رسالة إليك يا معلمة كتاب الله

اعلمي غاليتي: أن أعينهن مـعقودة بك؛ فالحق والصواب ما فعلتِ، والخطأ ما تركت، فهن يتلقين منك كل حركة ونظرة.

نعم… هي رسالة خاصة لكِ؛ لأن الله قد شرفكِ بما لم يشرِّف به سواك؛ ألا وهو تعلمك لكلامه وتعليمك له.

وكفاك بذلك شرفًا؛ فقد ورد في الحديث:  «أهـل القرآن أهل الله وخاصته»، فهنيئًا لك تلك المنزلة، ولكن لتعلمي -أخيـة- أنَّ مع كل تشريف تكليفًا؛ فعلى عاتقك مسؤولية عظيمة، وأمـتك تنتظر منك الكثير؛ فهي تحتاج من يجعل القرآن له منهج حياة، لا حروفًا مقروءة باللسان فقط، فإنما أنزل القرآن ليعمل به.

وتذكري – رعاك الله – قوله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، ولا يقتصر تعليمه على تعليم حروفه فقط، بل لا بد من تعليم معانيه وآدابه، وبالفعل قبل القول، ولا يمكن ذلك إلا بفهمه بفهم السلف الصالح، وسبيل ذلك بالعلم بالتفسير، والحرص على تربيتهم على عقيدة أهل السنة، وليكن منك على بال: أن خلقك وطيب معاملتك هو السبيل لغرس ما تدعين إليه من قول أو فعل في قلوب طالباتك، وأنه مهما كان عندك من العلم والقصد الحسن فلن يصل ما لم يكن تعاملك تعامل الأم المشفقة الناصحة لأبنائها، كما أنه من الخطأ أن تقصد المعلمة تعليق القلوب بها فهي لا تدعو إلى نفسها بل إلى رب العالمين.

واعلمي – غاليتي -:

أن أعينهن مـعقودة بك؛ فالحق والصواب ما فعلتِ، والخطأ ما تركت، فهن يتلقين منك كل حركة ونظرة فضلاً عن طريقة درسك ومعاملتك لمن تخطئ في العلم أو التعامل، ولا تنسي أن توادهن وتعاونهن مرتبط بمعاملتك لهن وعدلك بينهن، فضلاً عن العفو والتغاضي عن الخطأ، واحذري أن يكون في مظهرك مخالفة شرعية؛ سواء كانت في حجابك أو لباسك من شفاف وضيق ورقيق وكعب عالٍٍ…، بل وليس كل لباس -ولو كان جائزًا- هو مناسبٌ لمجلس العلم، واحذري أن تجعلي من مظهرك مشغلةً لهم، وحذار – أخية – من انتقامك لنفسك حتى في حين اليقين من الخطأ، وخاصة بما قد يضر الطالبة في علمها الذي تتلقاه منك.

وليكن قدوتك في كل ذلك خير معلم – بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم – فعليك بدراسة سيرته ودعوته؛ فهي خير زاد لك في مسيرة تعليمك لكتاب الله الذي هو تعليم للدين كله في الحقيقة.

ختامًا… اجعلي تقوى الله زادك؛ فلا تتكلمي بشيء من دين الله باجتهادك وفهمك مهما كان يسيرًا في عينك؛ فإن الله مطلع عليكِ ومحصٍٍ عليك الذرة من العمل؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر. وضعي نصب عينك قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33].

وأخيرًا… اعلمي أن الزاد الأول والأخير في طريقك هو إخلاصك لربك في كل كلمة وكل حركة وسكنة، ولا تنسي قوله صلى الله عليه وسلم: «ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها ؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار»، (رواه مسلم).

وفي نهاية المطاف لا تنسي سلاح المؤمن “الدعاء” في تيسير كل شأن لك؛ فإن العبد ليس له حول ولا قوة إلا بالله.

حفظك الله أينما حللت، ونفع بك أمتك، وجعلك من السعداء بحسن عبادته والدعوة إليه.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *