شرح حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة

منذ حوالي ساعة

من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة…

 

د.إبراهيم بن فهد الودعان

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها؟ قال: نعم! وأرجو أن تكون منهم» “. [1]

 

من فوائد الحديث:

1- قوله: (زوجين) أي درهمين، أو دينارين، أو زوجين من أي شيء كان، قيل: ويحتمل أي يراد به الإنفاق مرة بعد أخرى، أي: جاعلا الإنفاق عادة له.

 

2- قوله: (في سبيل الله) قيل: هو على العموم في جميع وجوه الخير، وقيل: هو مخصوص بالجهاد. (والراجح أن أعمال البرّ كلّها يجوز أن يقال فيها في سبيل الله، ولا يخص بذلك الجهاد وحده). [2]

 

3- قوله: (خير) ليس اسم تفضيل، بل معناه هو خير من الخيرات، والتنوين فيه للتعظيم. فإن قلت: ما الفائدة في هذا الأخبار؟ قلت: فائدته بيان تعظيمه.

 

4- قوله: (من أهل الصدقة) أي: من الغالب عليه ذلك، وإلا فكل المؤمنين أهل لذلك. فإن قلت: ما وجه التكرار؟ حيث ذكر الإنفاق صدر الكلام، والصدقة في عجزه، قلتُ: لا تكرار. إذ الأول: هو النداء بأن الإنفاق- وإن كان بالقليل -من جملة الخيرات العظيمة وذلك حاصل من كل أبواب الجنة. والثاني: استدعاء الدخول إلى الجنة، وإنما هو من بابه الخاص به.

 

5- فضيلة عظيمة للإنفاق ولهذا افتتح به واختتم به.

 

6- قوله: (من ضَرُورة) الضرر والخسارة أي ليس على المدعو من كل الأبواب مضرة أي قد سعد من دعي من أبوابها جميعا.

 

7- أبو بكر رضي الله عنه يُدعى من كل باب إكراماً، وتخييراً له في الدخول من أيها أراد، لاستحالة الدخول من الكل معاً. [3]

 

8- للجنة ثمانية أبواب، وهذه الأبواب كل باب يخص بعمل؛ فالصدقة باب، والجهاد باب، فمن كان منفردًا بعد أداء فرائضه بباب واحد منها دعي من ذلك الباب، ومن كان بعد أداء فرائضه قد عامل الله عز وجل بها كلها، وسلك في جميعها بأسرها؛ فإنه ينادى منها كلها، وكان ممن ينادى منها كلها أبو بكر الصديق رضي الله عنه بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له.

 

9- أما السر في النداء من الأبواب؛ فإن أهل كل باب عرفوا عمارة المؤمن للطريق التي يدخل منها إلى ذلك الباب، فهم قد رأوا أن دخوله إلى الجنة من بابهم الذي قد عمر الطريق إليه. فإذا أقبل المؤمن وكان قد عمر الطرق إلى الأبواب عمارة يكون هو أهلًا يدخل من الباب الذي عمره، فنودي من الأبواب كلها في وقت واحد، فكلما كان لطريقه في دنياه أعمر كان دخوله إليها منه أحب إليه، وكان أبو بكر رضي الله عنه قد عمر الطرق كلها، والأبواب بأسرها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني أرجو أن تكون منهم). [4]

 

10- أفرد الصائمين بهذا الباب ليسارعوا إلى الري من عطش الصيام في الدنيا إكرامًا لهم واختصاصًا، وليكون دخولهم في الجنة هينًا غير متزاحم عليهم عند أبوابها، كما خص النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه بباب في المسجد يقرب منه خروجه إلى الصلاة ولا يزاحمه أحد، وأغلق سائرها إكراماً له وتفضيلاً.

 

11- العرب تسمى ما يبذله الإنسان من النفس نفقة تقول فيما يعلم من الصنعة أنفقت فيها عمري فإتعاب الجسم في الصلاة والصوم إنفاق، فإن قلت إنما هو نفقة الجسم لا غير لا زوجين قلت: لابد فيها من قوت يقيم به الرمق والثوب يستر به العورة فهو منفق للزوجين النفس والمال، وقد يكون الإنفاق في الصلاة ببناء المسجد، وفي الصوم بتفطير الصوّام عنده.

 

12- إنّ الغاية هي دخول الجنة. [5]

 

13- أبو بكر رضي الله عنه يسبق دائما في ميادين الخير كلّها.

 

14- أبو بكر رضي الله عنه رجلٌ بأمّة.

 


[1] صحيح البخاري 1/ 53 رقم 1897. صحيح مسلم 2/ 711 رقم 1027.

[2] شرح صحيح البخاري لابن بطال 4/ 15.

[3] من 1-7 مستفاد من الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري للكرماني 9/ 82 ومابعدها.

[4] من 8-9 مستفاد من الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة 6/ 216 ومابعدها.

[5] من 10-12 مستفاد من شرح صحيح البخاري لابن بطال 4/ 15.

 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح دعاء الهم والحزن – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، وضَلَعِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *