منذ حوالي ساعة
ما حكم من قام بالعمرة و فى نيته أنها عمرة و طاف و سعي لكن لم يحرم حيث كان جاهلا ولا يعلم أنه يجب أن يحرم ؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فقد دلّ الكتاب والسنة واتفاق أهل السنة أن الحكم الشرعي لا يثبت في حق المكلفين إلا بعد البلاغ -الحجة الرسالية- وخالف في هذا الأصل الكبير المعتزلة.
كما أن الراجح من قولي أهل العلم أن كل من جهل حكمًا شرعيًا، أو أحد واجبات العبادة المعية، أو جهل أحد شروطها= فلا يجب عليه قضاء ما فاته من العبادات؛ وقد رجح عدم الوجوب وقرر هذا الأصل شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من مصنفاته.
جاء في “مجموع الفتاوى” (22/ 41-45): “والأظهر أنه لا يجب قضاء شيء من ذلك، ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلاغ، لقوله تعالى {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } [الإسراء: 15] ولقوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، ومثل هذا في القرآن متعدد، بين سبحانه:
أنه لا يعاقب أحدًا حتى يبلغه ما جاء به الرسول. ومن علم أن محمدًا رسول الله فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرًا مما جاء به لم يعذبه الله على ما لم يبلغه؛ فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان بعد البلوغ، فإنه لا يعذبه على بعض شرائطه إلا بعد البلاغ أولى وأحرى؛ وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المستفيضة عنه في أمثال ذلك:
فإنه قد ثبت في الصحاح أن طائفة من أصحابه ظنوا أن قوله تعالى:{الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187]، هو الحبل الأبيض من الحبل الأسود، فكان أحدهم يربط في رجله حبلاً، ثم يأكل حتى يتبين هذا من هذا، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بياض النهار، وسواد الليل، ولم يأمرهم بالإعادة.
وكذلك عمر بن الخطاب وعمار أجنبا، فلم يصل عمر حتى أدرك الماء، وظن عمار أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء فتمرغ كما تمرغ الدابة، ولم يأمر واحدًا منهم بالقضاء.
وكذلك أبو ذر بقي مدة جنبًا لم يصل، ولم يأمره بالقضاء، بل أمره بالتيمم في المستقبل.
وكذلك المستحاضة قالت: إني أستحاض حيضة شديدة تمنعني الصلاة والصوم، فأمرها بالصلاة زمن دم الاستحاضة، ولم يأمرها بالقضاء.
ولما حرم الكلام في الصلاة تكلم معاوية بن الحكم السلمي في الصلاة بعد التحريم جاهلاً بالتحريم، فقال له: “إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين”، ولم يأمره بإعادة الصلاة… وثبت عنه في الصحيحين أنه سئل – وهو بالجعرانة – عن رجل أحرم بالعمرة، وعليه جبة، وهو متضمخ بالخلوق، فلما نزل عليه الوحي قال له: انزع عنك جبتك، واغسل عنك أثر الخلوق، واصنع في عمرتك ما كنت صانعًا في حجك”، وهذا قد فعل محظورًا في الحج، وهو لبس الجبة، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بدم ولو فعل ذلك مع العلم للزمه دم“. اهـ.
وعليه؛ فما دام الحال كما ذُكر أن هذا الرجل كان يجهل وجوب الإحرام من الميقات، فعمرته صحيحة ولا يجب عليه دم؛ لأن الإحرام لم يجب عليه قبل العمرة لتخلف شرط العلم،، والله.أعلم.
Source link