ترسيخ العقيدة – سهام علي

منذ حوالي ساعة

يجب نوقن وننتبه إلى أهمية هذا الأمر وهو غرس العقيدة في النشء بمجرد أن يستطيع الفهم ونتدرج مع الطفل حسب فهمه وبانتباه شديد لأهمية وصف الله تعالى بصفات الجمال

كان الصحابة رضوان الله عليهم يعيشون مع الرسول صلى الله عليه وسلم يسمعون منه ليل نهار ويتعلمون، والصحبة كما يعلم الجميع شيء مختلف عن السماع الذي حصلنا عليه عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن سنته وعن بيانه لمعاني القرآن، هذا بخلاف شخصية النبي صلى الله عليه وسلم بما كانت تتمتع به من صدق ولين وحسن خلق وكل ما هو جميل، وكل ما يبعث على الطمأنينة ويساعد على تشرب الدين بكل أحكامه ومعانيه ومفاهيمه ومقاصده

ومع ذلك نجد أن بعض عبارات القرآن والحديث بها بعض التوضيحات التي يبينها لصحابته رضوان الله عليهم التي تبدو لنا نحن من أسهل البديهيات كما في قوله تعالى “ولا يخاف عقباها” والتي فسرها العلماء بعدم خوف الله تعالى من مغبة إهلاك قوم صالح، فهذا يبدو بديهيًا لأي مسلم أن الله تعالى من القوة والعظمة والقدرة المطلقة فلا يخاف ولا يخشى ولا يتصف بأي من صفات الضعف التي تعتري المخلوقات، كذلك في الحديث عندما رفع الصحابة صوتهم بالتكبير فقال لهم صلى الله عليه وسلم ” «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ، إنَّكُمْ ليسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا» ” (الراوي: أبو موسى الأشعري | (المصدر: صحيح مسلم  رقم [2704 ]))
الحديث ينفي عن الخالق سبحانه صفات النقص وهكذا نجد أنفسنا أمام بديهيات نعرفها ولا نقول السر في ذلك لأفضليتنا على الصحابة رضوان الله عليهم، فإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن أجر المسلمين المتأخرين يعدل خمسين من الصحابة، فهو الذي أخبر بأن خير القرون قرنه فهم أفضل البشر بعد الأنبياء.
ولكن السر في استيعابنا لعظمة الخالق وجلال شأنه بالرغم من حرماننا من وجود الرسول صلى الله عليه وسلم بيننا هو غرس العقيدة فينا منذ نعومة أظفارنا، فقد تشربنا مفاهيم العقيدة منذ نشأتنا واذكر وأنا في سن السادسة عندما كان يُعرض مسلسل ديني عن مطاردة المشركين للرسول ليلة الهجرة فقلت لوالدي – رحمه الله – لا بأس أبدا إن أمسكوا به ،فكاد والدي أن يغضب أني لا أبالي أن يُؤذى الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت له حتى ولو أمسكوا به فلن ينالوا منه فهو في حفظ الله رغم أني لم أكن قد عرفت بقصة إبراهيم عليه السلام وكيف أنجاه الله من النار ولكنها العقيدة التي ترسخت فيّ منذ نشأتي.
وهذا ما يعني أننا يجب نوقن وننتبه إلى أهمية هذا الأمر وهو غرس العقيدة في النشء بمجرد أن يستطيع الفهم ونتدرج مع الطفل حسب فهمه وبانتباه شديد لأهمية وصف الله تعالى بصفات الجمال مثل الرحمة والمغفرة وحبه لعباده قبل صفات الجلال من قدرة على التعذيب والانتقام بما يتناسب مع رقة الطفل وحساسيته فهو كائن ضعيف في حاجة مستمرة لمشاعر الاحتواء والحب والاحتضان ممن حوله وشعوره بحب الله ورحمته ورعايته كي ينشأ نشأة صحيحة.

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

الشدة والفرح – علي بن عبد العزيز الشبل

«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» جاءت هٰذِه الكلمة دلالةً عَلَىٰ ما في قلوب المؤمنين، من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *