إن إفساد المرأة على زوجها، أو إفساد الرجل على زوجته، من أشد الفيروسات التي تُهدِّد الحياةَ الزوجية، وله آثار سلبية، وعواقبُ وخيمة على الأُسْرة والمجتمع، قد يفعلها بعض الناس جهلًا بحكمه وعواقبه
إن إفساد المرأة على زوجها، أو إفساد الرجل على زوجته، من أشد الفيروسات التي تُهدِّد الحياةَ الزوجية، وله آثار سلبية، وعواقبُ وخيمة على الأُسْرة والمجتمع، قد يفعلها بعض الناس جهلًا بحكمه وعواقبه، وقد يفعله البعض متعمدًا وعالمًا بخطورته، ومدى نهايته على الزوج والزوجة.
يا عباد الله: كم من صديق أو قريب أفسد وخبَّب صديقه على زوجته! وكم من صديقة أو قريبة أفسدت وخبَّبت صديقتها على زوجها، سواء أكان هذا الصديق ذكرًا أو أنثى، عالمًا أو جاهلًا! وقد يكون هذا التَّخْبِيبُ والإفساد باللقاءات أو بالمكالمات، أو عن طريق الفضائيات، أو عن طريق التواصل الإلكتروني.
جاء في صحيح الترغيب عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من خبَّبَ امرأةً على زوجها، أو عبدًا على سيِّدِه».
وفي رواية أخرى في صحيح الترغيب؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من خبَّب عبدًا على أهله، فليس منا، ومن أفسد امرأةً على زوجها، فليس منا».
يا عباد الله: تقول فتاة: “كانت صديقتي تتردد عليَّ باستمرار، وفي كل مرة تحاول إقناعي بالحذر من زوجي، وأن عليَّ القيامَ بتفتيش جوَّاله وثيابه؛ لأن معظم الرجال خَوَنة، ولهم علاقات خارجية مع نساء، ولم تكتفِ بذلك، بل كانت تحرِّضني على معاملته بشكل سيئ؛ ما تسبَّب في حدوث مشاكل زوجية بيننا وصلت للانفصال، وبعد مرور عدة أشهر، اكتشفت أن صديقتي كانت تقوم بتحريضي على زوجي؛ لأنها تعيش حياة زوجية غير مستقرة”.
أيها المسلمون: وللتخبيب أشكال وألوان، يمارسها من يقصِد إلى إفساد العلاقة؛ ومنها:
أولًا: أن يتعمَّد الْمُفْسِدُ أن يذكر فلانًا أو فلانة من الناس بأحسن العبارات وأجملها أمام أحد الزوجين، ويتعمد ذكر الصفات الحسنة، التي تعاني الزوجة أو الزوج من فقدِها في الطرف الآخر؛ حتى يتعلق قلب الزوج أو الزوجة بهذا الشخص، ويكره شريك حياته.
ثانيًا: أن يقصد المفسد بتخبيب الزوجة الرغبة في الزواج منها، وكذلك من النساء من تخبِّب الرجل على زوجته؛ رغبة في الزواج منه.
ثالثًا: السعي بين المتزوجين بالغِيبة والنميمة وبالكلام البذيء؛ رغبة في التفريق بينهما، إما بسبب الحقد، أو الحسد، أو موقف قديم بين الأسرتين، أو حتى بين الأولاد.
رابعًا: مدح الأجنبيات أمام الرجل، وأن له تجارِبَ جميلةً وسعيدة مع هذا البلد وتلك الدولة، ويكون التخبيب بقصد أو غير قصد، لكن نهايته فساد الأسرة.
خامسًا: أن يتم استشارة مُصْلِحٍ أو مصلحة جاهلَينِ بالعلاقات الزوجية وعلاجها، سواء بالاتصال أو عن طريق الإنترنت، فيذكرا للزوجة أو الزوج علاجًا يكون فيه هدم الأسرة وتشتيتُها.
سادسًا: الاستماع أو مشاهدة بعض الفاشلات في الحياة الزوجية، والناقمات على الرجال، والْمُدَّعِيَات للحرية والانفتاح، والمتأثِّرات بالحياة الغربية، وجعلهن كقدوات للنساء العفيفات، فتبدأ المشاكل من الزوجة مع زوجها حتى تصل للانفصال.
جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن إبليسَ يَضَعُ عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنةً، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرَّقت بينه وبين أهله، فيُدنيه منه، ويقول: نعم أنت».
إن الحياة الزوجية أساسُها يقوم على المودة والمحبة، والأُلفة والرحمة، مع القيام بالواجبات والحقوق، فإذا قصَّر أحدهما، وجب على الآخر التجاوُزُ والتغافُلُ، ولا ينبغي كثرةُ التدقيق والمحاسبة في كل صغيرة وكبيرة، إلا في حال الضرر المستمر لأحدهما.
يا عباد الله: وهنا أنصح كلًّا من الزوجين بالآتي:
أولًا: الحذر من صاحب السوء مهما كان قربه أو بُعْدُه منك، سواء كانت نصيحته عن طريق الإنترنت، أو بالاتصال، أو باللقاءات.
ثانيًا: الحذر من التعلق بما تشاهدونه في القنوات الفضائية أو في التطبيقات الإلكترونية، من أن الزواج كافيهات وسفريات، ونزهات وعلاقات رومانسية فقط، وخاصة من المشاهير الفاسدين والفاسدات، ومحاولة التشبُّه بهم.
ثالثًا: عدم التسرُّع باتخاذ قرار الطلاق من الزوج، أو طلب الخلع من الزوجة، بخاصة حديثو العهد بالزواج؛ لأنهم لم يتعوَّدوا على المسؤولية وقيود الحياة ومشاكلها.
رابعًا: استشعار المسؤولية، ومعرفة الحقوق والواجبات على الطرفين.
خامسًا: شكر الله على نِعَمِهِ، فكم محروم من الزواج ومن الأطفال، ومن الأسرة! والحرص على طاعة الله، والبعد عن المعاصي والذنوب.
قال صلى الله عليه وسلم: «لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً؛ إن سخِطَ منها خُلُقًا، رضِيَ منها آخر»؛ (رواه مسلم).
هذا، وصلوا وسلموا – عباد الله – على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم.
____________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش
Source link