ما علاقة صلاح الفرد بنصرة الأمة؟

وفي هذا بيان مجمل لمن راعى وحدة الأمة وأنها أمة مجتمعة مرحومة باجتماعها وأن حجر الأساس في بنائها واجتماعها هو الفرد المسلم، وبصلاح الأفراد يصلح المجتمع، وفيه بشرى لمن صدق بوعد الله بنصره من آمن وأصلح من عباده.

يقول الله تعالى:
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّلِحُونَ}

قال القاسمي:

[أيِ: العامِلُونَ بِطاعَتِهِ. المُنْتَهُونَ إلى أمْرِهِ ونَهْيِهِ. دُونَ العامِلِينَ مِنهم بِمَعْصِيَتِهِ، المُؤْثِرِينَ طاعَةَ الشَّيْطانِ عَلى طاعَتِهِ]

ويقول سبحانه وتعالى:
{وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ}.

قال الطبري:

يقول تعالى ذكره: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ منكم أيها الناس، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يقول: وأطاعوا الله ورسوله فيما أمراه ونهياه {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ} يقول: ليورثنهم الله أرض المشركين من العرب والعجم، فيجعلهم ملوكها وساستها.

ويقول الشيخ الأمين الشنقيطي:

{لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ} أيْ: لَيَجْعَلَنَّهم خُلَفاءَ الأرْضِ، الَّذِينَ لَهُمُ السَّيْطَرَةُ فِيها، ونُفُوذُ الكَلِمَةِ، والآياتُ تَدُلُّ عَلى أنَّ طاعَةَ اللَّهِ بِالإيمانِ بِهِ، والعِلْمِ الصّالِحِ سَبَبٌ لِلْقُوَّةِ والِاسْتِخْلافِ في الأرْضِ ونُفُوذِ الكَلِمَةِ؛ 
  • كَقَوْلِهِ تَعالى: {واذْكُرُوا إذْ أنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ في الأرْضِ تَخافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النّاسُ فَآواكم وأيَّدَكم بِنَصْرِهِ
  • وقَوْلِهِ تَعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} {الَّذِينَ إنْ مَكَّنّاهم في الأرْضِ أقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ وأمَرُوا بِالمَعْرُوفِ ونَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ ولِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ}
  • وقَوْلِهِ تَعالى: {إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكم ويُثَبِّتْ أقْدامَكُمْ}

ويقول ابن تيمية:

[فقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف، كما وعدهم في تلك الآية -يقصد آية {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم…}- مغفرة وأجرا عظيما، والله لا يخلف الميعاد، فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام، وهو الدين الذي ارتضاه لهم، كما قال تعالى: {ورضيت لكم الإسلام دينا}، وبدلهم من بعد خوفهم أمنا، لهم منه المغفرة والأجر العظيم.

وهذا يستدل به من وجهين: يستدل به. على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات؛ لأن الوعد لهم لا لغيرهم، ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم، ولهم مغفرة وأجر عظيم؛ لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات.]

وفي هذا بيان مجمل لمن راعى وحدة الأمة وأنها أمة مجتمعة مرحومة باجتماعها وأن حجر الأساس في بنائها واجتماعها هو الفرد المسلم، وبصلاح الأفراد يصلح المجتمع، وفيه بشرى لمن صدق بوعد الله بنصره من آمن وأصلح من عباده.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

علام القلق؟! – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة علام القلق؟! أليست روحك بيد من خلقك، أليس رزقك بيده، أليس هو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *