والأذكار حصن للإنسان من وساوس الشياطين، ومن كل أذًى يمكن أن يحدث للمسلم؛ لذلك لا بد من المحافظة عليها.
{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17].
ما معنى الأذكار؟
هي الأدعية، وكل ذكر لله من تهليل وتكبير، الذكر هو دعاء أو صلاة لها صيغة محددة مخصوصة بوقت معين؛ بهدف التقرب إلى الله عز وجل، وطلب الحماية من الله الحفيظ.
والأذكار حصن للإنسان من وساوس الشياطين، ومن كل أذًى يمكن أن يحدث للمسلم؛ لذلك لا بد من المحافظة عليها.
وما الدليل على وجوب الذكر؟
ودليل أذكار الصباح والمساء من القرآن؛ قال تعالى في كتابه الكريم: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130]، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]، {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17].
وما هي فوائد الذكر؟
ذَكَرَ الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم (الوابل الصيب) للذكر أكثر من سبعين فائدة؛ منها: أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسِره، ويُرضي الرحمن عز وجل، ويُزيل الهم والغم والحزن، ويجلب للقلب الفرح والسرور والبسط، ومنها: أنه يقوِّي القلب والبدن، وينوِّر الوجه والقلب ويجلب الرزق.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “الذكر للقلب كالماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟”.
ومن فوائد الذكر:
1- كسب الأجر والثواب الجزيل.
2- رضاء المولى عز وجل.
3- محبة الله عز وجل للعبد.
4- محبة العبد لخالقه سبحانه وتعالى.
5- مغفرة الذنوب والسيئات.
6- سعادة النفس وتذوق حلاوة الذكر ولذته.
7- حياة للقلب وطمأنينته.
8- انشراح الصدر.
9- الثبات عند مواجهة الأعداء.
10- النصر على الأعداء.
11- الحفظ من كل سوء.
12- رفعة المنزلة في الدنيا والآخرة.
13- نور في الوجه.
14- قوة في الجسم.
15- البراءة من النفاق.
16- كسوة الذاكر المهابة.
17- النجاة من عذاب القبر.
18- جلب النعم ودفع النقم.
19- مضاعفة الحسنات.
20- زوال الهم والغم.
21- جلب الرزق.
22- نزول الرحمة والسكينة.
وما أجر الذاكرين والذاكرات؟
جاء عن عطاء بن يسار قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( «ثلاثة لا يُرَدُّ دعاؤهم: الذاكر الله كثيرًا، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط» ))؛ أي: العادل، فجعل أولهم الذاكر الله كثيرًا، فمن أكْثَرَ مِن ذِكْرِ الله، فلن يرد الله عز وجل دعاءه، إنما يستجيب له.
يقول تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]؛ يقول الشيخ السعدي: “فجازاهم على عملهم بالمغفرة لذنوبهم؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات، {وَأَجْرًا عَظِيمًا} لا يقدر قدره، إلا الذي أعطاه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر”.
كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحافظ على الذكر؟
كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها، وقد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
كيف كان حال السلف مع الذكر؟
جاء عن مجاهد رحمه الله: “لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، حتى يذكر الله قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا”.
وسُئِل ابن الصلاح عن القدر الذي يصير به العبد من الذاكرين الله كثيرًا، فقال: “إذا واظب على الأذكار المأثورة صباحًا ومساءً، وفي الأوقات والأحوال المختلفة، ليلًا ونهارًا، كان من الذاكرين كثيرًا”.
ما الأسباب الْمُعِينة على المداومة على الذكر؟
1- يحاول حفظ القدر الأكبر من هذه الأذكار؛ ليستطيع ذكرها في سيارته أو في طريقه لعمله أو دراسته، دون الحاجة لكتاب.
2- الوقوف على معاني هذه الأذكار الشرعية، فكثير من الناس يقرأ هذه الأذكار، ولا يدري عن معانيها، مما يجعل تأثيرها في إصلاح القلب ضعيفًا أو معدومًا.
3- تخصيص وقت معين في الصباح والمساء يحافظ فيه على الأذكار الواردة، ويترك كل ما يشغله عنها.
4- ترك تأجيل هذه الأذكار بعد تذكُّرها، فالتسويف في مثل هذه الحالات قد ينسيها.
5- الوقوف على ما جاء في الكتاب والسنة من الأجور الجزيلة للذاكر في الدنيا والآخرة، وهو بلا شك مما يحفز على التذكر لها وعدم إهمالها.
6- الابتعاد عن الذنوب والمعاصي؛ ليظل القلب سليمًا صافيًا يشتاق لذكر الله.
7- الحرص على التدرُّج في ذكر هذه الأذكار، فلا يضع لنفسه برنامجًا يقرأ فيه جميع ما ورد في كتاب يحتوي على هذه الأذكار حتى لا يشق على نفسه، ويكون ذلك سببًا لتركها، بل يقرأ شيئًا يسيرًا ليتذوق حلاوة الذكر، ويتدرج في الزيادة شيئًا فشيئًا.
