نسبة الفضل لله {ذلك من فضل الله علينا}

1- قال تعالى: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} [يوسف: 100].

قال سيدنا يوسف: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ}، ولم يقل: إذ خرجت من السجن.

وقال: {وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} ولم يقل: جئتم من البدو؛ بل الله الذي جاء بكم.

2- قال تعالى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 101].

ونسب إيتاء الملك لله، ونسب تعلم تأويل الأحاديث لله.

3- قال تعالى: {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف: 37].

وقال لصاحبي السجن: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} فنسب ما فيه من علم تأويل الرؤيا لفضل الله عليه بأن علمه.

4- قال تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ} [يوسف: 38].

وقال- عليه الصلاة والسلام- على نعمة الله عليه بالإسلام والتوحيد: {ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ}.

5- قال تعالى: {قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 90].

وقال لإخوته لما عرفوه: {قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا}.

وهكذا هو المؤمن المتواضع لله الذي يعرف فضل الله عليه في كل شيء، المؤمن الذي يعرف أنه “لولا الله ما اهتدينا ولا تصَدَّقنا ولا صَلَّينا”، الذي يعرف أنه لا حول له ولا قوة بدون إنعام الله عليه.

هكذا هو ينسب كل ما عنده من خير لله وحده، ليس لنفسه ولا لمهارته ولا لذكائه وعلمه واجتهاده، ويقر بذلك من كل قلبه ويعلنها بلسانه للناس.

فاحرص على هذه الخصلة النافعة. إذا سألك أحدهم من أين لك هذا العلم أو هذه المهارة أو هذا النجاح أو هذا المال أو هذا المنصب، فقل: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} [النمل: 40]. قل: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف: 37]. قل: “ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيَّ”. قل: “قد مَنَّ الله عليَّ”.

واستعذ بالله أن تكون مثل قارون الذي قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78].