الله هو الأكبر! – فيصل بن علي البعداني

منذ حوالي ساعة

حين يشتدّ الخطب وتضيق الآفاق على أهل الإيمان، فإنّ نصر الله لا يتنزّل إلا بشرطين عظيمين لا ثالث لهما:

حين يشتدّ الخطب وتضيق الآفاق على أهل الإيمان، فإنّ نصر الله لا يتنزّل إلا بشرطين عظيمين لا ثالث لهما:

الأول: أن يحفظ المؤمنون أمر الله ونهيه، فيقيموا شرعه، ويلتزموا حدوده، ويجعلوا حياتهم على هدي الله ومراده. وهذا معنى ما أوصى به النبي ﷺ ابنَ عباس رضي الله عنهما بقوله: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف». فحفظ الله في أوامره ونواهيه هو السبيل إلى حفظه ونصره وتأييده.

الثاني: أن تكون قلوب المؤمنين متوكلة تمام التوكل على الله، معلّقة به، غير ملتفتة إلى حولٍ أو قوةٍ سواه. ومشهد موسى عليه السلام وأصحابه عند البحر من أعظم الشواهد على ذلك، إذ قال أصحاب موسى حين أدركهم فرعون وجنوده: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾، فردّ عليهم موسى بملء قلبه يقينًا وثباتًا: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. عندها جاء الفرج المعجز: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ۝ وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ۝ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾.

إنها لحظة فارقة تكشف أن النصر لا يُنال بكثرة العدد، ولا بقوة العُدّة وحدها، وإنما بصدق الالتزام بحكم الله، وبتمام التوكل عليه. ولذا ختم السياق القرآني هذا المشهد بقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ۝ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

فالله أكبر من كل خوفٍ يزلزل القلوب، وأكبر من كل قوةٍ تُباهي ببطشها، وأكبر من كل ضيقٍ يظنه الناس سدًّا محكماً أمامهم. وما البلاء إلا ميدان اختبارٍ لصدق التعلق بالله، وتمحيصٌ للإيمان، وتمييزٌ للخبيث من الطيب.

وإذا قام المؤمنون بواجبهم، وحفظوا حدود ربهم، وأخلصوا التوكل عليه، تجلّى مدد الله ونصره، ولو طال البلاء أو اشتدّ الكرب. ولقد جرت سنّته سبحانه أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً. فليست القضية في حسابات البشر وحدها، وإنما في وعد الله الحق: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

فلتكن قاعدتنا الراسخة في كل ابتلاء: احفظ الله يحفظك، وتوكل عليه يكفك، واثبت على طريقه ينصرك. فهو سبحانه الأكبر، لا يُغلب ولا يُمانع، العزيز الغالب الذي لا يُقهر، والرحيم الناصر الذي لا يخذل من أقبل عليه بصدق.

ولنُردّدها في قلوبنا وواقعنا كلما ضاقت الأرض بما رحبت: الله هو الأكبر… الله هو الأكبر… الله هو الأكبر.

اللهم ثبّت قلوبنا على دينك، وانصرنا بفضلك، واكفنا بحولك، وتولَّنا برعايتك.
والله الهادي.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

ثروات العبودية المنسية – عبد الله بلقاسم الشهري

تسمع الأخبار عن المؤمنين في الأرض حرب أو جوع أو فيضان أو زلازل أووحوادث، تحزن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *