وللتعامل مع المراهق الغامض أنصحكم بالآتي: لا تنزعج من غموضه – أعطِه المساحة والفرصة ليعبِّرَ عن وجهة نظره – استخدم الأسئلة المفتوحة – لا تستعجل في التغيير – قدِّم له الدعم والاهتمام والكلمة الطيب …”
الشخصية الغامضة هي التي تميل إلى الهدوء وقلة الكلام، والانعزال عن الناس؛ ما يجعل الآخرين في فضول دائم ومستمر لمعرفة المزيد عنها، ومرحلة المراهقة من المراحل التي يكتنفها بعض الغموض على الآباء والأمهات، ما يجعلهم يتعجبون من غضب المراهق وانزعاجه، وعدم رغبته في التحدث معهم، بل يجعل المراهق يعتقد أنك لن تفهمه، ولن تستطيع مساعدته، وأي نصيحة منك لن تكون مقبولة أو موثوقة.
تقول أحداهن: أخي غامض مع الجميع، يرفض الذهاب إلى المدرسة، رغم أنه متفوق ويحب الدراسة، ليس له أصحاب، إذا كلَّمته هاجمني، وصرخ في وجهي، واتهمني أني أكرهه، حاولت مع أمي أن أتعرف على شخصيته، وما يحبه وما يكرهه، لكني عجزت، أرشدوني.
أيها الآباء، وأيتها الأمهات، فرقٌ كبير بين أن يُخفي المراهق بعضَ الأسرار عن الآخرين، حتى عن المقربين، وبين أن يحاول أن يضفي على حياته غموضًا مصطنعًا متكلِّفًا باردًا؛ بقصد فرض الانتباه إليه، أو تحقيق بعض المكاسب النفسية أو الاجتماعية أو المالية.
وتتصف الشخصية الغامضة بإخفاء الحب أو الكره للآخرين بسبب الخجل أو عدم القدرة على التعبير، والقدرة على الاحتفاظ بالأسرار الخاصة به أو الخاصة بغيره، والتستر على عيوب الناس وعدم البحث أو الخوض في عيوبهم، والافتقار إلى وجود الأصدقاء، والاحتياج إلى وقت طويل للوثوق بالأشخاص المحيطين به، والقدرة على ضبط النفس والتحكُّم في انفعالاته، والهدوء والسَّكِينة، إلا إذا حاول أحدهم إيذاءه أو التعرُّض إليه، فإنه يتحول إلى وحش مفترس، وكتمان مشاعره أمام الآخرين، والمكابرة وعدم الاعتراف بالتعب أو المرض.
وللتعامل مع المراهق الغامض أنصحكم بالآتي:
• لا تنزعج من غموضه أو عدم اهتمامه بالحديث الذي يدور حوله؛ فهو لا يفضِّل الأحاديث المتكررة.
• أعطِه المساحة والفرصة ليعبِّرَ عن وجهة نظره، فهو ليس من أولئك الذين يفرضون أنفسهم على الناس.
• استخدم الأسئلة المفتوحة، وكن مهتمًّا بما يقوله ويهتم به، وكن واضحًا في تواصلك معه.
• استمع بتركيز وانتباه لِما يقوله، ولاحِظْ تفاصيلَ وملامح وجهه وحركاته؛ فقد تستنتج أشياء لا يستطيع التعبير عنها.
• لا تحاول أن تخترق مساحته الخاصة بزيارة مفاجئة لغرفته، أو الاطلاع على جواله أو كتبه دون علمه؛ فهو لا يرحِّب بهذه التصرفات، بل عليك احترام مساحته الخاصة.
• الغامض لا يحب التجمعات الكثيرة؛ لذا إذا أحببتَ الحوار معه، فلا تَدَعْ لغيرك الحضور، أو الحوار في مكان مزدحم.
• لا تُقدِّم الافتراضات السلبية عند التعامل معه، بل قدِّم له العذر لِما سمعته أو رأيته؛ فقد يصعب عليه إيصال الفكرة، أو أنك لم تفهم وجهة نظره.
• لا تستعجل في تغيير المراهق الغامض؛ فهو يحتاج إلى صبر ووقت طويل حتى تنمو الثقة بينكما، وتكون علاقتكما طبيعية وشفافة.
• لا تنزعج من قلة تواصله أو اتصاله عليك، أو السؤال عنك، أو تبادل المشاعر معه؛ فهو ليس من أولئك الذين يُفضِّلون إظهارَ مشاعرهم بشكل علني.
• اسأل نفسك: هل هذه طبيعته منذ صغره أو أنه تغير عليك؟ حاول أن تبحث عن سبب غموضه، فقد يكون مرَّ بتجرِبة سابقة، غيَّرت مشاعره وتفكيره.
• إذا لاحظتَ أن المراهق يمر بحالة صعبة، أو يعاني من مشكلة، قدِّم له الدعم والاهتمام والكلمة الطيبة، فهو محتاج لك في هذا الظرف، ولا تنتظر منه أن يطلب منك المساعدة.
• استَشِرِ المختصين؛ ليساعدوك في التعامل مع هذه الشخصية، وانتبه من مُدَّعي المعرفة؛ حتى لا يزيدوا من تفاقم المشكلة.
• تذكَّر أن الشخصية الغامضة تحتاج إلى صبر وتفهُّم، وتعلُّم واحترام، فقد ييأس بعض الْمُرَبِّين من هذه الشخصية ويتعب معها، إلا أنه من خلال التواصل الفعَّال، وبناء القيم، والتفاهم، وحسن التعامل، تتحسن العلاقة معه.
أسأل الله العظيم أن يصلح أولادنا، وأن يجعلهم هداة مهتدين على سيرة حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش
Source link