إِنَّ مِنْ رحمةِ اللهِ بعبادِهِ أنْ يسرَ لهمْ دينَهُمْ، كَمَا قالَ تعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، ومِنْ رَفْعِهِ جَلَّ وَعَلَا للحرَجِ عَنْ عِبَادِهِ؛ أَنْ رَخَّصَ لهمْ بِالْـمَسْحِ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ؛ لـمَسِيسِ حَاجتِهِمْ إليهِ.
عَبَادَ اللهِ: إِنَّ مِنْ رحمةِ اللهِ بعبادِهِ أنْ يسرَ لهمْ دينَهُمْ، كَمَا قالَ تعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، ومِنْ رَفْعِهِ جَلَّ وَعَلَا للحرَجِ عَنْ عِبَادِهِ؛ أَنْ رَخَّصَ لهمْ بِالْـمَسْحِ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ؛ لـمَسِيسِ حَاجتِهِمْ إليهِ. وتشتدُّ الحاجةُ للمسحِ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ في الـمواسِمِ الباردَةِ؛ فَقَدْ ثبتَ عنِ النَّبِـيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّهُ: “تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ” (رواهُ البخاريُّ في صحيحِهِ).
والأحاديثُ في ذلكَ متواترَةٌ. فَمَنْ لَبسَ خُفَّيهِ فَلَا شَكَّ أنَّ الْمَسْحَ أَسْهَلُ لَهُ وَأَيْسَرُ مِنْ غَسْلِ الْقَدَمِ، وسنتناولُ في هذهِ الـخُطْبَةِ بعضَ الأَحْكَامِ المتعلقةِ بالمسحِ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ مِنْهَا:
الْـمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أنْ يَكُونَ الْـمسحُ منَ الحدثِ الأصغرِ: البولِ، والغائطِ والريحِ، وأكلِ لحمِ الإبلِ، والْمَذْيِّ والودْيِّ، والاستيقاظِ منَ النومِ. أَمَّا الْحدثُ الأكبرُ: كَالجنابةِ والحيضِ والنفاسِ؛ فَلَا يُـمسحُ مِنْهُ.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يَـجِبُ أَنْ تَكُونَ الْـخِفَافُ والجواربُ التِـي يُـمْسَحُ عَلَيهَا طاهِرَةً؛ فَإِذَا تَعَلَّقَتْ بِـهَا نَـجَاسَةٌ؛ فَلَا يَـجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الطريقةُ الصحيحةُ للمسحِ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ: أنْ يُبَلِّلَ يَدَهُ بالْمَاءِ، ثُـمَّ يُـمِرُّهَا مِنْ رؤوسِ أصَابِعِ القدَمِ، ثُـمَّ يَـجُرُّهَا إِلَى سَاقِهِ خَطًّا بِأَصابِعِهِ، والأفضلُ أنْ يضَعَ يَدَهْ اليُمْنَـى عَلَى خُفِّهِ الأيـمنِ، ويدَهُ اليُسرَى عَلَى خُفِّهِ الأيسرِ، ثُـمَّ يَـمْسَحُ مَسْحَةً واحِدَةً للجميعِ، في وقٍت وَاحِدٍ. وقَالَ أحمدُ -رحِـمَهُ اللهُ-: “وكيفَمَا فَعَلْتَ؛ فَهُوَ جَائِزٌ بيدٍ وَاحِدَةٍ، أَو باليدَيْنِ”.
الْـمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الصحيحُ منْ أقوالِ أهلِ العلمِ أنَّ الـمشرُوعَ: الـمسحُ عَلَى ظاهِرِ الخفيـنِ، دُونَ باطنِهِمَا.
الْـمَسْأَلَةُ الْـخَامِسَةُ: يجوزُ للمسلمِ أنْ يتعمدَ لبسَ الـخُفَّيْـنِ مِنْ أَجْلِ الْمَسْحِ عليهِمَا، وَلَا ضَيْـرَ فِي ذَلِكَ.
الْـمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: السُّــنَّــةُ أنْ يَـمسحَ عَلَى خُفَّيْهِ مَسْحَةً واحدَةً، وَلَا يُكَرِّرُ المسحَ.
الْـمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَا يُـجْزِئُ غَسْلُ الْـخُفِّ عَنْ مَسْحِهِ؛ إِلَّا إِذَا أَمَرَّ يَدَيْهِ علَى الْـخُفَّيْـنِ أثنَاءَ الْغَسْلِ؛ فَلَعَلَّهُ يُـجْزِئُ.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا غَسَلَ قَدَمَهُ اليُمْنَـى، ثُـمَّ لَبِسَ الْـخُفَّ قَبْلَ غَسْلِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى؛ فَالَّذِي يَتَـرَجَّحُ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ الْـخُفَّيْـنِ إِلَّا بَعْدِ اكتِمَالِ طَهَارَتِهِ. وَخُرُوجًا مِنَ الْـخِلَافِ، فَلَا يَلْبَسُ الْـخُفَّ الأَيْـمَنَ إِلَّا بَعْدَ غَسْلِ القدمَ اليُسرَى؛ فَإِنْ لبِسَهُ نَاسِيًا، ثُـمَّ غَسَلَ القدمَ اليُسرَى، ولبسَ خُفَّهَا؛ فَعَلَيْهِ خَلْعُ الْـخُفِّ الأيمنِ، وإعادةُ لِبْسِهِ منْ غيرِ غَسْلِ القدمِ؛ لأنهُ سَبَقَ لَهُ غَسْلُهَا.
الْـمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَا يُشتَـرَطُ للمسحِ عَلَى الْـخَفَّيْـنِ أَنْ تَسْبِقَهُ نِيَّةٌ؛ فَلَيْسَ شَرْطًا، وَلَا لَازِمًا؛ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ لِبْسِ الْـخِفَافِ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا؛ فَلَوْ لَبِسَهُمَا مِنْ غَيْـرِ نِــيَّــةٍ بعدَ الطهارةِ، ثُـمَّ مَسَحَ عَلَيْهِمَا؛ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ.
الْـمَسْأَلَةُ الْـحَادِيَةَ عَشْرَةَ: إِذَا تَيَمَّمَ ثَـمَّ لَبِسَ الْـخُفَّ؛ لَـمْ يَكُنْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيهِ إِذَا وَجَدَ الْماءَ؛ لأَنَّ لِبْسَهُ للخُفِّ لَـمْ يَكُنْ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: مَنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ، ثُـمَّ بَدَأَ يُدُافِعُ الأَخْبَثَيْـنِ؛ فَلَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْـخُفَّيْـنِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَـمْسَحَ عَلَيْهِمَا، لأَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ جَوَازِ صَلَاتِهِ، وَهُوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْـِن خَشْيَةُ اِشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِالْمُدَافَعَةِ؛ مِـمَّا يُذْهِبُ الْـخُشُوعَ فِي الصلاةِ، وَرُبَّـمَا عَجَزَ عَنِ الإِتْيَانِ بِـهَا عَلَى الْوَجْهِ الأَكْمَلِ، بَيْنَمَا هَذِهِ الْعِلَلُ لَا تُوجَدُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْـخُفَّيْـنِ إِذَا لَبِسَهُمَا وَهُوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْـنِ؛ فَلَا تَضُرُّهُ هَهُنَا الْمُدَافَعَةُ.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لا يجوزُ الْمسحُ على قدمٍ، وغَسْلُ أخرَى؛ كَمَنْ يَلبسُ الخفَّ في قدمٍ، ويجعلُ الأخرَى مكشوفةً، إلا إذَا كانتْ جبيرةً؛ فإنَّـهُ يمسحُ عليهَـا كجبيـرةٍ لا كَخُفٍّ.
الْـمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: يـجوزُ للمُستحَاضَةِ، ومَنْ بِهِ سَلَسُ البَوْلِ، واستِطْلَاقُ الرِّيحِ؛ المسحُ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ، إذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ؛ بلْ هُمْ أَحَقُّ مِنْ غَيْـرِهِمْ فِي الأَخْذِ بِـهَذِهِ الرُّخَصِ.
الْـمَسْأَلَةُ الْـخَامِسَةَ عَشْرَةَ: إذَا نَزَعَ خُفَّيْهِ، وَهُو عَلَى طَهَارَةٍ؛ فَطَهَارَتُهُ بَاقِيَهٌ لَا تَنْتَقِضُ بِنَزْعِ الْـخُفِّ؛ لأَنَّ خَلْعَهُ للخُفِّ لَيْسَ نَاقِضًا للوضُوءِ. حَيْثُ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أنه تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ فَخَلَعَهُمَا»، (رواه ابنُ أبي شيبةَ في مُصَنَّفِهِ بسندٍ صحيحِ). واختَارَ هَذَا القولَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيِمِيَّةَ، والإمامُ ابنُ عُثَيْمِينَ، وَمُـحَدِّثُ العصرِ الإمامُ الألبَانِــيُّ، وَعَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
الْـمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: مُدَّةُ الْـمَسْحِ لِلْمُقِيمِ يومٌ وليلةٌ؛ أَيْ خَـمْسَةُ فُرُوضٍ، وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّــامٍ بِلَيَالِيهِنَّ؛ أَيْ: خَـمْسَةَ عَشْرَ فَرْضًا؛ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صحيحِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ».
الْـمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: يُـحْسَبُ وَقْتُ الْمَسْحِ عَلَى الْـخُفَّيْـنِ أَوَّلِ مَسَحٍ بَعْدَ الحدثِ، ولا يُنظرُ إِلَى وَقْتِ اللبْسِ، ولا إلى وقتْ انتقاضِ الوُضُوءِ. وَإنـَّمَا يَبْتَدِأُ مِنْ أَوَّلِ مَسْحَةٍ لَهُ عَلَى خُفِّهِ؛ فَيُصَلِّي خمسةَ فروضٍ منْ أولِ مسحةٍ. فلو افترضْنَا أنَّ رجُلًا لَبِسَ خُفَّهُ قبلَ صَلَاةِ الفجرِ، ولم يمسحْ إلا لصلاةِ العصرِ؛ فلهُ أن يمسحَ على خُفَّيهِ لِصَلاةِ العصرِ، والمغربِ، والعشاءِ، والفجرِ، والظهرِ. ولو اعتبـرَ أربعةً وعشرينَ ساعةً مِنْ لبْسِهِ للخُفِّ؛ فَهَذَا الْقَوْلُ وجيهٌ.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: مَنْ مسحَ بعدَ انتهاءِ مدةِ المسحِ ناسيًا أو متعمدًا، ثم صلَّى؛ فصلاتُهُ باطلةٌ، وعليهِ الإعادَةُ مهْمَا كثُرَتِ الصلواتُ.
الْـمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: لوْ شَكَّ: هَلْ ابتدأَ المسحَ من صلاةِ الظهرِ مثلًا أو العصرِ، ولم يترجَّحْ عندَهُ شيءٌ منهُمَا؛ فإنَّهُ يَبْنِـي عَلَى الأصلِ؛ فيعتبـرُ نفسَهُ مَسَحَ منَ العصرِ؛ لأنَّهُ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ مِنْهُ، أَمَّا الظهرُ فشَاكٌّ بِهِ، واليقيـنُ لَا يزولُ بالشَّكِّ.
الْـمَسْأَلَةُ الْـعِشْرُونَ: يـجوزُ للمسلمِ أنْ يمسحَ عَلَى الجوربَيْـنِ، سَوَاءَ أَكَانَتْ مِنَ الجلدِ، أمْ مِنَ القُمَاشِ، والتِـي تُعْرَفُ فِي عصرِنَا بالشُّرَّابِ كَذَلِكَ لَهْ المسحُ عَلَى الْـخُفَّيْـنِ، والْمعروفةِ بالجزمِة، والكنادرِ، ولا يُشتَـرطُ أَنْ تَكُونَ سَاتِرَةً لـمحلِ الفرضِ فِي أصَحِّ أقوالِ أهلِ العلمِ.
الْـمَسْأَلَةُ الْـحَادِيَةُ وَالْـعِشْرُونَ: يُشتَـرَطُ أنْ تَكُونَ الـخِفَافُ التِـي يُـمْسَحُ عليهَا سَاتِرَةً لِمَحَلِّ الفرضِ؛ وَهُوَ إِلَى الْكَعْبَيْـنِ، فإنْ كَانَتْ غيْـرَ سَاتِرَةٍ لِمَحِلِّ الفرضِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَـمْسَحَ عَلَيْهَا؛ إِلَّا إِذَا شَقَّ عَلَيْهِ خَلْعُهَا؛ كَأَنْ يَحْتَاجَ لاستِخْدَامِ يَدِهِ أَوْ قَدَمِهِ عِنْدَ خَلْعِهَا؛ فَلَهُ أَنْ يَـمْسَحَ عَلَيْهَا. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْـعِشْرُونَ: يَـجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْـخُفِّ الْمَخْرُوقِ، إِذَا كَانَ الْـخَرْقُ يَسِيـرًا، وَالْفَتْقُ مُعْتَادًا، وَرَدَّ شَيْخُ الإِسْلَامِ عَلَى مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَقَالَ: “وَمَنْ مَنَعُوا ذَلِكَ؛ فَقَدْ ضَيَّقُوا تَضْيِيقًا يُظْهِرُ خِلَافًا للشريعةِ؛ بِلَا حُجَّةٍ مَعَهُمْ أَصْلًا”، وَقالَ أيْضًا: “وَكَثِيـرٌ مِنْ خِفَافِ الناسِ لَا يخلُو مِنْ فَتْــقٍ، أَو خَرْقٍ؛ يَظْهَرُ مِنْهُ بَعْضُ القَدَمِ؛ فَلَو لَـمْ يَـجُزِ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا؛ بَطَلَ مَفْهُومُ الرُّخْصَةِ، لَاسِيَّمَا أَنَّ الَّذِينَ يَـحْتَاجُونَ إِلَى لِبْسِ ذَلِكَ هُمْ الْمُحْتَاجُونَ، وَهُمْ أَحَقُّ بِالرُّخْصَةِ مِنْ غَيْـرِ الْـمُحْتَاجِيـنَ، وَلَيْسَ كُلُّ إِنْسَانٍ يَـجِدُ خُفًّا سَلِيمًا.
4- فَكُلُّ مَنْ لَبِسَ خُفًّا وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ؛ فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، سَوَاءَ أَكَانَ غَنِيًّا أَمْ فَقِيـرًا، وَسَوَاءَ أَكَانَ الْـخُفُّ سَلِيمًا أَمْ مَقْطُوعًا، وَالْمُسَافِرُونَ قَدْ يَتَخَرَّقُ خُفُّ أَحَدِهِمْ، وَلَا يُـمْكِنُ إِصْلَاحُهُ فِي السَّفَرِ؛ فَإِنْ لَـمْ يَـجُزِ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لَـمْ يَـحْصُلْ مَقْصُودُ الرُّخْصَةِ، فَلَا يَـجُوزُ أَنْ يَتَنَاقَضَ مَقْصُودُ التَّوْسِعَةِ مِنْ الشَّرْعِ بِالْـحَرَجِ والضِّيقِ”، وَقَالَ سُفْيانُ رَحِـمَهُ اللهُ: “وَهَلْ كَانَتْ خِفَافُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَّا مُـخَرَّقَةً مُشَقَّــقَةً مُرَقَّــعَــةً؟”.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْـعِشْرُونَ: كَذَلِكَ يَـجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْـخُفِّ الشَّفَّافِ؛ لِعَدَمِ تَفْرِيقِ الشَّرِيعَةِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْـخِفَافِ وَالْـجَوَارِبِ بَيْـنَ الشَّفَّافِ وغَيْـرِهِ، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).
الْـمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْـعِشْرُونَ: مَنْ مَسَحَ مُقِيمًا ثُـمَّ سَافَرَ؛ فَلَهُ أَنْ يَسْتَمِرَّ فِي الْمَسْحِ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ قَدْ بَدَأَ قَبْلَ اِنْتِهَاءِ مُدَّةِ مَسْحِ الْمُقِيمِ.
الْـمَسْأَلَةُ الْـخَامِسَةُ وَالْـعِشْرُونَ: مَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا، ثُـمَّ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ؛ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَـمَّ يَوْمًا فِي سَفَرِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ الْمَسْحُ؛ لأَنَّ مُدَّةَ مَسْحِ الْمُقِيمِ قَدِ انتَهَتْ، وَسَفَرُهُ قَدِ اِنْقَطَعَ.
الْـمَسْأَلَةُ السَادِسَةُ وَالْـعِشْرُونَ: مَنْ لَبِسَ خُفَّيْـنِ فَوْقَ بَعْضِهِمَا، أو خُفًّا وَجَوْرَبًا؛ فَلَهُ أَنْ يَـمْسَحَ عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا: الأَعْلَى أَوِ الأَسْفَلِ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمِرَّ فِي الْمَسْحِ عَلَيْهِ.
الْـمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْـعِشْرُونَ: لو لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ، ثـُمَّ أَحْدَثَ، ثُـمَّ لَبِسَ خُفًّا آخَرَ بَعْدَ الْـحَدَثِ فَوْقَ الْـخُفِّ الأوِل؛ فَإِنَّهُ يَـمِسَحُ عَلَى الْـخُفِّ الأوَّلِ الَّذِي لَبِسَهَ قَبْلَ الْـحَدَثِ، وَلَا يَـجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْـخُفِّ الأخيرِ؛ لأَنَّهُ لُبِسَ عَلَى غَيْـرِ طَهَارَةٍ.
الْـمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْـعِشْرُونَ: مَا يُلْبَسُ مِنَ الْقُبَّعِ الشَّامِلِ لِلرَّأْسِ والأُذُنَـيْـنِ، والَّذِي قَدْ يَكُونُ فِــي أَسْفَلِهِ لَــفَّــةٌ عَلَى الرَّقَبَةِ؛ فَــإِنَّ هَذَا يُــمْسَــحُ عَلَيْهِ؛ لِــمَشَـقَّـةِ نَــزْعِــهِ، مِــثْــلُ الْــعِـمَامَةِ.
__________________________________________
الكاتب: الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي
Source link