منذ حوالي ساعة
إنَّ من الأمور المؤلمة للنفس المؤمنةِ أن ترى حال المسلمين من تفرق وتنازع بل وتقاتل، وموالاة البعض لأعداءِ الله وتعاونهم معهم على إخوانهم في الإسلام…
إنَّ من الأمور المؤلمة للنفس المؤمنةِ أن ترى حال المسلمين من تفرق وتنازع بل وتقاتل، وموالاة البعض لأعداءِ الله وتعاونهم معهم على إخوانهم في الإسلام، وتزعم بعض الدعاة بثَّ الفتنةِ بين المسلمين بعضهم البعض، حبًّا في الشهرة وحبًّا في عرَض هذا الأدنى من الدنيا وفتاتها، فهل قرأ هؤلاء قولَ الله عز وجل: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].
أي كونوا- أيها المؤمنون- ثابتين ومستمرين على ذكر الله وطاعته، ولا تنازعوا وتختصموا وتختلفوا، فإن ذلك يؤدى بكم إلى الفشل؛ أي الضعف، وإلى ذهاب دولتكم، وهوان كلمتكم، وظهور عدوكم عليكم.
وهذا ما نحن فيه الآن من الضياع والهوان وتحكم الماسونية العالمية في كل شئون المسلمين، وأصبحت خيوطه العنكبوتية والأخطبوطية في كل جسد الأمة.
ربكم يناديكم للتوحد وعدم الفرقة والاختلاف.
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103].
فهل سعيتم إلى ذلك بإخلاص نية لله فيوفقكم الله لما يحب ويرضى؟ أم بحثتم عن نقاط الاختلاف وعملتم عليها بقوة وبطرقٍ منفرة لغيركم من المسلمين، فتمسك هو الآخرُ بما هو عليه، فحدثت هذه الفرقة والتشرزم.
واللهُ قد حذَّركم من ذلك: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105]؛ فأين حكمة الدعوة واتباع أمر الله فيها؟ ألا تخافون قول ربكم: {وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ؟.
هذا والمتأمل في هاتين الآيتين يراهما قد رسمتا طريق الفلاح والظفر.
فعلى كل مخلصٍ لدعوته العمل على توحيد صف المسلمين، ولا يجعل محاربته للبدعِ، ببدعٍ مثلها، فيشبه أهل البدع فيتمحور حول قضية بعينها يوالي ويعادي عليها، ويأخذ جانبًا من الدين يغالي فيه ويخرج فيه عن القصد؛ فإن ذلك هو طريق أهل البدعة من قبل.
وعليكم بالرفق والحكمة؛ قال الله تعالى لرسوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].
أيها المسلم انظر إلى رحمة ربك في أشد المواقف حرجًا وخطرًا، وكن لينًا في دعوتك، فقيها في دعوتك، اقتدِ برسولك لا بغيره من المنفرين، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155].
وقال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152].
______________________________________________________
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى
Source link