العمر١٨عام كنت على علاقة محرمة مع فتى وخلونا ببعضنا وتم بيننا ما يسمى بالجنس الفموي اي ادخل خاصتة في فمي كنت احب الفتى وافعل اي شيء لارضائه قبل مدة ليست بقليلة تركنا وانا ندمت أشد الندم على مافعلته عندما كنت تحت تأثير وتبت إلى الله لكن هل يعد ما فعلته زنا؟وهل يقام عليه الحد؟وما الحال وماذا افعل علما ان الفتى طلب مني هذا وبعدها تركني هل يحاسبه الله تعالى على خداعي واستغلالي؟ ام هذا ما اقترفته يداي واحاسب
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فما ورد في السؤال هو نتيجة حتمية للاختلاط والعلاقات المحرمة التي هي محض استِدْراج من الشَّيطان؛ وقد قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [النور: 21]؛ ومن أجل ذلك كان سدّ الذَّرائع إلى الحرم من مقاصد الشَّريعة الإسلامية؛ فأمر الله تعالى بغض النَّظر، وحرم الخلْوة، ومسّ المرأة الأجنبية، وغير ذلك من المحرَّمات؛ فقال الله – سبحانه وتعالى -: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30]، وقال النَّبيُّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لا يخلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلاَّ ومَعَها ذو محرَم))؛ متَّفق عليه.
وإن كان ما ورد في السؤال يسمى زنًا مجازًا، بخلاف الزنا الحقيقيُّ، الذي هو تغْيِيب الحشَفة – وهي رأْس الذَّكَر – في فرْج المرأة، وهذا النَّوع هو الذي يُوجِب الحدَّ الشَّرعي.
وأمَّا الزِّنا المجازي، فهو كما قال النَّبيُّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((كُتِبَ على ابْنِ آدم نصيبُه من الزِّنا، مُدرِكٌ ذلك لا محالة، فالعَيْنان زِناهُما النَّظر، والأُذُنان زناهُما الاستِماع، واللِّسان زناه الكلام، واليد زِناها البطْش، والرِّجْل زِنَاها الخُطَى، والقلب يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرج ويُكَذِّبُهُ))؛ متَّفق عليْه عن أبي هُريْرة.
ومن سَعَة رحْمة الله بعبادِه أنه فتح باب التوبة للمذنبين مهْما بلغ ذنبُهم؛ فقال – سبحانه وتعالى -: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 53]، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان:67-70]، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور31].
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها))؛ رواه مسلم من حديث أبي موسى.
وأخرج الترمذي وغيره عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي)).
فالواجب المسارعةُ بالتوبة النصوح، والاستغفار، والندم على الذنب، مع الابتعاد عن الأسباب الجالبة للذنب، والعزمُ على عدم العود إليه، مع الإكثار من الأعمال الصالحة، ومخالطة أهل الخير، ومجانبة أهل الشر؛ قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [سورة هود: 114،115].
قال الحافظ ابنُ حجر في “فتح الباري”(10/487): “وإذا تَمحَّض حقّ الله، فهُو أكرم الأكرَمينَ ورحْمَتُه سبقتْ غضبَه، فلذلك إذا ستَره في الدنيا لم يَفْضَحْهُ في الآخِرة، والذي يُجاهِر يفوته جَميع ذلك”.
أما هذا الشاب فلم يجني عليك وإنما هو دعاك للشر وأنت استجبتِ له باختيارك، فأنت من جَنَيت على نفسك، ومن قِبَلِ نفسك قد أُتيتِي؛ فَيَدَاكِ أَوْكَتَا، وَفُوكِ نَفَخَ، وكما قالت العرب؛ لا يحزنك دمٌ أراقه أهلُهُ،، والله أعلم.
Source link