تُغلق أبواب النار حقيقةً، النار التي رآها رسول الله ﷺ يَحطِم بعضها بعضًا، وقال عنها: «أُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أرَ مَنْظَرًا كَاليَومِ قَطُّ أفْظَعَ»
تُغلق أبواب النار حقيقةً، النار التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحطِم بعضها بعضًا، وقال عنها: «أُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أرَ مَنْظَرًا كَاليَومِ قَطُّ أفْظَعَ» [1].
قال ميمون بن مهران رحمه الله: لَما خلَق الله جهنَم، أمرها فزَفرتْ زَفرة، فلم يبقَ في السماوات السبع مَلَكٌ إلا خرَّ على وجهه، فقال لهم الجبَّار: ارفعوا رؤوسكم، أما علِمتم أني خلقتُكم لطاعتي وعبادتي، وخلَقت جهنَّم لأهل مَعصيتي[2].
إنها النار التي ينغمس فيها أنعمُ أهل الدنيا لحظة، فتُنسيه كلَّ نعيم رآه؛ قال الله تعالى عنها: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى} [المعارج: 15]، وقال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ} [المدثر: 27، 28]، وقال عز وجل: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 21 – 24].
يقول صلى الله عليه وسلم: «يُؤْتَى بجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لها سَبْعُونَ ألْفَ زِمامٍ، مع كُلِّ زِمامٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَها» [3].
شرابُ أهلِها، قال تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15].
طعامُهم، قال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ} [الدخان: 43 – 48].
ثيابُهم، قال تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} [الحج: 19، 20].
أهلها يصرخون فيها؛ قال تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: 37].
جاءكم النذير، سمعتم المواعظ، رأيتُم المشيب، قرأتم القرآن، رأيتم نار الدنيا وعلِمتم أنها جزءٌ من سبعين جزءًا من نار الآخرة، ولكن لا ينتفع بالذكرى والمواعظ والنذر إلا المؤمن؛ قال تعالى: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101].
مهما قال الصالحون والدعاة بعض الناس كأنه لا يسمع، نسأل الله العافية والهداية، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتَّبِعون أحسنَه، البعض ما زال يركن لخداع النفس، والشيطان يقول له: أنت على خير، أنت أفضل من كثير من الناس، وغير ذلك من كلمات الخداع والتزيين؛ قال تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر: 8]؛ قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10].
لابد أن نُخاطب أنفسنا أنه لن يُنجينا إلا أن نتقرَّب إلى الله عز وجل بالعمل الصالح، ونؤمِّل رحمتَه ونخشى عذابه، وندعوه ونرجوه أن يُصلح أحوالنا، ويتقبل منَّا لعلَّ الله تعالى يغفر لنا ذنوبنا ويرحَمنا؛ حتى لا نكون مع هؤلاء، والعياذ بالله الذين قال الله عنهم: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} [الأحزاب: 66].
اللهم اكتُبنا مِن عُتقائك من النار في رمضان.
[1] صحيح البخاري (431)، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
[2] كتاب التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، ص (834).
[3] صحيح مسلم (2842)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
___________________________________________________
الكاتب: نجلاء جبروني
Source link