نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، نقلاً عن “مصادر فرنسية ونيجيرية”، تفاصيل حول تدخل عسكري فرنسي في النيجر، كاد أن يحصل لكنه لم يحصل في النهاية، فلماذا وكيف تراجعت باريس في اللحظة الأخيرة؟
تقول الصحيفة إن حسومي مسعودو، الذي كان وزير الخارجية في حكومة النيجر قبل الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، وقّع على وثيقة تعطي لفرنسا الإذن بالقيام بعملية عسكرية لتحرير بازوم بعد ساعات من الإطاحة به. وجاء في هذه الوثيقة أن سلطات النيجر الشرعية “تجيز للشريك الفرنسي تنفيذ ضربات تستهدف القصر الرئاسي بهدف تحرير رئيس جمهورية النيجر المحتجز كرهينة”.
كما وقّع قائد الحرس الوطني ميدو غيرو، باسم رئيس الأركان النيجري عبدو صدّيقو عيسى، على وثيقة مماثلة، وذلك لأن فرنسا اشترطت أن يكون أي طلب بتدخّلها مكتوباً.
وبدأ الجانبان يحضّران لعمل عسكري فيما كان عبد الرحمن تياني قائد المجموعة التي أطاحت ببازوم يجري محادثات في الساعات الأولى بعد الانقلاب مع الرئيس الأسبق محمد ايسوفو الذي تدخل كوسيط. وتحادث ايسوفو أيضاً مع بازوم، لكنه لم يستطع إقناع تياني بالإفراج عن الرئيس الذي أطاح به للتوّ، علماً أن الرئيس الأسبق هو الذي كان عيّن تياني قائداً للحرس الرئاسي قبل اثني عشر عاماً. وبعد ذلك دُعي عدد من الجنرالات والمسؤولين الكبار في الجيش للانضمام إلى المحادثات، وفجأة انضمّ معظم هؤلاء إلى المجموعة العسكرية التي أطاحت ببازوم وظهروا أمام وسائل الإعلام خلال الإعلان عن تشكيل “المجلس الوطني لحماية الوطن”.
ويقول أحد المقرّبين من بازوم إن الفرنسيين بدأوا يستعدّون لعملٍ ما، حيث كان لا يزال ممكناً أن تنقلب الأمور لصالح سلطات النيجر الشرعية. ووصلت قوات فرنسية إلى مبنى القيادة العامة للحرس الوطني في نيامي عند الرابعة من فجر الخميس في السابع والعشرين من يوليو، أي بعد ساعات من وقوع الانقلاب في السادس والعشرين منه. وكانت هذه القوات عبارة عن أكثر من عشر مركبات عسكرية وعدد من المروحيات التي كانت جاهزة للعمل العسكري.
مظاهرة مناهضة لفرنسا في نيامي
ويضيف المصدر نفسه أن الفرنسيين أبلغوا الدائرة المحيطة برئيس النيجر المخلوع أنهم في جهوزية تامّة للشروع في عملية تعيده إلى السلطة دون تعريضه لأي أذى خلال العملية، لكن الرئيس نفسه اعترض على ذلك واتّصل بقائد العمليات الفرنسية في النيجر طالباً إليه عدم التدخل عسكرياً. “هو يؤمن كثيراً بالحوار، وهذه المرّة أيضاً كان يعتقد بجدوى الحوار مع الذين انقلبوا عليه، هو الذي عطّل كل شيء”، كما نسبت صحيفة “لوموند” لأحد مساعديه.
بعد ذلك، ومع مرور الوقت، بدأ الفرنسيون أنفسهم يتردّدون، خصوصاً مع انضمام أقطاب من القيادة العسكرية التي كانت مؤيدة للرئيس إلى المجموعة التي انقلبت عليه، ومن بين هؤلاء مثلاً رئيس الأركان صدّيقو عيسى ميدو الذي كانت وُقّعت باسمه وثيقة تعطي الإذن لفرنسا بالتدخل، يضيف المصدر نفسه.
وبرّر الفرنسيون حينها، على لسان مصدر منهم، تردّدهم ثم تراجعهم عن العملية العسكرية بالقول: “كان ينقص شرط لا بدّ منه للقيام بها، كان يمكننا أن ندعم قوات النيجر الشرعية ولكن بالتأكيد ليس وحدنا، فهذا ليس ممكناً، نحن لسنا في بلدنا، أفريقيا ليست لنا”، وكان ذلك تلميحاً واضحاً إلى عدم رغبة فرنسا في القيام بعملية عسكرية من دون دعم الولايات المتحدة، أو على الأقلّ من دون موافقتها.
Source link