8- أن يُكْثِرَ من قراءة سير العابدين المجتهدين في ذكر الله تعالى؛ ليكون ذلك محفزًا له، فيقتدي بهم، ويجتهد كاجتهادهم.
9- أن يوصي زوجته وأبناءه وأهله بأن يذكر كل واحد منهم الآخر بهذه الأذكار، فالمؤمن قوي بأخيه.
10- أن يحرص على الصحبة الصالحة التي تُعينه على ذكر الله، وتُذكِّره بالأذكار والطاعات.
ما هي أذكار الصباح والمساء؟ وما هي أوقاتها؟
هي أذكار لها صيغة محددة؛ لأنها وردت بكلماتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحب عدم الزيادة أو النقصان عن هذه الصيغة، وقد عيَّن لها أوقاتًا محددة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدَّد لها وقتًا معينًا، سواء كانت أذكار الصباح وأذكار المساء، أو أذكارًا عقب الصلوات.
وقد اجتهد علماء المسلمين بشأن بعض الأمور المتعلقة بالأذكار:
• من فاته وقت أذكار الصباح والمساء بأن يجوز قضاؤها في غير وقتها.
• ولا يشترط الترتيب في قولها.
• ولا إثمَ على مَن قطعها بعملٍ، ثم عاد في قراءة الأذكار مرة أخرى.
• ويمكن للذاكر أن يقول جميع الأدعية المأثورة أو يقتصر على بعضها.
• لا يشترط الوضوء عند قول أذكار الصباح والمساء.
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: “فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الإكثار من الذكر والتسبيح والتحميد في الصباح، قبل الظهر، من طلوع الفجر إلى الظهر، كل صباح، وبعد الظهر كله عشي، والعصر كله عشي، وأول الليل كله عشي، يُكْثِر من الذكر والتحميد والتهليل والتسبيح في هذه الأوقات، يرجو ثواب الله”.
ومن أذكار الصباح والمساء ما يلي:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255].
بسم الله الرحمن الرحيم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1 – 4].
بسم الله الرحمن الرحيم: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 1 – 5].
بسم الله الرحمن الرحيم: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس: 1 – 6]؛ (ثلاث مرات).
((أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ربِّ أسألك خيرَ ما في هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر ما في هذا اليوم وشر ما بعده، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكِبَرِ، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر))، [وإذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله]، [وإذا أمسى قال: رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة، وشر ما بعدها].
((اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور))، [وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير].
((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)).
((اللهم إني أصبحت أُشْهِدك، وأُشْهِد حَمَلَةَ عرشك، وملائكتك، وجميع خلقك، أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدًا عبدك ورسولك))؛ (أربع مرات)، [وإذا أمسى قال: اللهم إني أمسيت…].
((اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خَلْقِك، فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر))، [وإذا أمسى قال: اللهم ما أمسى بي…].
((اللهم عافِني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت، اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت))؛ (ثلاث مرات).
((حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم))؛ (سبع مرات).
((اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي)).
((اللهم عالمَ الغيب والشهادة، فاطرَ السماوات والأرض، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشِرْكِه، وأن أقترف على نفسي سوءًا، أو أجره إلى مسلم)).
((بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم))؛ (ثلاث مرات).
((رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا))؛ (ثلاث مرات).
((يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تَكِلْني إلى نفسي طرفة عين)).
((أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهـم إني أسألك خير هذا اليوم فتحَه، ونصره، ونوره، وبركته، وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده))، [وإذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله رب العالمين، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة فتحها، ونصرها، ونورها، وبركتها، وهداها، وأعوذ بك من شر ما فيها، وشر ما بعدها].
((أصبحنا على فطرة الإسلام، وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى ملة أبينا إبراهيم، حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين))، [وإذا أمسى قال: أمسينا على فطرة الإسلام…].
((سبحان الله وبحمده))؛ (مائة مرة).
((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))؛ (عشر مرات)، أو (مرةً واحدةً عند الكسل).
((لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير))؛ (مائة مرة إذا أصبح).
((سبحان الله وبحمده: عدد خلقه، ورضا نفسه، وزِنَةَ عرشه، ومِدادَ كلماته))؛ (ثلاث مرات إذا أصبح).
((اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبلًا))؛ (إذا أصبح).
((أستغفر الله وأتوب إليه))؛ (مائة مرة في اليوم).
((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق))؛ (ثلاث مرات إذا أمسى).
((اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد))؛ (عشر مرات).
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
تفسير السعدي، الطبري، موقع الشيخ ابن باز، موقع الشيخ السبت، حصن المسلم.
_____________________________________
الكاتب: نورة سليمان عبدالله
Source link