الاعتصام بغير الله هلاك .. !!

منذ حوالي ساعة

في زمان الفتن، ووسط طوفان المحن، وكثرة الابتلاءات، واضطراب الأحوال، وانفلات الموازين، لا مفر للعبد، ولا أمان للقلب، ولا نجاة للروح، إلا في الاعتصام بالله، واللجوء إليه وحده، قال تعالى:  {وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}

عباد الله: في زمان الفتن، ووسط طوفان المحن، وكثرة الابتلاءات، واضطراب الأحوال، وانفلات الموازين، لا مفر للعبد، ولا أمان للقلب، ولا نجاة للروح، إلا في الاعتصام بالله، واللجوء إليه وحده، قال تعالى:  {وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]

إن الاعتصام بالله ليس مجرد كلمات تتلى على المنابر، بل هو حياة قلب، وتجرد روح، وثقة مطلقة بقدرة الله وقضائه وعدله، هو أن تسلم أمرك كله لله، وأن ترى في كل مصيبة دعوة للرجوع، وفي كل محنة منحة.

يا عباد الله: لقد أمرنا الله بالاعتصام به لأنه المولى والنصير، فقال:  {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78]

ومَن يعتصم بالله لا يخيب، ولا يُخذل، ولا يُضام، وإن ضعفت الأسباب، وإن اشتدت الكروب، وإن كادك الأعداء، فإنه معتصم بركن لا يُضام، وملاذ لا يُقتحم.

أيها المسلمون: ما أكثر الجبال التي يأوي إليها الناس اليوم ظنًّا أنها تعصمهم!
هذا يأوي إلى منصبه، وذاك إلى ماله، وآخر إلى سلاحه، وبعضهم إلى أمريكا وروسيا، إلى أحزابهم وتحالفاتهم، ولكنهم ينسون أن الله وحده هو الناصر، هو المهيمن، هو المدبر لكل شيء.

قال تعالى على لسان نبيه نوح لابنه:

{قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ} [هود: 43]

وها هو ابن نوح، يأوي إلى الجبل، ظن أنه سيعصمه، فإذا بالجبل لا ينفع، والموج يبتلعه، فيكون من المغرقين.

وهكذا كل من اعتصم بغير الله، فمصيره الخذلان.
أما من اعتصم بالله، فالله حسبه، والله كافيه، والله ناصره.

{وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: 31]

يا عباد الله: العالم اليوم يغرق في أمواج من الظلم والعدوان، الفتن تتساقط كقطع الليل المظلم، العداوات تشتعل، القلوب تمتلئ بالرعب، والعدو يتربص، والظالم يبطش، والمظلوم يصرخ… فمن يأوي إلى الله؟ من يلوذ بربه؟ من يثق بأن النصر من عند الله لا من عند أحد من خلقه؟!

هذا يونس عليه السلام، في ظلمات ثلاث، في جوف الحوت، في أعماق البحر، في ظلمة الليل… لا أحد يسمعه، لا معين له، لا هاتف نجدة، ولا جهاز اتصال، فنادى من أعماق قلبه:

{لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَـٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [الأنبياء: 87]فاستجاب الله له وقال: {فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَـٰهُ مِنَ ٱلْغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِى ٱلْمُؤْمِنِينَ}

عبــــاد الله: هل ترون من يلجأ اليوم إلى الله بحق؟!
كم من الناس يلجأ إلى الأمم المتحدة، أو يتحالف مع الظالم ليتقي ظلمه، وينسى أن الله هو القهار فوق عباده، الذي يأخذ الظالمين أخذ عزيز مقتدر.

قال تعالى:  {وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُۥٓ أَلِيمٌۭ شَدِيدٌۭ} [هود: 102]

فيا عباد الله:
اعتصموا بالله، فإنه الناجي في الفتن، والحافظ في الزمان، والناصر من العدوان.
اقرعوا باب السماء بالدعاء، وقفوا بين يديه بالرجاء، وقدموا أعمالكم بين يدي طلب النصر، فما ضاع من لجأ إليه، ولا خاب من طرق بابه.

عبـــــاد الله: إن من أعظم صور الاعتصام بالله أن نتمسك بحبله المتين، كتابه ودينه وشريعته وسنة نبيه، قال تعالى:  {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]

إن القرآن عصمتنا، والإيمان قوتنا، والصلاة حصننا، والتوكل على الله سلاحنا، والدعاء عدتنا، والعمل الصالح زادنا.

وإن من صفات المؤمنين:  {الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 146].
فيا من ضاقت به الدنيا، وتكاثرت عليه الهموم، وخذله الناس، لا تركن إلى غير الله، لا تأوي إلى جبل لا يعصم، ولكن ارفع كفيك إلى الله، وألقِ نفسك على أعتابه، وقل: يا رب، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.

___________________________________
الكاتب: حسان أحمد العماري


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

دروس في التربية النبوية – طريق الإسلام

ربّى رسول الله – ﷺ- قيادات في مختلف مناحي الحياة؛ الاجتماعية والعسكرية، والسياسية، وهم من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *