باب صلاة الضحى – طريق الإسلام

وهي صلاة من أهم صلوات التطوُّع التي حافظ عليها النبي ﷺ، وأمر بها، ورغَّب فيها، وحثَّ عليها. ووقتها يبدأ من ارتفاع الشمس قدرَ رمحٍ، وينتهي وقتها قبيل الزوال، وهو علامة دخول وقت الظهر.

• وهي صلاة من أهم صلوات التطوُّع التي حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بها، ورغَّب فيها، وحثَّ عليها.

 

وقبل قراءة أحاديث الباب نقف هذه الوقفات الأربع:

أولًا: فضل صلاة الضحى:

فقد ورد في فضلها أحاديثُ كثيرة، يحُثُّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأُمَّته عليها؛ ومنها:

عن أبي الدرداء، وأبي ذر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله عز وجل أنه قال:  «ابنَ آدمَ، اركع لي من أول النهار أربع ركعات، أكْفِك آخره»؛ (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، والكفاية يعني الوقاية؛ أي: يكفيك الله جل جلاله شرَّ آخر النهار، ويحفظك مما فيه من آفاتٍ ومعاصٍ وشرور، ونحو ذلك.

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لن أدعَهن ما عشتُ: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وأن أُوتِرَ قبل أن أنام))، فهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه.

 

وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:  «يصبح على كل سُلامَى من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى»، وفي رواية: «في الإنسان ثلاثمائة وستون مِفْصَلًا، فعليه أن يتصدق عن كل مِفْصَلٍ منه بصدقة»؛ أي: إنها تعدِل ثلاثمائةَ وستين صدقةً.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أوَّاب، وهي صلاة الأوَّابين»؛  (رواه ابن خزيمة، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب)، فهي علامة على أن العبد أوَّاب؛ أي: رجَّاع إلى ربه، لا سيما إذا صلَّاها في وقتها الفاضل.

 

وعن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من خرج من بيته مُتطهِّرًا إلى صلاة مكتوبة، فأجره كأجر الحاج الْمُحْرِم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى، لا ينصِبُه إلا إياه، فأجرُه كأجر المعتمِر، وصلاةٌ على أثَرِ صلاةٍ، لا لغوَ بينهما، كتابٌ في عليين»؛ (رواه أبو داود، وحسنه الألباني).

 

• ومن الأحاديث التي جاءت في فضل صلاة الضحى: ما رواه أبو يعلى، وحسنه الألباني، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((بَعَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا، فأعظَموا الغنيمة، وأسرعوا الكرَّة، فقال رجل: يا رسول الله، ما رأينا بعثًا قط أسرعَ كَرَّةً، ولا أعظمَ منه غنيمةً من هذا البعث، فقال:  «ألَا أُخبركم بأسرع كَرَّةً منه، وأعظم غنيمةً؟ رجلٌ توضأ في بيته، فأحسن وضوءه، ثم تحمَّل إلى المسجد فصلَّى فيه الغَدَاة، ثم عقَّب بصلاة الضَّحْوَةِ، فقد أسرع الكَرَّةَ، وأعظم الغنيمة»، قال بعض العلماء رحمهم الله: إنما كانت صلاة الضحى بهذا الفضل العظيم؛ لأنها في وقت انشغال الناس، فمن ترك أعماله، وانشغل بهذه الصلاة، فهذا دليل اهتمامه وحرصه، فيكون له هذا الثواب العظيم.

 

ثانيًا: حكم صلاة الضحى:

فقد اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على استحباب صلاة الضحى، وأنها سُنَّة مؤكدة، لكن وقع خلاف يسير بين العلماء في الأفضلية؛ ما بين المواظبة عليها، وما بين صلاتها أحيانًا، وتركها أحيانًا:

1- فمنهم من قال: الأفضل أن يصلي المسلم صلاة الضحى كل يوم، محافظًا ومداومًا عليها.

 

2- وفريق آخر قالوا: يُستحَب للمسلم أن يصليها غِبًّا؛ أي: يصليها أحيانًا، ويتركها أحيانًا، يصليها يومًا، ويتركها يومًا؛ والسبب أنه قد وردت أحاديثُ عن عائشة رضي الله عنها أنها سُئلت: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: ((لا، إلا أن يجيء من مَغِيبه))، وقالت: ((ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم سُبْحَةَ الضحى قط))، فأخذ بهذه الأحاديث بعض العلماء، فقالوا: المستحب أن تُصلَّى غِبًّا؛ أي: يومًا ويومًا، أو أُسبوعًا وأُسبوعًا.

