الحياة اختبار متنّوع الأوجه، كلّما عبرت من أحدها استقبلك آخر، وهي بين صعود وهبوط، فمرّة تواتي الظروف وتشرق بالأمل
الحياة اختبار متنّوع الأوجه، كلّما عبرت من أحدها استقبلك آخر، وهي بين صعود وهبوط، فمرّة تواتي الظروف وتشرق بالأمل، ومرّة ترمي بك على ضفاف الحزن، وخيبة الأمل، وغاية الإنسان سعادة الدارين، ولكنّ الأولى منهما تصفو وتكدر، واستجابة الخلق لكلّ ذلك متباينة بقدر نفوس الخلائق … والبشر هم البشر، سواء كانوا رسلاً وأنبياء، أم من بقيّة الخلق، يشتركون في سمة التقلّب النفسيّ.
ويرسم لنا القرآن الكريم صوراً من مواجهة أنواع البلاء، فموسى عليه السلام يفرّ خائفاً، ويدخل مصر خائفاً، ويواجه فرعون خائفاً، وهو ذو فتوّة وقوّة، ونتعلّم معه أنّ ظاهرة الخوف والقلق ظاهرة طبيعيّة، وأنّ الإنسان يتكيّف في مواجهتها
وكلّما ارتفع رصيد الإنسان في القرب من الله، كلّما زادت فرصته في مواجهة تلك الظاهرة المتكرّرة من خيبات الأمل، وبناء تلك الصلة بالله التي تعين الإنسان هي ابنة ذلك الحضور العميق مع الله، الذي يتجاوز سطح العبادات المقرّرة، إلى عمق روحها وجوهرها، وهو فنّ شاقّ لأنّه تأمّل عميق في سرّ الوجود يعبر بالإنسان من دار الفناء إلى دار الخلود، وهو بعد لم يغادر ضجيج الحياة وتجاذباتها، ذلك مبتغى العارفين، وكلّ تقف به ركائبه في مقام من المقامات، فاللّهمّ اجعل حظّنا منها وافراً، وطريقنا إليها مجاهدة ممّا يتناسب مع طبائعنا، فنعمّر الدارين، ونرتوي من ينبوع السعادة الحقّ، وأنت أرحم الراحمين.
______________________________
الكاتب: د.جاسم سلطان
Source link