منذ حوالي ساعة
السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة فيما يسمى بكتب الفكر والفلسفة، أو الحداثة التي تحوي الإلحاد والزندقة – الاطلاع والتصفح والنظر لِما يُنشر في المواقع الإلكترونية من الشبهات
الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:
فاستكمالًا للحديث عن خطر الإلحاد:
فقد تَمَّت دراسة هذه الظاهرة من بعض الدعاة والمصلحين، وتبيَّن لهم أسبابها، وأذكر هنا بعضًا من تلك الأسباب للحذر من الوقوع فيها وتحذير الغير؛ منها:
1- السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية[1]، فإذا لم يكن الطالب وغيره متحصنًا بالإسلام معتصمًا بربه، حَذِرًا من المخاطر التي تواجهه، فإن إعجابه بالحضارة الغربية واختلاطه بالكفرة والملحدين من اليهود والنصارى وغيرهم، وسهولة الوقوع في الشهوات المحرمات – من أعظم الأخطار على عقيدة المسلم ودينه وخلقه، وقد يعود إلى بلاده متنكرًا لدينه، ومناوئًا لأهل الإسلام، داعيًا إلى الكفر والانحلال.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: «السفر إلى البلاد التي فيها الكفر، والضلال، والحرية، وانتشار الفساد من الزنا، وشرب الخمر وأنواع الكفر، والضلال – فيه خطرٌ كبير وعظيم على الرجل والمرأة، وكم من صالح سافر ورجع فاسدًا؟! وكم من مسلم رجع كافرًا؟!»[2].
2- القراءة فيما يسمى بكتب الفكر والفلسفة، أو الحداثة التي تحوي الإلحاد والزندقة، وما في هذه الكتب من تمجيد لحضارة الغرب الزائفة، وأن سبب تخلف المسلمين هو تمسُّكهم بدينهم وأخلاقهم، والتعرض للذات الإلهية، ولدين الإسلام، ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم بالطعن والاستهزاء تلميحًا وتصريحًا، فمطالعة هذه الكتب المسمومة يغرس في قلب القارئ العقائد الفاسدة والأفكار الخبيثة، فتنمو مع كثرة القراءة وتنوُّع الكتب، فينشأ عنده الفكر الإلحادي، كما صرَّح بعضهم بأن سبب اعتناقه لفكر الإلحاد هو القراءة في كتب النصارى المستشرقين، والعلمانيين المحسوبين على المسلمين.
3- الاطلاع والتصفح والنظر لِما يُنشر في المواقع الإلكترونية من الشبهات، والتي غالبًا ما يتخذ أصحابها الشهوات وسائل لإغراء السامع والقارئ والمشاهد للاقتناع بها، فالواجب على من يريد نجاة نفسه أن يُحْكِمَ إغلاق الباب عن الدخول في هذه المواقع والقنوات الفضائية. فكم من شخصٍ هلك في دينه وخلقه مع أن البداية كان سببها حبَّ الفضول ومعرفة ما عند الغير؛ قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27]، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} [القصص: 41].
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، فَمَنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ، كالرّاعِي يَرْعى حَوْلَ الحِمى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ…»[3].
اللهم يا مقلِّب القلوب، ثبِّت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك، اللهم إنا نعوذ بك من الزَّيغ والضلال، اللهم توفَّنا وأنت راضٍ عنا غير غضبان.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] انظر كلمة خطورة الابتعاث للمؤلف من موسوعة الدرر المنتقاة (8/ 353 – 361).
[2] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (2/195) للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
[3] صحيح البخاري برقم (52)، وصحيح مسلم برقم (1599) واللفظ له.
________________________________________________________
الكاتب: د. أمين بن عبدالله الشقاوي
Source link