 

• والراجح: أنه يُستحَب المداومة عليها، وأن يُصلِّيها المسلم كل يوم؛ للأحاديث الواردة في ذلك.

 

• أما حديث عائشة، فقد وجَّهه العلماء عدة توجيهات؛ منها: أنه كان يتركها أحيانًا لبيان الجواز، أو كان يتركها أحيانًا خشيةَ أن تُفرَضَ، أو لانشغاله أحيانًا بما هو أرجح منها من مصالح المسلمين، فلا ينبغي للمسلم أن يُفرِّط في أي نافلة، حثَّنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ثالثًا: وقت صلاة الضحى: يبدأ وقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قدرَ رمحٍ، وينتهي وقتها قبيل الزوال، وهو علامة دخول وقت الظهر.

 

• والأفضل: أن يُصلِّيها وقت اشتداد الحر؛ كما في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الأوَّابين حين ترمَضُ الفِصال»؛ قال الشيخ ابن باز رحمه الله: “معنى ترمَض: أي: يشتد عليها حرُّ الشمس، والفِصال: هي أولاد الإبل، وهي من الصلوات التي فعلها آخر الوقت أفضل”.

 

رابعًا: عدد ركعات صلاة الضحى: فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى»، وسيأتي معنا أنه صلَّاها أربعًا، وأنه صلَّاها ستًّا، وأنه صلَّاها ثماني ركعات؛ ومن هنا قال العلماء: أقل صلاة الضحى ركعتان، وأكثرها ثماني ركعات.

 

• وبعض العلماء قال: أقلها ركعتان، ولا حدَّ لأكثرها؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعًا، ويزيد ما شاء الله)).

 

فهذا خلاصة الكلام عن صلاة الضحى، وأما الأحاديث التي أوردها المصنف رحمه الله فهي:

1- في صحيح مسلم عن معاذة قالت: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: ((نعم، أربع ركعات، ويزيد ما شاء الله عز وجل)).

 

2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى ستَّ ركعات))؛ [رواه الترمذي، وهو ضعيف].

 

3- في الصحيحين عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: ما أخبرني أحدٌ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى، إلا أم هانئ رضي الله عنها، فإنها حدثت: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة، فاغتسل، فسبَّح ثماني ركعات، ما رأيته صلى الله عليه وسلم صلى صلاةً قط أخف منها، غير أنه كان يُتِمُّ الركوع والسجود)).

 

4- في صحيح مسلم عن عبدالله بن شقيق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: ((لا، إلا أن يجيء من مغيبه)).

 

5- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول: لا يَدَعُها، ويَدَعُها حتى نقول: لا يصليها))؛ (ضعيف).

 

• مجمل الأحاديث: منها ما أثبتت مطلقًا، ومنها ما نفت مطلقًا، ومنها ما قيَّدت بالمجيء من السفر.

 

والقاعدة: أن الْمُثْبِتَ مُقدَّم على النافي.

 

6- عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يُدمِنُ أربعَ ركعات عند زوال الشمس، فقلت: يا رسول الله، إنك تُدمِن هذه الأربع ركعات عند زوال الشمس؟ فقال: «إن أبواب السماء تُفتح عند زوال الشمس، فلا تُرْتَجُ حتى يصلَّى الظهر، فأُحِبُّ أن يصعَدَ لي في تلك الساعة خير»، قلت: أفي كلهن قراءة؟ قال: «نعم»، قلت: هل فيهن تسليم فاصل؟ قال: «لا»؛ (رواه أبو داود، وابن ماجه، وغيرهما، وهو ضعيف).

 

7- عن عبدالله بن السائب: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: إنها ساعة تُفتَح فيها أبواب السماء، فأُحِبُّ أن يصعَدَ لي فيها عمل صالح))؛ (رواه الترمذي).

______________________________________________________
الكاتب: رمضان صالح العجرمي


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

أقسام الاجتهاد من حيث المجتهد ومن يقوم به

الاجتهاد العام -: فالمراد به هو الاجتهاد الذي لا يختص بالعالم المجتهد، وإنما هو عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *