَا عَزَّمَ عَلَى أَمْرٍ وَأَرَادهُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ التَّشَاؤُمُ بِسَبَبٍ مَسْمُوعٍ يَسْمَعهُ أَوْ مَعْلُومٍ يُدْرِكهُ أَوْ مَرِّئِي يُشَاهِدُهُ أَلَا يَرْجِعَ عَمَّا عَزَمَ عَلَيْهُ بَلْ يَمْضِي مُتَوَكِّلَا مُسْتَعِينَاً بِاللهِ تَعَالَى.

 

وَقَدْ حَثّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُل مَا هَوَ سَبَب لِلْفَلَاَحِ وَالنُّجَّاحِِ؛ فَقَالَ: «لا عَدْوَى وَلَا طِيَرَة وَيُعْجِبنِي الْفَأْل». قِيلَ وَمَا الْفَأْل؟ قَالَ: «الْكَلِمَة الطَّيِّبَة»، فَإِذَا اِسْتَبْشَرَ الْمُؤْمِنُ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَزَادَتهُ نَشَاطَاً عَلَى الْخَيْرِ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَحْذُورٍ.

 

فَلَيَتَّقْ اللهَ مَنْ اِسْتَجَابَ لِلظُّنونِ الْكَاذِبَةِ وَالْأَوْهَامِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي يُلْقِيهَا الشَّيْطَانُ، وَلََيَمْضِ فِي عَمَلهِ، وَلََيَقُل: اللَّهُمَّ لَا خِيرَ إِلَّا خَيْركَ وَلَا طِيرَ إِلَّا طَيْركَ وَلَا إلَهَ غَيْركَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِكَ.

 

وَاِعْلَمُوا أَنَّ الطِّيَرَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْغَيْبِ،  {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}  [النمل: 65].


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

طالب العلم المبهر حقًا – طريق الإسلام

من أمارات سداد طالب العلم ونور بصيرته أن لا يغيب عن ذهنه أن المقصد من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *