منذ حوالي ساعة
الحوقلة كنزمن كنوز الجنة: ولما كان الكنزُ هو المالُ النفيسُ المجتمعُ الذي يَخفى على أكثرِ الناسِ، وكان هذا شأنَ هذه الكلمةِ؛ كانت كنزاً من كنوزِ الجنةِ، فأُوتيَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من كنزٍ تحت العرشِ.
الضَّعْفُ قدَرُ اللهِ في الإنسانِ، به يكونُ مبدؤه، وإليه يَصيرُ، {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: 54]، وفي فَلَكِ هذا الضعفِ يدورُ حَوْلُ البَشرِ وطاقتُهم الحياةَ كلَّها، {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28].
غيرَ أنَّ اللهَ برحمتِه قد أَمَدَّ العبادَ بأسبابٍ؛ بها تكونُ إعانتُه لهم، وتقويتُهم، وجبْرُ ضعفِهم، وإقدارُهم على ما لم يكونوا له مُقْرنين. وذِكرُ اللهِ من أعظمِ المقوِّياتِ الربانيةِ على مباشرةِ الأمورِ ومُكابدتِها وإنْ تناهتْ شدةً، كما أرشدُ اللهُ إلى ذلك بجعلِ كثرةِ ذكرِه عُدَّةً تُذَلِّلُ كَبَدَ الجهادِ، وتُبَدِّدُ مخاوفَه، وتَستنزِلُ نصْرَه، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45].
ومن ذخائرِ الأذكارِ التي تُكَابَدُ بها الصِّعابُ وتُحَلُّ بها العُضَلُ كنزٌ عظيمٌ من كنوزِ الجنةِ التي تحت عرشِ الرحمنِ؛ حثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليه، ورغَّبَ فيه؛ قال أبو موسى الأشعريُّ -رضيَ اللهُ عنه-: لما غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، أو قال: لما توجَّه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أشرفَ الناسُ على وادٍ، فرفعوا أصواتَهم بالتكبيرِ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ارْبَعُوا على أنفسِكم؛ إنكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً، وهو معكم».
وأنا خلفَ دابةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسمعني وأنا أقولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ لي: «يا عبدَاللهِ بنَ قيسٍ» ! قلتُ: لبيك يا رسولَ اللهِ، قال: «ألا أدلُّك على كلمةٍ من كنزٍ من كنوزِ الجنةِ» ؟. قلتُ: بلى يا رسولَ اللهِ- فِداك أبي وأمي! -، قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (رواه البخاريُّ). ولعلوِّ قدْرِها كانت من كنوزِ العرشِ وكنوزِ الجنةِ، قال أبو ذرٍ -رضيَ اللهُ عنه-: أََمَرَنِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وذكر منها: وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ (رواه أحمدُ وصحَّحَه الألبانيُّ).
قال ابنُ القيمِ: ولما كان الكنزُ هو المالُ النفيسُ المجتمعُ الذي يَخفى على أكثرِ الناسِ، وكان هذا شأنَ هذه الكلمةِ؛ كانت كنزاً من كنوزِ الجنةِ، فأُوتيَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من كنزٍ تحت العرشِ.
عبادَ اللهِ!
إنَّ لـلحوقلةِ خاصيةً عجيبةً في تيسيرِ العسيرِ ومعالجةِ الأمرِ الصعبِ، كما قررَ أهلُ العلمِ؛ قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةِ: وَليكن هِجِّيراه: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه؛ فَإِنَّهَا بهَا تُحملُ الأثقالُ، وتُكابدُ الْأَهْوَالُ، ويُنالُ رفيعُ الْأَحْوَال، وبها يَقتدرُ الإنسانُ على كلِّ فعلٍ، ويقولُ ابنُ القيمِ: وهذه الكلمةُ لها تأثيرٌ عجيبٌ في معالجةِ الأشغالِ الصعبةِ، وتحمّلِ المشاقِّ، والدخولِ على الملوكِ ومَن يُخافُ، وركوبِ الأهوالِ.
ولها -أيضاً- تأثيرٌ في دفعِ الفقرِ، وقال ابنُ عثيمينَ: إذا أعْياك شيءٌ، وعجزتَ عنه؛ قل: لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ؛ فإنّ اللهَ يُعنيك عليه. ومما استلهمَ العلماءُ به خاصيةَ الحوقلةِ في تذليلِ الصعابِ مشروعيةُ قولِها في إجابةِ المؤذنِ حين يَصْدَحُ منادياً لأعظمِ العباداتِ: حيَّ على الصلاةِ، حيَّ على الفلاحِ ؛ إذ وصفَ اللهُ الصلاةَ بالمشقةِ والثِّقلِ بقولِه: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]. وقد رُوي أنَّ حملةَ العرشِ إنما أطاقوا حمْلَه بلَهَجِهم بـ لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ كما ذكرَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةِ.
أيها المسلمون!
وحتى يَحصلَ أثرُ الحوقلةِ في تذليلِ الصعابِ؛ فإنه لا بدَّ للعبدِ من العلمِ بمعناها، واليقينِ الجازمِ بمحتواها. فالحوقلةُ نفيٌ لأيِّ تحوِّلٍ من حالٍ إلى حالٍ، ونفيٌ لأيِّ قدرةٍ على ذلك التحوِّلِ إلا باللهِ العليِّ العظيمِ؛ ولذا كان لها تلك الحفاوةُ الربانيةُ والمددُ الإلهيُّ؛ إذ كانت تجسيداً لتوحيدِ اللهِ قولاً وفعلاً وحالاً؛ بها التعلقُ التامُّ من العبدِ بربِّه، والتبرؤُ مما عداه كائناً مَن كان؛ وفيها إفرادُ اللهِ بالتدبيرِ والتعلقِ وحسنِ الظنِّ وكمالِ التوكلِ والثقةِ والتفويضِ والاستسلامِ، وفيها إظهارُ العبدِ عجزَه وضعفَه وفقرَه، وتبرؤَه مِن حَوْلِه ومن حولِ كلِّ مخلوقٍ مهما بلغتْ قوتُه، ونفيَه العُجْبَ عن نفْسِه، وقطْعَه الأملَ فيما عدا ربِّه؛ فهل مِثلُ هذا يَخذلُه أكرمُ الأكرمين؟!
قال الخطابيُّ: ومعنى كلمةِ لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ إظهارُ الفقرِ إلى اللهِ -جلَّ وعزَّ-، وطلبُ المعونةِ منه على كلِّ ما يُزاوِلُه من الأمورِ، وهو حقيقةُ العبوديةِ. روى أبو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكَ – أَوْ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ – عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ» ؟ تَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ» (رواه أحمدُ وصحَّحَه الحاكمُ ووافقَه الذهبيُّ).
قال ابنُ رجبٍ: وَأَمَّا الِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْخَلْقِ، فَلِأَنَّ الْعَبْدَ عَاجِزٌ عَنِ الِاسْتِقْلَالِ بِجَلْبِ مَصَالِحِهِ، وَدَفْعِ مَضَارِّهِ، وَلَا مُعِينَ لَهُ عَلَى مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إِلَّا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَمَنْ أَعَانَهُ اللَّهُ، فَهُوَ الْمُعَانُ، وَمَنْ خَذَلَهُ فَهُوَ الْمَخْذُولُ، وَهَذَا تَحْقِيقُ مَعْنَى قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّ الْمَعْنَى لَا تَحَوُّلَ لِلْعَبْدِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَلَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَهَذِهِ كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، فَالْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فِي فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ، وَتَرْكِ الْمَحْظُورَاتِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورَاتِ كُلِّهَا فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ مِنْ أَهْوَالِ الْبَرْزَخِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِعَانَةِ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَمَنْ حَقَّقَ الِاسْتِعَانَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَعَانَهُ.
أيها المؤمنون!
لما علمَ أهلُ العلمِ باللهِ الموفَّقون قدْرَ الحوقلةِ، وعظيمَ أثرِها في تذليلِ العسيرِ وحَلِّ الصعابِ؛ اتخذوها عُدَّةً لهم في الشدائدِ التي تَعْرِضُ لهم؛ خاصةً كانت أم عامةً، دينيةً كانت أم دنيويةً؛ فكان لهم من اللهِ بها الفرجُ والتوفيقُ والإعانةُ؛ فمنهم مَن جعلَها عدّةً في جهادِه. كتب عمرُ بنُ الخطابِ لقائدِه في معركةِ القادسيةِ سعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ -رضيَ اللهُ عنهما: أما بعدُ، فتعاهدْ قلبَك، وحادِثْ جندَك بالموعظةِ، والصبرَ الصبرَ؛ فإنّ المعونةَ تأتي من اللهِ على قدْرِ النيةِ، والأجرُ على قدْرِ الحِسبةِ، وأكثرْ من قول: (لا حولَ ولا قوةَ إلا باللَّهِ)، وصِفْ ليَ منازلَ المسلمين كأني أنظرُ إليها وقد أُلقي في رُوعي أنكم إذا لقيتمُ العدوَّ هزمتمُوهم، فإنْ مَنَحَك اللهُ أكتافَهم؛ فلا تنزعْ عنهم حتى تقتحمَ عليهمُ المدائنَ؛ فإنها خرابُها إن شاءَ اللهُ.
وقال حبيبُ بنُ مَسْلمةَ: كَانَ يُسْتَحَبُّ إِذَا لَقِيَ عَدُوًّا، أَوْ نَاهَضَ حِصْنًا، قَوْلُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَأَنَّهُ نَاهَضَ يَوْمًا حِصْنًا فَانْهَزَمَ الرُّومُ، وَتَحَصَّنُوا فِي حِصْنٍ آخَرَ لَهُمْ، أَعْجَزَهُ، فَقَالَهَا الْمُسْلِمُونَ فَانْصَدَعَ الْحِصْنُ. وقال أبو إسحاقَ الغزوانيُّ: زَحَفَ إِلَيْنَا أَزْدَمْهَرُ عِنْدَ مَدِينَةِ الْكِيرَجِ فِي ثَمَانِينَ فِيلًا، فَكَادَتْ تَنْفَضُّ الْخُيُولُ وَالصُّفُوفُ، فَكَرِبَ لِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، فَنَادَى عِمْرَانَ بْنَ النُّعْمَانِ أَمِيرَ أَهْلِ حِمْصٍ وَأُمَرَاءَ الْأَجْنَادِ، فَنَهَضُوا فَمَا اسْتَطَاعُوا، فَلَمَّا أَعْيَتْهُ الْأُمُورُ نَادَى مِرَارًا: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)، فَكَفَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْفِيَلَةَ بِذَلِكَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا الْحَرَّ، فَأَنْضَجَهَا، فَفَزِعَتْ إِلَى الْمَاءِ، فَمَا اسْتَطَاعَ سُوَّاسُهَا وَلَا أَصْحَابُهَا حَبْسَهَا، وَحَمَلَتِ الْخَيْلُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَكَانَ الْفَتْحُ بِإِذْنِ اللَّهِ.
وكان من العلماءِ مِن يُقدِّمُ لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ بين يدي إفتائه وقضائه وتوقيعِه عن ربِّ العالمينَ؛ فلا شيءَ يَتقدَّمُها. وأكثرُ مَن عُرِفَ بذلك الإمامُ مالكٌ، فكان لا يفتي حتى يقولَ: لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ. وسأله رجلٌ عن مسألةٍ فردَّه، ثم عادَ فردَّه ثلاثاً؛ فكأنّه تهاونَ بعلمِ مالكٍ، فأتاهُ أتٍ في نومِه يقولُ له: أنت المتهاونُ بعلمِ مالكٍ؟! ائتِه فأسألْهُ، فلو كانت مسألتُك أدقَّ من الشَّعرِ وأصلبَ من الصخرِ لوُفِّقَ فيها باستعانتِه بـ ما شاءَ اللهُ لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العليِّ العظيمِ. قال حمادُ بنُ إسحاقٍ: إني لأستعينُ بكلمةِ مالكٍ -رحمه اللهُ- عند فتياه- وهي: ما شاءَ اللهُ، لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ – إذا صَعُبَتْ عليّ المسألةُ، فإذا قلتُها انكشفتْ لي.
وكان قاضي الأندلسِ محمدُ بنُ بشيرٍ المُعافِريُّ يَستفتِحُ بها قضاءَه بين الخصومِ؛ راجياً بها هدايةَ اللهِ لصوابِ الأحكامِ. ومنهم من كان يتخذُها زاداً له في إمدادِه بالثباتِ والصبرِ على الأذى في سبيلِ اللهِ، كما كان الإمامُ أحمدُ يَلْهَجُ بها وسياطُ الجَلَّادِ تَنْهالُ على جسدِه السبعينيِّ في فتنةِ خلْقِ القرآنِ. وكانت تلك الكلمةُ زاداً لولاةِ العدلِ في الاستقواءِ بقوةِ اللهِ والقيامِ بأمرِه حين كانت نقشَ خاتمِهم، كما كان ختمُ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ -رضيَ اللهُ عنهما-. بل كان ذلك الذِّكرُ هِجِّيرى بعضِ العلماءِ في سكوتِهم، كما كان الضَّحاكُ بنُ مُزاحمٍ يُكثِرُ منها أثناءَ صمْتِه؛ طلباً لثوابِها وفضلِها. قال مَعْديُّ بنُ سليمانَ: كان عمرانُ القصيرُ يقولُ لنا: يا فِتْيَان، أكثروا من قولِ: لا حولَ ولا قوةَ إلَّا باللهِ. فكنّا نقولُها كثيرًا، فرأيتُ في المنامِ كأني في البَحْرِ على صَدْرِ سفينةٍ والأمواجُ ترفعُني وتَضعُني، فقلتُ للبحرِ: إنما أنا عبدٌ وأنت عبدٌ، فاجهدْ على جَهْدِك، فلما أصبحتُ لقيتُ محمدَ بنَ فَضاءٍ، فقصصتُ عليه الرؤيا، فقال: هذا رجلٌ يُكثرُ من قولِ: لا حولَ ولا قوةَ إلَّا باللهِ.
قال مكحولٌ: من قالَ: (لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، ولا منجا من اللهِ إلا إليه)؛ كشفَ اللهُ عنه سبعين باباً من الضُّرِّ، أدناهُنَّ الفقرُ. فاجعلوها عُدَّةً لكم في أمورِكم كلِّها؛ تفوزوا بالإعانةِ الربانيةِ، والظَّفَرِ بالحاجاتِ.
ومَن تَعَشَّمَ في الرحمَنِ أيَّـــدَهُ ** وفي التَعَلُّقِ بالأشيَاءِ خُــــذْلانُ
فلْيَعلَمِ العَبدُ مَهما أحرَزَت يَدُهُ ** سَعْيُ المُجِدِّ بِدُونِ اللّهِ خُسْرَانُ
فَالْجَأْ إليهِ ولا تَركَنْ إلى سَبَبٍ ** لولا المُسَبِّبُ مَا كُنّا ولا كَانــــوا
Source link