حق المسلم على المسلم – طريق الإسلام

“إفشاء السلام – عيادة الـمريض – اتباع جنازة المسلم – نصيحة المسلم لأخيه المسلم – إجابة الدعوة – تشميت العاطس”

الـحمد لله رب العالـمين، والصلاة والسلام على نبينا مـحمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فلقد شرع الإسلام حقوقًا مباركة للمسلم على أخيه، هذه الحقوق تجعل المجتمع المسلم تسوده المحبةُ والتعاون والأمان بين أفراده؛ ولذلك ينبغي على كل مسلم معرفتُها؛ فأقول وبالله التوفيق:

• روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حق الـمسلم على الـمسلم خمسٌ: ردُّ السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس»؛ (البخاري حديث: 1240، مسلم حديث: 2162).

 

وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «حق الـمسلم على الـمسلم ستٌّ، وزاد فيها: وإذا استنصحك فانصح له»؛ (مسلم، كتاب السلام، حديث: 5).

 

أولًا: إفشاء السلام:

• إفشاء السلام: يعني إذاعته ونشره بين الناس.

 

معنى السلام:

قال الإمام النووي رحمه الله: “السلام: هو اسم الله تعالى، فقول: السلام عليك؛ أي: اسم السلام عليك، ومعناه: أنت في حفظه، كما يُقال: الله معك، والله يصحبك، وقيل: السلام بمعنى السلامة؛ أي: السلامة ملازمة لك؛ (مسلم بشرح النووي، ج: 7، ص: 395).

 

السلام من أسماء الله الحسنى:

قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر: 23].

 

• روى البخاري في (الأدب المفرد) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن السلام اسمٌ من أسماء الله تعالى، وَضَعَه الله في الأرض؛ فأفشُوا السلام بينكم»؛ (حديث حسن، صحيح الأدب المفرد للألباني، حديث: 1019).

 

السلام تحية رضِيَها الله لعباده:

• روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خلق الله آدم وطوله ستون ذراعًا ثم قال: اذهب فسلِّم على أولئك النفر من الملائكة، فاستمع ما يُحيُّونك تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، فكلُّ من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يَزَلِ الخَلْقُ ينقص حتى الآن»؛ (البخاري حديث: 6227، مسلم حديث: 2841).

 

السلام تحية أهل الجنة:

قال الله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 23، 24].

 

وقال جل شأنه: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 44].

 

اليهود يحسُدون المسلمين على السلام:

• روى البخاري في (الأدب المفرد) عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين»؛ (حديث صحيح، صحيح الأدب المفرد للألباني، حديث: 988).

 

فضل إفشاء السلام:

• روى أبو داود عن عمران بن حصين قال: (جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فردَّ عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشرٌ» ، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردَّ عليه فجلس، فقال: «عشرون» ، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليه فجلس، فقال: «ثلاثون»؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 4327).

 

تأمَّل – أخي الكريم – في هذا الثواب العظيم من ربٍّ كريم، وكم تكون حسناتنا لو اتَّبعنا سُنَّةَ نبينا صلى الله عليه وسلم عند تحية إخواننا المسلمين!

 

• روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أولَا أدُلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبْتُم؛ أفشوا السلام بينكم»؛ (مسلم حديث: 54).

 

• قال الإمام النووي رحمه الله: “قوله: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا» معناه: لا يكمل إيمانكم، ولا يصلح حالكم إلا بالتحابِّ، وأما قوله: «أفشوا السلام بينكم»، فيه الـحثُّ العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم؛ من عَرَفت، ومن لم تعرف، والسلام أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب المودة، وفي إفشائه تمكن أُلفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضع، وإعظام حرمات المسلمين”؛ (مسلم بشرح النووي، ج: 1، ص: 312).

 

حكم إلقاء السلام وردِّه:

قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86].

 

هذه الآية المباركة دليلٌ على أن ردَّ السلام فرض على كل مسلم بالغ عاقل، قادر على رد السلام.

 

• روى البخاري في (الأدب المفرد) عن الحسن البصري قال: “التسليم تطوُّع، والرد فريضة”؛ (حديث صحيح، صحيح الأدب المفرد للألباني، حديث: 794).

 

رد الواحد السلامَ نيابة عن الجماعة:

• روى أبو داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: “يُـجزئ عن الجماعة إذا مرُّوا أن يُسلِّم أحدهم، ويُجزئ عن الجُلُوسِ أن يرد أحدهم”؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 4342).

 

السلام على الـمعارف:

اعتاد كثير من المسلمين إلقاءَ السلام على المعارف فقط، وهذا مخالف لسُنَّةِ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم الذي حثَّنا على إلقاء السلام على من نعرِفه، ومن لا نعرفه من المسلمين.

 

• روى الشيخان عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: «تُطعِم الطعام، وتقرأ السلام على من عرَفت ومن لم تعرِف»؛ (البخاري حديث: 6236، مسلم حديث: 39).

 

قال النووي رحمه الله: “قوله: (تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)؛ أي: تُسلِّم على كل مَن لقِيتَه، عرفتَه أم لم تعرفه، ولا تخُصَّ به من تعرفه كما يفعله كثير من الناس”.

 

وقال النووي رحمه الله: “هذا الحديث فيه دليل على بذل السلام على من عرفت ولمن لم تعرف، وإخلاص العمل فيه لله تعالى، لا مصانعة ولا مَلَقًا، وفيه مع ذلك استعمال خُلُق التواضع وإفشاء شعار هذه الأمة”؛ [مسلم بشرح النووي، ج: 1، ص: 286].

 

آداب إلقاء السلام:

• روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يُسلِّم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير»؛ (البخاري حديث: 6232، مسلم حديث: 2160).

 

• روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُسلِّم الصغير على الكبير»؛ (البخاري حديث: 6231).

 

فضل المصافحة:

• روى أبو داود عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمَينِ يلتقيان فيتصافحان، إلا غُفر لهما قبل أن يفترقا»؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 4343).

 

• روى الطبراني عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المؤمن إذا لقِيَ المؤمن فسلَّم عليه، وأخذ بيده، فصافحه، تناثرت خطاياهما، كما يتناثر ورق الشجر»؛ (حديث حسن، السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 2، حديث: 526).

 

ثانيًا: عيادة الـمريض:

• عيادة المريض هي: تكرار زيارته وتفقُّد أحواله، وهي حقٌّ من حقوق المسلم على أخيه المسلم.

 

فضل عيادة المريض:

• روى مسلم عن ثوبان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد مريضًا لم يَزَل في خُرْفَةِ الجنة، قيل: يا رسول الله، وما خُرْفَةُ الجنة؟ قال: جَنَاهَا»؛ (مسلم، حديث: 2568).

 

• روى الترمذي عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يعود مسلمًا غُدوةً إلا صلَّى عليه سبعون ألف مَلَكٍ حتى يُمسِيَ، وإن عاده عَشِيَّةً، إلا صلى عليه سبعون ألف مَلَكٍ حتى يُصبح، وكان له خريف في الـجنة»؛ (حديث صحيح، صحيح سنن الترمذي للألباني، حديث: 775).

 

• روى ابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عاد مريضًا، نادى منادٍ من السماء: طِبْتَ وطاب ممشاك، وتبوَّأت من الجنة منزلًا»؛ (حديث صحيح، صحيح سنن ابن ماجه للألباني، حديث: 1184).

 

نبينا صلى الله عليه وسلم يعود المرضى:

• روى أبو داود عن زيد بن أرقم قال: (عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجعٍ كان بعيني)؛ (حديث حسن، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 2659).

 

• روى الحاكم عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين، ويزورهم ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم)؛ (حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني، حديث: 4877).

 

الدعاء للمريض:

يمكن للمسلم أن يرقِيَ أخاه المسلم المريضَ ببعض الأدعية النبوية المباركة.

(1) روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها، (أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى، ويقول: اللهم ربَّ الناس، أذْهِبِ الباس، اشفِهِ وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا)؛ (البخاري حديث: 5743، مسلم حديث: 2191).

 

(2) روى مسلم عن أبي سعيدٍ (أن جبريلَ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمدُ اشتكيتَ؟ فقال: «نعم» ، قال: بسم الله أرْقِيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسدٍ اللهُ يشفيك، بسم الله أرقيك)؛ (مسلم حديث: 2186).

 

(3) روى أبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد مريضًا لم يحضُر أجَلُه، فقال عنده سبعَ مِرارٍ: أسأل الله العظيمَ، رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض»؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 2663).

 

آداب عيادة المريض:

لزيارة المريض آدابٌ ينبغي على المسلم معرفتها والعمل بها، وهذه الآداب يمكن إجمالها فيما يأتي:

(1) إخلاص العمل لله تعالى وحده، والابتعاد عن الرياء والسُّمعة.

(2) اختيار الوقت المناسب لزيارة المريض.

(3) عدم إطالة الجلوس عند المريض حتى يتضايق.

(4) أن يقلِّل السؤال عن المريض.

(5) ألَّا يتكلم عند المريض بما يزعجه.

(6) إظهار الرأفة على المريض.

(7) الإخلاص في الدعاء للمريض.

(8) وصية المريض بالصبر على البلاء؛ لِما فيه من جزيل الأجر؛ (فتح الباري للعسقلاني، ج: 10، ص: 131، 132).

 

ثالثًا: اتباع جنازة المسلم:

• روى الحاكم عن سهل بن حنيف رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين، ويزورهم ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم)؛ (حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني، حديث: 4877).

 

فضل اتباع الجنائز والصلاة عليها:

• روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهِد الجنازة حتى يُصلِّيَ، فله قيراط، ومن شهد حتى تُدفَن، كان له قيراطان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين»؛ (البخاري حديث: 1325، مسلم حديث: 945).

 

روى مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من ميت تُصلِّي عليه أُمَّةٌ من المسلمين، يبلغون مائةً كلهم يشفعون له، إلا شُفِّعوا فيه»؛ (مسلم حديث: 947).

 

• روى مسلم عن عبدالله بن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا، إلا شفَّعهم الله فيه»؛ (مسلم حديث: 948).

 

الدعاء والاستغفار للميت:

• روى مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وصلى على جنازة يقول: «اللهم اغفر له وارحمه، واعفُ عنه وعافِه، وأكْرِمْ نُزُلَه، ووسِّع مُدخَله، واغسِلْه بماء وثلج وبَرَدٍ، ونقِّه من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَسِ، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وقِهِ فتنة القبر وعذاب النار»؛ (مسلم حديث: 963).

 

رابعًا: نصيحة المسلم لأخيه المسلم:

• روى مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدينُ النصيحةُ، قلنا: لـمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم»؛ (مسلم حديث: 55).

 

معنى النصيحة:

• قال الخطابي رحمه الله: “النصيحة كلمة يعبَّر بها عن جملة هي: إرادة الخير للمنصوح له”؛ (جامع العلوم والحكم، ج: 1، ص: 229).

 

كيفية النصيحة للمسلمين:

قال الإمام النووي رحمه الله: “النصيحة لعامة المسلمين تكون بإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم، وكفِّ الأذى عنهم، فيُعلِّمهم ما يجهلونه من دينهم، ويُعينهم عليه بالقول والفعل، وسَتْرِ عوراتهم، وسدِّ خَلَّاتهم، ودفع المضارِّ عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفقٍ وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخوُّلهم بالموعظة الحسنة، وترك غشِّهم وحسدهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذَّبِّ عن أموالهم وأعراضهم، وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثِّهم على التخلُّق بجميع أنواع النصيحة، وتنشيط هِمَمِهم إلى الطاعات”؛ (مسلم بشرح النووي، ج: 2، ص: 38).

 

خامسًا: إجابة الدعوة:

• روى مسلم عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام، فلْيُجِبْ، فإن شاء طعِم، وإن شاء ترك»؛ (مسلم حديث: 1430).

 

فوائد إجابة الدعوة:

(1) إجابة الدعوة وسيلة للحصول على الحسنات؛ لأنها طاعة لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

(2) إدخال السرور على قلب صاحب الدعوة، ومشاركته في أفراحه.

• روى الطبراني عن عبدالله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدخله على مسلم»؛ (حديث حسن، صحيح الجامع الصغير للألباني، حديث: 176).

 

(3) تقوية الصلة ونشر الحب والمودة بين المسلمين.

• روى الشيخان عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى»؛ (البخاري حديث: 6011، مسلم حديث: 2586).

 

الدعوة التي بها منكرات:

إذا كانت حفلات الزواج، أو الولائم، أو ما شابه ذلك خالية من المنكرات؛ كاختلاط الرجال بالنساء والغناء الماجن، أو إذا كان حضور المسلم إليها يؤدي إلى تغيير المنكر، جاز له حضورها للمشاركة في السرور وتلبية لدعوة أخيه المسلم، بل يعتبر حضوره واجبًا، إذا كان هناك منكر يستطيع تغييره وإزالته، وأما إذا كان في هذه الحفلات منكرات لا يستطيع إنكارها ولا تغييرها، فيحرُم عليه حضورها؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، ج: 19، ص: 136).

 

سادسًا: تشميت العاطس:

• التشميت: الدعاء بالـخير والبركة؛ (النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، ج: 2، ص: 449).

 

الحكمة من مشروعية الحمد للعاطس:

• قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “لما كان العاطس قد حصلت له بالعُطاس نعمة ومنفعة بخروج الأبخرة الْمُحْتَقنة في دماغه، التي لو بقِيَت فيه، أحدثت له أدواءً عسِرةً، شُرِعَ له حمد الله على هذه النعمة، مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها”؛ (زاد المعاد لابن القيم، ج: 2، ص: 438).

 

كيفية التشميت:

• روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا عطس أحدكم فَلْيَقُل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم»؛ (البخاري حديث: 6224).

 

• روى مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا عطَس أحدكم فحمِدَ الله، فشمِّتوه، فإن لم يحمَدِ الله، فلا تُشمِّتوه»؛ (مسلم حديث: 2992).

 

فائدة مهمة:

• قال الإمام النووي رحمه الله: “يُستحَبُّ لـمن حضر من عطَس، فلم يـحمَدِ الله أن يُذكِّره بالـحمد، ليحمد فيُشمِّته، وقد ثبت ذلك عن إبراهيم النخعي، وهو من باب النصيحة والأمر بالمعروف”؛ (الأذكار للنووي، ص: 344).

 

• حكى الإمام ابن بطال رحمه الله عن بعض أهل العلم أن رجلًا عطس عنده فلم يـحمَد، فقال له: كيف يقول من عطَس؟ قال: الحمد لله، قال: يرحمك الله؛ (فتح الباري للعسقلاني، ج: 10، ص: 626).

 

عدد مرات التشميت:

• روى ابن السني عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا عطس أحدكم فَلْيُشَمِّتْهُ جليسُه، وإن زاد على ثلاثٍ فهو مزكوم، ولا تشميتَ بعد ثلاث مرات»؛ (حديث صحيح، السلسلة الصحيحة للألباني، حديث: 1330).

 

• روى أبو داود عن أبي هريرة قال: (شمِّت أخاك ثلاثًا، فما زاد فهو زكام)؛ (حسن، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 4210).

 

• قال النووي رحمه الله: “إذا تكرر العُطاس من إنسان متتابعًا، فالسُّنَّة أن يُشمِّتَه لكل مرة، إلى أن يبلُغَ ثلاث مرات”؛ (الأذكار للنووي، ص: 341).

 

وآخـــر دعوانا أن الـحمد لله رب العالـمين، وصلى الله وسلم على نبينا مـحمد، وآله، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.

_________________________________________________

الكاتب: الشيخ صلاح نجيب الدق


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

البلايا والمرض – علي بن عبد العزيز الشبل

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:«مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ» أي: تجافت عينه من النوم انتباهًا من اَللَّيْل، لهمٍّ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *